الأحد، 26 أغسطس 2018

الهول - هول الليل - أساطير


الهول ، هول الليل  

الهول ، ويعرف في بعض المناطق بهول الليل   ، يظهر في المناطق المنعزلة ما بين المدن وفي الخبوت بين جدة والمدينة ومكة ووالطائف ، يذكر أحمد قنديل أنه خال الدجيرة وشقيق الهمية وصهر البعبع ، وهو مختص بإدخال الرعب والفزع والرعب في قلوب الرجال وحدهم دون النساء والأطفال ، وهو يتعرض للسائر في البر ليلا وبالليالي المظلمة التي لا قمر فيها ولا بدر حيث يبدو من بعيد وهو يحمل فانوسا يتراى نوره لعين السائر فيتبع الرجل الضوء معتقدا أنه ضوء لضاحية أو قرية فيتنقل الهول من جهة إلى أخرى ليتلاعب بالرجل وبأعصابه وليثير الرعب في قلبه ، وفي النهاية يظهر إلى ضحيته ليظهر على شكل وجه غريب مشوه مفزع لا يمكن النظر إليه مع إصدار صرخات مدوية من شدقه الواسع فيسقط ضحيته من هول ما رأه ([1]).
ويذكر عبد العزيز عمر أبو زيد أنه مخلوق مفزع وله أقدام طويلة ومظهره مخيف ويستقصد الرجال عند ذهابهم لأماكن خارج أسوار المدينة أومن أراد السفر للمناطق المجاورة حيث يقفلهم في الخلاء من مسافة بعيدة وبيده فانوسًا مضيئا فيستبشرالراحل بالاقتراب منه للاستدلال على سلامة المسير وإلى الجهة التي يريدونها ، فيسير المسافر خلف الضواء أملاً في الوصول إلى الجهة التي يرغبون فيها فيقودهم هول الليل لطريق مخالف ويأخذهم إلى جهة بعيدة موحشة ([2])، وبهذا الوصف فإن دور الهول هو تضليل المسافرين وهذا الدور يعرف عن الغول في الأدب العربي القديم  ، كما أن إضائة الأنوار يشبه ما يعرف عن المذهب الذي يأتي إلى النساك كمايذكر الجاحظ [ انظر مادة ( المذهب ) ] .
وقد تحدث عن هول الليل أحمد قنديل كما ذكرنا من نقبل كما ذكره الأديب والرائد عبد القدوس الأنصاري حيث ينقل أبو زيد عن الكاتب يحيى باجنيد أنه سمع المؤرخ الشيخ عبد القدوس الأنصاري يرحمه الله يروي قصة رحله له من جدة إلى المدينة قبل السفلتة تاه فيها الركب في الخبت وضل الطريق ، فاهتدى إلى أنوار بعيدة هي أشبه بأعراس البادية فقصدوها لالتماس الطريق الصحيح وحينما وصلوا إليها لم يجدوا شيئا ، فباتوا في مكانهم في انتظار نور النهار ([3]) . 
ويعرف هذا الجني في المنطقة الجنوبية ويقوم بمطاردة الأطفال وتعينه في هذه المهمة جنية أخرى " أم ليول "([4]).
ويورد مفرج بعض حكاياته يقول مفرج السيد : ((الهول والدِّجَيْرَه يقال أنهما جنيان يخرجان لبعض الناس، والسِكِن نوعيه من الجن يسكنون بالعراء والمساكن الخربه، والسِّعْر والسِّعْلي والْهَرْش أنواع من السعلاه آكلة لحوم البشر، وللهول والسعلي قصص كثيرة أوردتها في فصل القصص ولكني أورد هنا قصة ذكرها لي شخص أعرفه بالصدق وقد رواها عن نفسه، قال: خرجنا بعد المغرب من بدر نريد أهلنا في الخبت وكنت أمشي طُرْقِياً والطرقي هو الذي يمشي على رجليه مع أهل حمير ومنهم أخوك - ويعني أخي أنا - فكنت أتقدمهم على الطريق ثم أجلس في رمله أنتظرهم حتى يأتوا، وهكذا دواليك، وفي مرة أخذني النوم مع التعب وطيب الهواء، ولما صحوت وجدتهم قد فاتوني فمشيت على الطريق وراءهم وفجأة ظهر لي شخص طويل القامه بحيث أكاد لا أرى رأسه فانحيت إلى جهة أخرى من الطريق فرأيته أمامي وهكذا فكلما انحرفت إلى جهة رأيته أمامي وكان معي قُصْلَه فهززتها في يدي وأعطيته رأسي ولما رأى العزم والتصميم أختفى من طريقي ولحقت بجماعتي، والقصله أو الْقُطْلَه عصا قصيره غليظة، قال: ومرة كنا نسكن بجوف النخل وجئت بعد صلاة المغرب من القرية لأذهب إلى أهلي بجوف النخل وأتيت من طريق يخترق النخل من جانب المسجد فرأيت يدًا أمسكت بجدار إحدى البلدان وهو من جريد النخل فهزته هزَّا عنيفاً ورجعت من طريق آخر لا يمر بالنخل إلا قليلاً وخشيت ان يسبقني إلى هناك ويزعجني ولكن الله ستر ووصلت إلى منزلنا سالماً.
هاتان القصتان حكاهما لي هذا الشخص وهو صادق موثوق الرواية خاصة وهو يرويها عن نفسه وليس عن شخص آخر. )) ([5]) .
ويقول عبده خال : (( قصص الغول كثيرة ولا تحصى وكلها تتمحور حول ظهور شخصية تتمثل في أي صورة مهمته تضليل من يظهر له ، ويتخذ أشكالاً كثيرة حية وميته .
ويقال أن الهول ، هو مفرد وجمعه أهوال ، وهم ممن نجوا من إصابة الشهاب الثاقب الذي يقذف عليهم عند استراق السمع لمعرفة ما يدور في السماء ، ويكون الشهاب قد أصابهم إلا أنه لم يقتلهم لا شوههم ، ومهمة الهول الإغواء .
وقصص إغوائه جلها تتمركز في ارشاد من يسأله عن الطريق إرشاداً خاطئاً . )) ([6]).
وما ذكره هنا عبد خال من حديثه عن أن الهول من إغوائه في إرشاد من يسأل عن الطريق ، يعرف هذا في الأدب العربي قديماً عن الغول فالمسعودي يقول : ((الغول تتلون وتضلل: وذلك أنها كانت تتراءى لهم في الليالي وأوقات الخلوات، فيتوهمون أنها إنسان فيتبعونها، فتزيلهم عن الطريق التي هم عليها، وتتيههم. وكان ذلك قد اشتهر عندهم وعرفوه، فلم يكونوا يزولون عما كانوا عليه من القصد، فإذا صيح بها على ما وصفنا شردت عنهم في بطون الأودية ورءوس الجبال وقد ذكر جماعة من الصحابة ذلك، منهم عمر بن الخطاب، رضي الله عنه! أنه شاهد ذلك في بعض أسفاره إلى الشام، وأن الغول كانت تتغول له، وأنه ضربها بسيفه، وذلك قبل ظهور الإسلام، وهذا مشهور عندهم في أخبارهم. )) ([7]).
وقد أورد عبده خال بعض الحكايات ( خمس حكايات ) التي ترد عن الهول وذلك في كتابه ( قالت حامدة .. أساطير حجازية ) ([8]).

من كتابي ( معجم الأساطير ) 


([1]) أخذنا هذه المادة من موقع الأثنيلية والتي سجل فيها الأعمال الكاملة لمؤلفات الأستاذ أحمد قنديل .
([2]) الأسطورة في مدينة جدة ، ص 159 .
([3]) الأسطورة في مدينة جدة ، ص 161 .
([4])غازي القصيبي الجنية ص 37 .
([5]) من بحث لمفرج السيد ، بعنوان ( قاموس كلمات عامية ) .
([6]) قالت حامدة .. أساطير حجازية ، الحاشية [ 1 ] ، ص 561 .
([7]) مروج الذهب ج 2 ص 135 ، دار الهجرة ، قم .
([8]) قالت حامدة .. أساطير حجازية ، ص 561-565 .

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق