الخميس، 26 نوفمبر 2020

أساطير وخرافات الضب [ معجم الأساطير ]

 

حيوان بري معروف يشبه الورل ، ذكر الدميري عن ابن خالويه أن الضب لا يشرب الماء ويعيش سبعمائة سنة فصاعدا ، ويقال إنه يبول في كل أربعين يوم قطرة ، ولا تسقط له سن ويقال أن أسنانه قطعة واحدة ليست متفرقة ، ومن كلامهم الذي وضعوه على ألسنة البهائم :

ثم قالت السمكة : رد يا ضب ، فقال :

أصبح قلبي صرا

لا يشتهي أن يردا

إلا عرادا عردا

وصليا نا بردا

وقد سأل أبو حنيفة عن ذكر الضب قال : إنه كلسان الحية أصل واحد له فرعان ، وهم يزعمون أن أن الضب يتغذى بالنسيان ويعيش ببرد الهواء وذلك عند الهرم وفناء الرطوبات ونقص الحرارات ، وبينه وبين العقارب مودة فلذلك يؤويها في جحره لتلسع المتحرش به إذا أدخل يده لأخذه ، ومن طبعه النسيان وعدم الهداية وبه يضرب المثل في الحيرة ، ويوصف بالعقوق لأنه يأكل حسوله ( ولد الضب ) فلا ينجو منها إلا ما هرب ([1]).

وذكروا أن الضب إذا خرج من بين رجلي الإنسان لا يقدر على مباشرة النساء وقيل ينتفخ ذلك الإنسان  ، ويرى العزي أن وصف الجاحظ والدميري الضب بالعقوق لأنه يأكل حسوله فوهم ، لأن ذلك معناه فناء نوعه وأرى أن هذا  التعليل يجانبه الصواب فهم يربطون فعل بفعل الهرة التي تأكل أطفالها ورغم ذلك فلم يفنى نوعها ، ويرجح العزي صحة ما ذكره الجاحظ والقزويني والدميري من أن الضباب تكتفي ببرد النسم في غذاءها لأن الحيوانات ذوات الدم المتغير الحرارة ومنا الزواحف تصوب وتسبت عند اشتداد البرد أو عند شيخوختها وهرمها ، أما وصفه بطول العمر ففيه شيء من الصواب ولكن لا يصل إلى ما ذكره ابن خالويه ، اما ما ذكره الجاحظ والدميري من احتيال الضب بإعداده العقرب لكف المتحرش وما قاله الدميري من أن بينه وبين العقرب مودة فأسطورة لا وجود لها وربما ظهرت لأن العقرب قد تلجأ إلى أي جحر في الأرض بما فيها جحور الضب وأنه إذا مد أحدهم يده لأخذ الضب لسعته العقرب دفاعاً عن نفسها لا عن الضب ([2]) .

هو الحسل يعيش 100 سنة ثم تسقط سنه حينئذ ، يسمى ضبا وهو يعيش سبعمائة سنة فصاعدا ويبول في كل 40 يوم قطرة ولا تسقط له سن والعرب تزع أنه ليس من ضب إلا وفي جحره عقرب فهو لا يأكل ولد العقرب ، وتعتقد العرب أن للضب قضيبين ، وهو يهودي كان ماكسا قد مسخ الله الضب على الأرض والضب قاضي الطير والبهائم ، يقولون أنها اجتمعت إليه أول ما خلق الإنسان فوصفوه له فقال تصفون خلقا ينزل الطير من السماء ويخرج الحوت من الماء فمن كان ذا جناح فليطر ومن كان ذا مخلب فليحفر ، وفي محاورة لضب وسمكة قال : رد يا ضب ، فقال : أصبح قلبي صردا لا يشتهي أن يردا ، غلا عرادا عردا وصليانا بردا وعنكشا ملتبدا ، وفي محاورة أخرى من الحسل ،قال الضب للحسل أيام كانت الأشياء تتكلم : أهدما بيتك لا أبا لكا ، وأنا أمشي الدألا حوالكا ، وفي محاورة للضب مع ابنه قال الضب لابنه : إذا سمعت صوت الحرش فلا تخرجن ، فسمع الحسل صوت الحفر فقال : يا أبت هذا الحرش ، قال : يا بني هذا أجل من الحرش ([3]).

ومن أشهر الخرافات عند الأعراب كما تذكر المصادر التراثية تلك الخرافة التي تروى في المثل ( أرسح من ضفدع ) فتزعم أن الضفدع كان ذا ذنب فسلبه الضب ذنبه ، وقالوا أن سبب ذلك أن الضب خاصم الضفدع في الظمأ أيهما أصبر وكان الضب ممسوح الذنب فخرجا في الكلأ فصبر الضب يوما فناده الضفدع :

يا ضب وردا وردا

فقال الضب :

صبح قلبي صردا

لا يشتهي أن يردا

إلا عرادا عردا

وصليانا بردا

وعنكثا ملتبدا

فلما كان في اليوم الثاني ناداه الضفدع:

يا ضب وردا وردا

 فقال الضب:

أصبح فلبي صردا

 إلى آخر الأبيات، فلما كان في اليوم الثالث نادى الضفدع:

يا ضب وردا وردا

 فلم يجبه، فلما لم يجبه بادر إلى الماء، فتبعه الضب فأخذ ذنبه، وقد ذكره الكميت بن ثعلبة في شعره، فقال:

على أخذها عند غب الورود

وعند الحكومة أذنابها ([4])

وهم يقولون في الأمثال ( أروى من  ضب ) ويزعمون أنه إذا عطش استقبل الريح ففتح لها فاه فيكون ذلك ريه ، كما أنهم يقولون في الشيء الممتنع ( لا يكون كذا حتى يرد الضب ) و( لا أفعل ذلك حتى يحن الضب في أثر الإبل الصادرة ) ، وهذا ما لا يكون ([5]).

ومن القصص التي يوريها عبد الأعلى القاص في المثل يقال أن النون ( الحوت ) قال للضب حين رأى إنساناً في الأرض : إني قد رأيت عجباً ! ، قال : ما هو ؟ قال : رأيت خلقا يمشي على رجليه ويتناول الطعام بيديه فيهوي به إلى فيه ، قال : إن كان ما تقول حقا فإنه سيخرجني من قعر البحر وينزلك من وكرك من رأس الجبل ([6]) ، وهذه الحكاية تروى على أنها جرت بين النسر والحوت ([7]) .

وفي القصص الشعبي قريب من من هذا ، يذكر العبودي أن الضب كان لها عرفاً وأنه احتال على الديك فأعطى الديك عرفه وأخذ ذكره ليصبح الضب بذكرين ( عضوين جنسيين ) وأن الديك وفي صياحه : يقول : ( حَمَد ، حَمَد ، ليه ليه ) وحمد هو اسم الضب عند الديك ([8]) .

والضب من الحيوانات التي مسخت فيزعمون أن الرسول صلى لله عليه وسلم قال والصحابة قد طبخوا من الضباب : (إن أمة من بني إسرائيل مسخت دواب في الأرض وإني أخشى أن يكون هذا منها  ) ([9]) ، ويزعمون أن أن الضب كان يهوديا عاقا فمسخ ([10])، وأن الجري والضباب كانتا أمتين مسختا ([11])، كما يزعمون أن النبي صلى الله عليه وسلم سئل عن المسوخ فقال: هم ثلاثة عشرالفيل والدب والخنزير والقرد والجريث والضب والوطواط والعقرب والدعموص والعنكبوت والأرنب وسهيل والزهرة فقيل: يا رسول الله وما سبب مسخهن فقال: أما الفيل فكان رجلا جبارا لوطيا لا يدع رطبا ولا يابسا وأما الدب فكان مؤنثا يدعو الناس إلى نفسه وأما الخنزير فكان من النصارى الذين سألوا المائدة فلما نزلت كفروا وأما القردة فيهود اعتدوا في السبت وأما الجريث فكان ديوثا الرجال إلى حليلته وأما الضب فكان إعرابيا يسرق الحاج بمحجنه وأما الوطواط فكان رجلا يسرق الثمار من رؤوس النخل وأما العقرب فكان رجلا لا يسلم أحد من لسانه وأما الدعموص فكان نماما يفرق بين الأحبة وأما العنكبوت فامرأة سحرت زوجها وأما الأرنب فامرأة كانت لا تطهر من حيض وأما سهيل فكان عشارا باليمن وأما الزهرة فكانت بنتا لبعض ملوك بني إسرائيل افتتن بها هاروت وماروت ([12]).

ومن أمثال الضب : " أضل من ضب " ، " أعق من ضب " ، " أحيي من ضب " أي أطول عمرا ، " أجبن من ضب " ، " أبله من ضب " ، " أخدع من ضب " ، " أعقد من ذنب الضب "([13]).



([1]) حياة الحيوان الكبرى ، ج 2 ص 107 ، 108.

([2]) انظر : عزيز العلي العزي ، الحيوان في تراثنا بين الحقيقة والأسطورة ، ص 71 - 73  .

([3])معجم الأساطير والحكايات الخرافية الجاهلية ، ص 225 ، 226  .

([4]) انظر مجمع الأمثال ج 1 ص 315 ، 316 ، دار المعرفة .

([5]) انظر مجمع الأمثال ج 1 ص 315 ، دا المعرفة .

([6]) انظر الحيوان ، ج7  ، ص 207، دار إحياء التراث العربي  .

([7]) حياة الحيوان الكبرى ، ج 1 ، ص 379 ، ط2 ، دار الكتب العلمية .

([8])انظر : العبودي ، مأثورات شعبية ، ص 117- 123 .

([9])حياة الحيوان الكبرى ، ج 2 ص 110 .

([10]) تأويل مختلف الحديث ، ص 55 ، ط2 ، المكتب الاسلامي ، مؤسسة الاشراق.

([11]) الحيوان ، ج 1 ص 297.

([12]) الدر المنثور في التفسير بالمأثور ، ج 1 ص 249 ، دار الفكر ، بيروت .

([13]) حياة الحيوان الكبرى ، ج 2 ص 111.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق