السعلاة
السعلاة هي الغول ، وقيل هي ساحرة الجن ، ويقال استسعلت
المرأة : صارت كالسعلاة خبثاً وسلاطة ، يقال ذلك للمرأة الصخابة البذيئة ، وقيل
إذا كانت المرأة قبيحة الوجه سيئة الخلق شبهت بالسعلاة ، وقيل السعلاة اخبث
الغيلان ، وقيل هي الأنثى من الغيلان ، وفي الحديث " أن رسول الله صله الله عليه وسلم قال :
لا صفر ولا هامة ولا غول ولكن السعالي " ، وقيل أن السعلاة سحرة الجن بمعنى
أن الغولا لا تقدر أن تغول أحد او تضله ، ولكن في الجن سحرة كسحرة الإنس لهم تلبيس
وتخييل وقد ذكرها العرب في شعرها ، قال الأعشى :
ونساء كأنهن السعالي
وقال لبيد يصف الخيل :
عليهن ولدان الرجال
كأنها
سعالي وعقبان عليها
الرحائل
وقال جران العود :
هي الغول والسعلاة
خلفي منهما
مخدش ما بين التراقي
مكدح
وشبه ذو الإصبع الفرسان بالسعالي فقال :
ثم اتبعنا أسود عادية
مثل السعالي نقائيل
نُزعاً ([1])
ويعدها البعض من أنواع الجن التي تتلون وتتماثل مع الغول وهي من
نساء الجن تتغول ايضا مثل الغول لتفتن السفار ، ويقال انها ساحرة الجن،وذكر أن في
الجن سحرة كسحرة الإنس لهم تلبيس وتخييل، وهم السعالى. وهم أقدر من الغيلان في هذا
الباب ، وقيل أن الغيلان جنس منها وأن الغيلان هي إناث الشياطين وأنها – أي السعالي –
أخبث الغيلان - ، كما يرى الدميري أنها اخبث الغيلان وأكثر ما تتواجد بالغياض
وانها إذا ظفرت بانسان تراقصه وتلعب به كما تلعب الهرة وبالفأر ، وزعم البعض ان
بعض العرب قد تزوج من السعلاة كما حدث مع عمرو بن يربوع بن حنظلة التميم ، وانجب منها أبناء، وأن عمرو
ذي الأذكار ابن ابرهة ذي المنار أمه الجنية عيوف ، ويقال عن السهلي أن السعلاة ما
يتراء للناس بالنهار والغول ما يتراءى للناس بالليل ، وقال القزويني : السعلاة نوع
من المتشيطنة مغاير للغول ، ويقال ان
الذئب قد يصطادها ليلا فيأكلها وإذا افترسها ترفع صوتها وتقول :أدركوني فإن الذئب
قد أكلني ، أو تحاول إغراءهم بقولها : من يخلصني ، ومعي ألف دينار يأخذها ، إلا
انهم يعرفون أنها السعلاة ، فلا يخلصها أحد فيأكلها الذئب . بينما يذهب القزويني
إلى " أنها نوع من المتشيطنة مغاير للغول " ، ومن العرب من يرى أن
السعلاة ما يتراءى للناس بالنهار والغول ما يتراءى لهم بالليل ، ومما يذكر هنا ان
المرأة إذا كانت حديدة الطرف والذهن سريعة الحركة ممشوقة ممحصة سميت سعلاة ، ويقال
استسعلت المرأة أي صارت سعلاة أي صارت صخابة بذيئة ، وعند العامة في وقتنا الحالي ايضا توصف المرأة القبيحة بالسعلية وايضا ذكر
ذلك في كتب اللغة ([2]) .
ويذكر
محمد بن سليمان اليوسفي أن هناك من يرى أن السعلاة ( السعلوة ) قد وجدت في الجزيرة
العربية وأنها هي الغوريلا وانها انقرضت بعد أن حفرت قناة السويس وانقطع تنقل
الحيوانات بين قارة أفريقيا وجزيرة العربية ولا توجد شواهد تؤكد ذلك ، مع العلم أن
السعلية كائن خرافي لا يوجد إلا في القصص والحكايات الشعبية يستخدمها كبار السن
لتخويف الاطفال ولذلك يصفون تلك الحكايات بانها ( حكي سعلوة ) بضرب المثل لأحاديث
الخرافات وما لا يقبله العقل والواقع ([3]).
ويذكر أمين
معلوف أن لهم في السعلاة أقوال كثيرة منها ان الغول الذكر من الجن والسعلاة من
الأنثى ويريدون بذلك أن الغول أعظم والسعلاة أصغر ، ويرى معلوف أن العلاة قد تكون
سعيريم الواردة في سفر اشعياء 13 : 21 ففي الترجمة
الأميركية – وكما يذكر
معلوغ – " فترقص
هناك معز الوحش " وفي الترجمة اليسوعية " فترقص هناك الاشاعر " وهي
أحسن لتأدية المعنى فإن علماء التوراء يظنون أن سعير شيطان أو صم له شعر كالمعز ،
ولعل لفظة السعلاة أيضا معناها شعراء أو زباء فالسين والشين واحد في اللغات
السامية والراءء واللام يتبادلان فالسعلاء والشعرا واحد([4]) .
ويذكر
الباحث البحريني حسين محمد حسين أن أمين معلوف قد حقق في كتابه معجم الحيوان اسم
السعلاة وخصه بنوع من القرود شبيه بالانسان يسكن في جزر الزابج ( أي سومطرة و
بورينيو ) واسمه الانجليزي ( Orang – utan ) واسمه العلمي ( Pongo Pygmaeus ) ، وقد تكون العرب أطلق اسم السعلاة على نوع من القرود إلا أن
اسم السعلاة تحول لاسم اسطوري واستبدل محتواه بمحتوى أسطوري مقتبس من حضارات قديمة
ويرجح جمال السامرائي أن السعلاة الأسطورية مساوية لأسطورة ليليث البابلية وهو
يقارن بين صفات ليليث والسعلاة فيقول عن صفات ليليث : " إن ( ليليث ) كلمة
بابلية – آشورية بمعنى أنثى العفريت ،
أنها تسكن الأماكن المهجورة ، تحول هذا اللفظ بعد ذلك من ليليث إلى ليل وهي ما
أصبحت تظهر ليلاً وعرفت بالجنية ليل ، تسكن الأماكن الخربة وموارد المياه وتظهر
كخارقة ليلية يغطي الشعر كل جسدها العاري ) ، لم يعرف شكل وطبيعة ( ليليث ) سوى
أنها كانت سبباً لجلب الشؤم " .وبعد ذلك صفات السعلاة المشابهة لليليث فيقول
: "تطابق الجنس فـ ( ليليث ) أنثى و ( السعلاة ) أنثى ، تطابق فكرة الشر في
داخل كل منهما ، تطابق أسلوب الحياة .. في الأماكن المهجورة ، تطابق كيفية اقتناص
( الضحية ) عن طريق القتل ومص الدماء بعدئذ ، وهو ما يسمى بـ ( الدامية ) في
التراث الموصلي في العهود المتأخرة "
.ويواصل قائلاً : " انتقلت فكرة ليليث بعدئذ إلى التراث العبري والإغريقي
وبالمضمون نفسه ولكن بأسماء مختلفة . ومما جاء نستنتج إن حضارة وادي الرافدين كانت
الأساس في تكوين هذه الشخصيات الواردة ضمن تراثها الغزير ، هذا التراث الذي أكد
دوماً العلم والمنطق بجانب المفاهيم الخارقة وصولاً إلى الشء المحرك للكون وإيجاد
الآلهات المتخصصات ، وعليه فإن الأساطير المتناقلة تؤكد على أن ليليث كانت ( تغوي
الرجال النائمين وتضاجعهم وبعد ذلك تقتلهم بمص دمائهم ونهش أجسادهم ) ، ولعل هذا
أول تصور عن ( السعلوة ) ، فهذا التصور الخرافي والذي تجسد في قصص وحكايات وأساطير
الشعوب كان بالأصل ضمن الموروث الميثولوجي في العراق القديم وبالتالي انتقلت هذه
الفكرة إلى حضارات العالم ومن ثم ابتعدت عن محتواها وجوهرها الأصلي وسميت بعدئذ
بالسعلاة . " ([5]).
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق