الجمعة، 14 سبتمبر 2018

نيران العرب - معجم الأساطير


نيران العرب 

هي نيران كان تشعلها العرب في جاهليتها ، أو عرفت عندهم في الجاهلية وهي أربعة عشر نار عند النويري وهي : نار المزدلفة ، نار الاستسقاء ، نار الزائر والمسافر ، نار التحالف ، نار الغدر ، نار السلامة ، نار الحرب ، نار الصيد ، نار الأسد ، نار السّليم ، نار الفداء ، نار الوسم ، نار القرى ، ونار الحرتين .
أما عند القلقشني فهي ثلاثة عشر وهي :
نار المزدلفة ، نار الاستمطار ، نار الحلف ، نار الطرد ، نار الحرب ، نار الحرتين ، نار السعالي ، نار الصيد ، نار الأسد ، نار القرى ، نار السليم ، نار الفداء .
وقد ذكرها الجاحظ في كتاب الحيوان ويظهر أن من بعده أخذ عنه وقد ذكر الجاحظ عدة نيران وهي : نار الإستمطار ، ونار التحالف ، ونار المسافر ، ونار الحرب ، ونارالحرتين ، ونار السعالي ، ونار الغيلان ( الغول ) ، نار الظباء وصيدها ، ونار الوسم ( الوشم ) والميسم ،  نار القرى .
وقد سجلناها كلاً في موضعها .


نار التحالف :

كانوا إذا أرادوا الحلف أوقدوا ناراً وعقدوا حلفهم عندها ودعوا بالحرمان والمنع من خيرها على من ينقض العهد ويحل العقد ، وكنوا يطرحون فيها الملح والكبريت ، فإذا استشاطت قالوا للحالف : " هذه النار " تهددتك ، وإن كان مبطلا نكل وإن كان بريئا حلف ولهذا سموها أيضا بـ ( نار الهول ) وإنما خصوها لأنها لا ينتفع بها من بين أنواع الحيوان غير الإنسان ([1]) .
نار توقد عند التحالف ويدعون الله أن يمنع من منافعها من ينقض العهد ([2]).
انظر مادة نار الحلف .

نار التحيير :

وهي النار التي توقد لهداية الحائر ([3]) .

نار الاستكثار :

ذكرها الثعالبي في ثمار القلوب فقال : (( (نار الاستكثار) : كانوا إذا نزلوا منزلا وهم جيش يريدون محاربة قوم اسكثروا من النيران وأكثروا من الذبح مخافة أن يجزرهم جازر بقلة ذبحهم ونيرانهم فيستدل على العورة منهم )) ([4]).

نار الاستسقاء  ( نار الأستمطار ):

أحد النيران التي عرفت عند العرب وهي نار للإستسقاء ، ومن أوابد العرب في الجاهلية ، وكانوا إذا تتابعت عليهم الأزمات واشتد الجدب واحتاجوا إلى الأمطار ، يجمعون لها بقراً معلقة في أذنابها وعراقيبها السلع والعشر وهما ضربان من الشجر ويصعدون بها إلى جبل وعر ويشعلون فيها النار ويضجون بالدعاء والتضرع وكانوا يرون ذلك من الأسباب المتوصل بها إلى نزول الغيث يقول الوديك الطائي :
لا درّ درّ رجال خاب سعيهم،
يستمطرون لدى الأزمات بالعشر!
أجاعل أنت بيقورا مسلّعة
ذريعة لك بين الله والمطر؟
وقال أمية بن أبى الصّلت :
ويسوقون باقر السّهل للطّو
د مهازيل خشية أن تبورا.
عاقدين النّيران فى بكر الأذ
ناب منها، لكى تهيج النّحورا.
سلع ما ومثله عشر ما
عائل ما وعالت الببقورا ([5]).
وقال القلقشندي: (( كانوا في الجاهلية الأولى إذا احتبس المطر جمعوا البقر وعقدوا في أذنابها وعراقيبها السّلع والعشر ويصعّدون بها في الجبل الوعر، ويشعلون فيها النار، ويزعمون أن ذلك من أسباب المطر، قال الشاعر :  .
أجاعل أنت بيقورا مسلّعة
وسيلة منك بين الله والمطر ))([6]) .
وقال الجاحظ في الحيوان: ((  ونار أخرى، وهي النّار التي كانوا يستمطرون بها في الجاهليّة الأولى؛ فإنهم كانوا إذا تتابعت عليهم الأزمات وركد عليهم البلاء، واشتدّ الجدب، واحتاجوا إلى الاستمطار، اسجمعوا وجمعوا ما قدروا عليه من البقر، ثمّ عقدوا في أذنابها وبين عراقيبها، السّلع والعشر ، ثمّ صعدوا بها في جبل وعر، وأشعلوا فيها النيران، وضجوا بالدعاء والتضرع. فكانوا يرون أنّ ذلك من أسباب الشّقيا. ولذلك قال أميّة  :
سنة أزمة تخيّل بالنّا
س ترى للعضاه فيها صريرا
إذ يسفّون بالدّقيق وكانوا
قبل لا يأكلون شيئا فطيرا
ويسوقون باقرا يطرد السّه
ل مهازيل خشية أن يبورا
عاقدين النّيران في شكر الأذ
ناب عمدا كيما تهيج البحورا
فاشتوت كلها فهاج عليهم
ثمّ هاجت إلى صبير صبيرا
فرآها الإله ترشم بالقط
ر وأمسى جنابهم ممطورا
فسقاها نشاصه واكف الغى
ث منهّ إذ رادعوه الكبيرا
سلع ما ومثله عشر ما
عائل ما وعالت البنقورا
هكذا كان الأصمعيّ ينشد هذه الكلمة، فقال له علماء بغداد: صحفت، إنما هي البيقور، مأخوذة من البقر . ))([7]) .
ويقول جواد علي: (( وكانت العرب إذا أجدبت، وأمسكت السماء عنهم، وتضايقوا من انحباس المطر، وأرادوا أن يستمطروا، عمدوا إلى السلع والعشر، فحزموهما، وعقدوهما في أذناب البقر، وأضرموا فيها النيران، وأصعدوها في موضع وعر، واتبعوها، يدعون الله ويستسقون، وإنما يضرمون النار في أذناب البقر تفاؤلا للبرق بالنار. وكانوا يسوقونها نحو المغرب من دون الجهات . ويقال لهذا الفعل "التسليع".
وذكر أن التسليع في الجاهلية إنهم كانوا إذا أسنتوا، أي أجدبوا، علقوا السلع مع العشر بأذناب البقر وحدروها من الجبال وأشعلوا في ذلك السلع والعشر النار يستمطرون بذلك.  ))([8]) .
كانت العرب إذا أرادت الاستسقاء في السنة اللازمة جعلت النيران في أذناب وأطلقوا فتمطر السماء يقول أمية بن أبي الصلت :
سنة أزمة تخيل بالناس ترى
للعضاء فيها صريرا
ويسوقون باقر السهل للطود
مهازيل خشية أن يبورا
عاقدين النيران في شكر الأذناب
عهدا كيما تهيج البحورا([9])

نار الأسد :

احد نيران العرب ، كانوا يوقدونها إذا خافوا الأسد لينفر عنهم ، فإن من شأنه النفار عن النار ، يقال إنه إذا رأى النار حدث له فكر يصده عن قصده ، وإذا عاين النار حدق إليها وتأملها ([10]).
وذكر الألوسي أنها نار يوقدونها إذا خافوه وهو إذا رأى النار استهالها فشغلته عن السابلة ، وقال بعضهم : إذا رأى الأسد النار حدث له فكر يصده عن إرادته ([11]).

نار الإنذار :

هي نار عند العرب ، كانوا إذا أرادوا حربا أو توقعوا جيشا عظيما فأرادوا الاجتماع أوقدوا نارا ليبلغ الخبر أصحابهم ، قال عمر بن كلثوم :
ونحن غداة أوقد في خزازى = رفدنا فوق رفد الرافدينا ([1]).

نار الإياب :

هي من نيران العرب في الجاهلية وهي توقد للقادم من السفر سالماً غانماً. قال الشاعر:
يا لبينى أوقدي النارا
إن من تهوين قد حارا ([2])


نار التهويل :

هي نار يوقدها العرب يهولون بها على الأسد إذا خافوها ، وكما يذكر الجاحظ أن الأسد إذا عاين النار حدق إليها وتأملها ، فما أكثر ما تشغله عن السابلة ، وذكر أن أبو الثعلب الأعرج مر على وادي السباع فعرض له سبع فقال له المكاري : لو أمرت غلمانك فأوقدوا نارا وضربوا على الطساس الذي معهم ففعلوا فأحجم عنهم الأسد ، فأنشد :
فأحببتها حبّا هويت خلاطها = ولو في صميم النّار نار جهنّم
وصرت ألذّ الصّوت لو كان صاعقا = وأطرب من صوت الحمار المرقّم ([1]).


نار الحباحب :

نار الحباحب أو نار أبي حباحب ، ذكرها الجاحظ في الحيوان على أنها من نيران العرب وذكر عن أبي حية قوله :
يعشّر في تقريبه فإذا انحنى
عليهنّ في قفّ أرنّت جنادله
وأوقدن نيران الحباحب والتقى
غضا تتراقى بينهنّ ولاوله
وذكر قول القطاميّ  في نار أبي الحباحب:
تخوّد تخويد النّعامة بعدما
تصوّبت الجوزاء قصد المغارب
ألا إنما نيران قيس إذا اشتوت
لطارق ليل مثل نار الحباحب
وذكر أنهم يصفون نارا أخرى وهي قريبة من نار أبي الحباحب ، وكل نار تراها العين ولا حقيقة لها عند التماسها ، فهي نار أبي الحباحب ، ثم قال الجاحظ : " ولم أسمع في أبي حباحب نفسه شيئاً " ([1]).
وذكر جواد علي أن العرب يطلق على كل نار تراها العين لا حقيقة عند التماسها نار الحباحب ونار أبي الحباحب ، ثم ذكر قول الجاحظ عن أنه لم يسمع في أبي حباحب شيئا ، ثم ذكر أن لهم قصص عن شخص زعموا أنه يعرف بـ " أبي حباحب " وأن رجلا في سالف الدهر بخيلا لا توقد له نار بليل ، مخافة أن يقتبس منها نار أو يراها الضيفان فيفدون إليه فإن أوقدها ثم أبصرها مستضئ أطفأها فضربت العرب به المثل في البخل ، فقالت " أخلف من نار أبي حباحب " . وذكر أن "أبا الحباحب" رجل كان لا ينتفع بماله لبخله فنسبوا إليه كل نار لا ينتفع بها ([2]).
وقال في ثمار القلوب: (( (نار الحباحب) : هى نار الحباحب ونار أبى حباحب تضرب مثلا للشىء يروق ولا طائل فيه وفيها أقاويل مختلفة قال ابن عباس رضى الله عنهما كان الحباحب رجلا بخيلا وكان لا يوقد نارا بليل كراهية أن يلقاها من ينتفع بضوئها وكان إذا احتاج إلى إيقادها أوقدها وإذا أبصر مستضيئا بها أطفأها فضربت العرب المثل بها وذكروها عند كل شىء لا ينتفع به .
وقال غيره هى النار التى توريها الخيل بسنابكها من الحجارة إذا وطئتها كما قال الله تعالى {فالموريات قدحا}. وقال آخرون هى طائر أحمر الريش يظهر ما بين المغرب والعشاء فيخيل للناظر أن فى جناحه نارا .وقال الجاحظ هى كل نار تراها ولا حقيقة لها عند التماسها كقدح الخيل من حوافرها إذا وطئت المرو والصفا والجلاميد الكبار قال النابغة :
ويوقدن بالصفاح نار الحباحب   .
وقال القطامى :
إلا إنما نيران قيس إذا شتوا
لطارق ليل مثل نار الحباحب
ويجوز أن تكون قد شبهت النار التى لا منفعة فيها ولا حاصل تحتها بنار الحباحب الذى اقتص ابن عباس رضى الله عنهما قصتها .
ووصف بليغ انقضاض الكواكب فقال وإن الفلك ليفتر عن شهب ثواقب كنيران أبى حباحب من كلام طويل قال ابن المعتز :
وحين أخذنا ثأركم من عدوكم
فعدتم لنا تورون نار الحباحب ))([3]) .
وقالوا في الأمثال  : (( أخلف من نار الحباحب )) ، (( كأنها نار الحباحب )) ، فقيل عن ابن الكلبي أنه : كان رجلا من العرب في سالف الدهر بخيلا لا توقد له نار بليل مخافة أن يقتبس منها فإن أوقدها ثم أبصرها مستضيء أطفأها فضربت العرب بناره في الخلف المثل وضربوا به في البخل المثل ، وقيل عن غير ابن الكلبي  : الحباحب النار التي توريها الخيل بسنابكها من الحجارة واحتج بقول الله تعالى { فالموريات قدحا }  ، وقيل : الحباحب طائر يطير في الظلام كقدر الذباب له جناح يحمر إذا طار به يتراءى من البعد كشعلة نار  ([4]) .
ووصفهم لطائر الحباحب يشبه ما ذكره الجاحظ في الحيوان عن نار اليراعة يقول الجاحظ في الحيوان : (( ونار أخرى وهي شبيهة بنار البرق ونار أبي حباحب وهي نار اليراعة واليراعة : طائر صغير إن طار بالنهار كان كبعض الطير وإن طار بالليل كان كأنه شهاب قذف أو مصباح يطير . )) ([5]) .
ويربط بينهما البغدادي في خزانته فيقول : (( وأما نار الحباحب فكل نار لا أصل لها مثل ما ينقدح من نعال الدواب وغيرها.
وأما نار اليراعة فهي طائر صغير إذا طار بالليل حسبته شهابا وضرب من الفراش إذا طار بالليل حسبته شرارا.
وأول من أورى نارها: أبو حباحب بن كلب بن وبرة بن تغلب بن حلوان بن عمرو بن الحاف بن قضاعة فقالوا: نار أبي حباحب.
ومن حديثه ما ذكر عن ابن الكلبي قال: كان أبو حباحب رجلا من العرب في سالف الدهر بخيلا لا توقد له نار بليل مخافة أن يقتبس منها فإن أوقدها ثم أبصرها مستضيء أطفأها.
فضربت العرب به المثل في البخل والخلف فقالوا: أخلف من نار أبي حباحب.
وقال ابن الشجري في أماليه: حباحب: رجل كان لا ينتفع بناره لبخله فنسب إليه كل نار لا ينتفع بها فقيل لما تقدحه حوافر الخيل على الصفا: نار الحباحب.
ويوقدون بالصفاح نار الحباحب وجعل الكميت اسمه كنية للضرورة في قوله:
يرى الراؤون بالشفرات منها
كنار أبي الحباحب والظبينا
وقال القطامي:
ألا إنما نيران قيس إذا اشتووا
لطارق ليل مثل نار الحباحب )) ([6]) .
وفي لسان العرب ما يؤكد أن نار اليراعة هي نار الحباحب يقول صاحب لسان العرب : ((واليراع كالبعوض يغشى الوجه واحدته يراعة واليراع جمع يراعة وهي ذباب يطير بالليل كأنه نار واليراع فراشة إذا طارت في الليل لم يشك من يعرفها أنها شرارة طارت عن نار قال عمرو بن بحر نار اليراعة قيل هي نار حباحب وهي شبيهة بنار البرق قال واليراعة طائر صغير إن طار بالنهار كان كبعض الطير وإن طار بالليل كان كأنه شهاب قذف أو مصباح يطير وأنشد :
أو طائر يدعى اليراعة إذ يرى =في حندس كضياء نار منور
وحكى ابن بري عن أبي عبيدة اليراع الهمج بين البعوض والذبان يركب الوجه والرأس ولا يلذع )) ([7]) .
وقال في لسان العرب  ((ونار الحباحب ما اقتدح من شرر النار في الهواء من تصادم الحجارة وحبحبتها اتقادها وقيل الحباحب ذباب يطير بالليل كأنه نار له شعاع كالسراج قال النابغة يصف السيوف :
تقد السلوقي المضاعف نسجه
وتوقد بالصفاح نار الحباحب
 وفي الصحاح ويوقدن بالصفاح والسلوقي الدرع المنسوبة إلى سلوق قرية باليمن والصفاح الحجر العريض وقال أبو حنيفة نار حباحب ونار أبي حباحب الشرر الذي يسقط من الزناد قال النابغة :
ألا إنما نيران قيس إذا شتوا
لطارق ليل مثل نار الحباحب
 قال الجوهري وربما قالوا نار أبي حباحب وهو ذباب يطير بالليل كأنه نار قال الكميت ووصف السيوف :
يرى الراؤون بالشفرات منها
كنار أبي حباحب والظبينا
 وإنما ترك الكميت صرفه لأنه جعل حباحب اسما لمؤنث قال أبو حنيفة لا يعرف حباحب ولا أبو حباحب ولم نسمع فيه عن العرب شيئا قال ويزعم قوم أنه اليراع واليراع فراشة إذا طارت في الليل لم يشك من لم يعرفها أنها شررة طارت عن نار أبو طالب يحكى عن الأعراب أن الحباحب طائر أطول من الذباب في دقة يطير فيما بين المغرب والعشاء كأنه شرارة قال الأزهري وهذا معروف وقوله :
يذرين جندل حائر لجنوبها
فكأنها تذكي سنابكها الحبا
 إنما أراد الحباحب أي نار الحباحب يقول تصيب بالحصى في جريها جنوبها الفراء يقال للخيل إذا أورت النار بحوافرها هي نار الحباحب وقيل كان أبو حباحب من محارب خصفة وكان بخيلا فكان لا يوقد ناره إلا بالحطب الشخت لئلا ترى وقيل اسمه حباحب فضرب بناره المثل لأنه كان لا يوقد إلا نارا ضعيفة مخافة الضيفان فقالوا نار الحباحب لما تقدحه الخيل بحوافرها واشتق ابن الأعرابي نار الحباحب من الحبحبة التي هي الضعف وربما جعلوا الحباحب اسما لتلك النار قال الكسعي :
ما بال سهمي يوقد الحباحبا ؟
قد كنت أرجو أن يكون صائبا
وقال الكلبي كان الحباحب رجلا من أحياء العرب وكان من أبخل الناس فبخل حتى بلغ به البخل أنه كان لا يوقد نارا بليل إلا ضعيفة فإذا انتبه منتبه ليقتبس منها أطفأها فكذلك ما أورت الخيل لا ينتفع به كما لا ينتفع بنار الحباحب وأم حباحب دويبة مثل الجندب تطير صفراء خضراء رقطاء برقط صفرة وخضرة ويقولون إذا رأوها أخرجي بردي أبي حباحب فتنشر جناحيها وهما مزينان بأحمر وأصفر وحبحب اسم موضع قال النابغة  :
فسافان فالحران فالصنع فالرجا = فجنبا حمى فالخانقان فحبحب
 وحباحب اسم رجل قال  :
لقد أهدت حبابة بنت جل
لأهل حباحب حبلا طويلا  )) ([8]) .

نار الحرب :

من نيران العرب في الجاهلية ، وكانت تسمى نار الأهبة والإنذار  .
وكانوا إذا أرادوا حربا أو توقعوا جيشاً أوقدوا ناراً على جبلهم ليبلغ الخبر أصحابهم ([9]).
قال النويري: (( نار الحرب. وتسمّى نار الأهبة والإنذار. توقد على يفاع، فتكون إعلاما لمن بعد. قال ابن الرومى:
له ناران: نار قرى وحرب. = ترى كلتيهما ذات التهاب. ))([10]) .
وقال الجاحظ: (( نار أخرى وهي النار التي كانوا إذا أرادوا حربا وتوقعوا جيشا عظيما وأرادوا الاجتماع أوقدوا ليلا على جبلهم نارا ليبلغ الخبر أصحابهم .
وقد قال عمرو بن كلثوم :
ونحن غداة أوقد في خزاز = رفدنا فوق رفد الرافدينا
وإذا جدوا في جمع عشائرهم إليهم أوقدوا نارين ، وهو قول الفرزدق :
لولا فوارس تغلب ابنة وائل = سد العدو عليك كل مكان
ضربوا الصنائع والملوك وأوقدوا = نارين أشرفتا على النيران ))([11]) .
ويقول عبد السلام هارون في تحقيقة لكتاب الحيوان : (( سماها الثعالبي في ثمار القلوب 461 : " نار الإنذار " والعسكري فيما نقل عنه محب افندي : " نار الأهبة للحرب " وفيما نقل عنه القلقشندي : " نار الحرب " )) .
وكما ذكر عبد السلام هارون عن الثعالبي فهو يسميها في ثمار القلوب نار الإنذار ، ويقول عنها الثعالبي : (( ( نار الإنذار ) كانوا إذا أرادوا حربا وتوقعوا جيشا عظيما فأرادوا الاجتماع أوقدوا نارا ليبلغ الخبر أصحابهم قال عمرو بن كلثوم
ونحن غداة أوقد فى خزازى = رفدنا فوق رفد الرافدينا  )) ([12])  .
 والثعالبي يزعم أن في تسمية نار الحرب ، أن نار الحرب على طريق المثل و الاستعارة  لا على الحقيقة كما قال جل ذكره ( كلما أوقدا نارا للحرب أطفأها الله ) وضرب أمثله لها في العصر العباسي من رسائل الصاحب ([13]) .
وقد تحدث الجاحظ عن عن نار  الحرب التي ذكرها الثعالبي وذكر أنها على التمثيل والاستعارة كما ذكر الثعالبي ([14])وهذه النار ليس من شأننا وليست لها علاقة بكتابنا هذا  .

نار الحرتين :

هي نار في زمن الجاهلية ، وهي من نيران العرب ،  وكانت حرة ببلاد بني عبس وذكروا أن خالد بن سنان والذي يزعمون أنه احد أنبياء الفترة ولم يكن في بني إسماعيل نبيّ قبله قد اطفأها  .
قال القلقشندي في صبح الأعشى: (( نار الحرتين: كانت في بلاد عبس فإذا كان الليل تضيء نار تسطع وفي النهار دخان مرتفع، وربما بدر منها عنق فأحرق من مر بها، فحفر خالد بن سنان النبي، فدفنها، فكانت معجزة له. ))([15]) .
وفي نهاية الأرب: (( كانت للعرب نار عظمى تسمّى نار الحرّتين. وهى التى أطفأها الله تعالى بخالد بن سنان العبسىّ. وكانت حرّة ببلاد عبس، تسمّى حرّة الحدثان.
روى عن ابن الكلبىّ أنه قال: كان يخرج منها عنق فيسيح مسافة ثلاثة أو أربعة أميال، لا تمرّ بشىء إلا أحرقته. وأن خالد بن سنان أخذ من كل بطن من بنى عبس رجلا فخرج بهم نحوها، ومعه درّة حتّى انتهى إلى طرفها، وقد خرج منها عنق كأنه عنق بعير فأحاط بهم، فقالوا: هلكت والله أشياخ بنى عبس آخر الدهر! فقال خالد كلّا! وجعل يضرب ذلك العنق بالدّرّة ويقول: «بدّا بدّا، كلّ هدى الله يؤدّى! أنا عبد الله خالد بن سنان!» فما زال يضربه حتّى رجع، وهو يتبعه والقوم معه كأنه ثعبان يتملك حجارة الحرّة حتّى انتهى إلى قليب، فانساب فيه وتقدّم عليه، فمكث طويلا. فقال ابن عم لخالد، يقال له عروة بن شب: لا أرى خالدا يخرج إليكم أبدا! فخرج ينطف عرقا، وهو يقول: زعم ابن راعية المعزى أنى لا أخرج. فقيل لهم بنو راعية المعزى إلى الآن.
وفى هذه النار يقول الشاعر:
كنار الحرّتين لها زفير
تصمّ مسامع الرجل السّميع.  )) ([16]).
وقال الجاحظ: ((ونار أخرى، وهي «نار الحرّتين» ، وهي نار خالد بن سنان، أحد بني مخزوم، من بنيقطيعة بن عبس. ولم يكن في بني إسماعيل نبيّ قبله. وهو الذي أطفأ الله به نار الحرّتين. وكانت ببلاد بني عبس، فإذا كان اللّيل فهي نار تسطع في السّماء، وكانت طيّئ تنفش  بها إبلها من مسيرة ثلاث، وربّما ندرت منها العنق  فتأتي على كلّ شيء فتحرقه. وإذا كان النهار فإنما هي دخان يفور. فبعث الله خالد بن سنان فاحتفر لها بئرا، ثمّ أدخلها فيها، والنّاس ينظرون؛ ثمّ اقتحم فيها حتى غيّبها.
وسمع بعض القوم وهو يقول: [هلك الرّجل! فقال خالد بن سنان]  : كذب ابن راعية المعز، لأخرجنّ منها وجبيني يندى! فلمّا حضرته الوفاة، قال لقومه: إذا أنا متّ ثمّ دفنتموني، فاحضروني بعد ثلاث؛ فإنّكم ترون عيرا أبتر يطوف بقبري، فإذا رأيتم ذلك فانبشوني؛ فإني أخبركم بما هو كائن إلى يوم القيامة. فاجتمعوا لذلك في اليوم الثالث، فلما رأوا العير وذهبوا ينبشونه، اختلفوا، فصاروا فرقتين، وابنه عبد الله في الفرقة التي أبت أن تنبشه، وهو يقول: لا أفعل! إني إذا أدعى ابن المنبوش! فتركوه.
وقد قدمت ابنته على النبيّ صلى الله عليه وسلم، فبسط لها رداءه وقال: هذه ابنة نبيّ ضيّعه قومه.
قال: وسمعت سورة: قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ
فقالت: قد كان أبي يتلو هذه السورة.
والمتكلّمون لا يؤمنون بهذا، ويزعمون أنّ خالدا هذا كان أعرابيّا وبريّا، من أهل شرج وناظرة  ، ولم يبعث الله نبيّا قطّ من الأعراب ولا من الفدّادين  أهلالوبر، وإنما بعثهم من أهل القرى، وسكّان المدن  .
وقال خليد عينين  :
وأي نبيّ كان في غير قومه
وهل كان حكم الله إلّا مع النّخل
وأنشدوا  :
كنار الحرّتين لها زفير
يصمّ مسامع الرّجل السّميع ))([17]) .
وفي ثمار القلوب: (( (نار الحرتين) هى التى ذكرها الشاعر فى قوله :
ونار الحرتين لها زفير = يصم لهوله الرجل السميع
وهى نار خالد بن سنان أحد بنى مخزوم من بنى عبس ولم يكن من ولد إسماعيل عليه السلام نبى قبله وهو الذى أطفأ الله به نار الحرتين وكانت ببلاد عبس إذا كان الليل فهى نار تسطع فى السماء وكانت طي تنفش بها إبلهم من مسيرة ثلاث ليال وربما تأتى على كل شىء فتحرقه وإذا كان النهار فإنما هى دخان يفور فبعث الله خالد بن سنان فحفر لها بئرا ثم أدخلها فيها والناس ينظرون ثم اقتحم فيها حتى غيبها فلما حضرته الوفاة قال لقومه إذا أنامت ودفنتمونى فاحضروا بعد ثلاث فإنكم ترون عيرا أبتر يطوف بقبرى فإذا رأيتم ذلك فانبشونى فإنى مخيركم بما هو كائن إلى يوم القيامة فاجتمعوا لذلك فى اليوم الثالث من موته فلما رأوا العير وذهبوا لينبشوا اختلفوا وصاروا فريقين وابنه عبد الله فى الفرقة التى ابت نبشه وهو يقول إذا أدعى ابن المنبوش فتركوه
ويروى أن ابنته قدمت على رسول الله صلى الله عليه وسلم فبسط لها رداءه وقال هذه ابنة نبى ضيعه قومه وسمعت سورة الإخلاص فقالت كان أبى يتلو هذه السورة
قال الجاحظ والمتكلمون لا يؤمنون بهذا ويزعمون أن خالدا هذا كان أعرابيا وبريا ولم يبعث الله قط نبيا من الأعراب ولا من أهل الوبر وإنما بعثهم من أهل القرى وسكان الجزر والله أعلم حيث يجعل رسالاته ))([18]) وما ذكره الثعالبي ما هو إلا ترديد لقول الجاحظ  .
نار ببلاد عبس كانت طي تتبين بها إبلها من مسيرة ثلاثة أيام وربما ندرت منها شرارة فتأتي على كل شيء تحرقه ، وإذا كان النهار فهي دخان يفور فبعث الله خالد بن سنان فاحتفر لها بئراً ثم أدخلها فيها والناس ينظرون ثم اقتحم فيها حتى غيبها ([19]).

نار الحلف:

وتسمى نار الهولة وهي نار كان العرب يشعلها من أجل عقد الحلف عندها ، فلا يعقدون حلفهم إلا عليها ويذكرون عند ذلك مافقها ويدعون على من ينقض العهد بالحمان من منافعها  ، الدم الدم والهدم الهدم يحركون الدال في هذا الموضع ، ويطحون فيها الكبريت والملح فإذا فرقعت هول على الحالف ( وتسمى عند رمي الكبريت والملح الهولة ( انظر مادة نار الهولة ) ([20]) ..
قال القلقشندي: ((كانوا إذا أرادوا عقد حلف أوقدوا النار وعقدوا الحلف عندها، ويذكرون خيرها، ويدعون بالحرمان من خيرها على من نقض العهد، وحلّ العقد. قال العسكري «وإنما كانوا يخصّون النار بذلك لأن منفعتها تختص بالإنسان، لا يشاركه فيها شيء من الحيوان غيره» ))([21]) .
وقال النويري: ((نار التحاليف. كانوا لا يعقدون حلفهم إلا عليها، فيذكرون منافعها، ويدعون الله بالحرمان والمنع من منافعها على الذى ينقض العهد، ويطرحون فيها الكبريت والملح. فإذا فرقعت هوّل على الحالف. قال الكميت:
همو خوّفونى بالعمى هوّة الرّدى = كما شبّ نار الحالفين المهوّل.
وقال أوس بن حجر:
إذا استقبلته الشّمس، صدّ بوجهه = كما صدّ عن نار المهوّل حالف.  ))([22]) .
ويقول الثعالبي: (( (نار الحلف) هى التى كانت العرب توقدها عند التحالف فلا يعقدون حلفهم إلا عندها ويذكرون عند ذلك مرافقها ويدعون الله على من ينقض العهد بالحرمان من منافعها وربما دنو منها حتى تكاد تحرقهم ويهولون الأمر فيها قال أوس بن حجر يصف عيرا على نشز :
إذا استقبلته الشمس صد بوجهه = كما صد عن نار المهول حالف )) ([23]).
وقال الجاحظ: (( ونار أخرى هي التي توقد عند التحالف فلا يعقدون حلفهم إلا عندها فيذكرون عند ذلك منافعها ويدعون إلى الله عز وجل بالحرمان والمنع من منافعها على الذي ينقض عهد الحلف ويخيس بالعهد .
 ويقولون في الحلف : الدم الدم والهدم الهدم يحركون الدال في هذا الموضع لا يزيده طلوع الشمس إلا شدا وطول الليالي إلا مدا ما بل البحر صوفة وما أقام رضوى في مكانه إن كان جبلهم رضوى . وكلّ قوم يذكرون جبلهم، والمشهور من جبالهم.
وربّما دنوا منها حتى تكاد تحرقهم.
ويهوّلون على من يخاف عليه الغدر، بحقوقها ومنافعها، والتّخويف من حرمان منفعتها. وقال الكميت  :
كهولة ما أوقد المحلفو = ن للحالفين وما هوّلوا
وأصل الحلف والتّحالف، إنما هو من الحلف والأيمان. ولقد تحالفت قبائل من قبائل مرّة بن عوف، فتحالفوا عند نار فدنوا منها، وعشوا  بها، حتّى محشتهم. فسمّوا: المحاش .
وكان سيدهم والمطاع فيهم، أبو ضمرة يزيد بن سنان بن أبي حارثة. ولذلك يقول النّابغة :
جمّع محاشك يا يزيد فإنّني = جمّعت يربوعا لكم وتميما
وكلّ قوم يذكرون جبلهم، والمشهور من جبالهم.
وربّما دنوا منها حتى تكاد تحرقهم.
ويهوّلون على من يخاف عليه الغدر، بحقوقها ومنافعها، والتّخويف من حرمان منفعتها. وقال الكميت :
كهولة ما أوقد المحلفو = ن للحالفين وما هوّلوا
وأصل الحلف والتّحالف، إنما هو من الحلف والأيمان. ولقد تحالفت قبائل من قبائل مرّة بن عوف، فتحالفوا عند نار فدنوا منها، وعشوا  بها، حتّى محشتهم. فسمّوا: المحاش  .
وكان سيدهم والمطاع فيهم، أبو ضمرة يزيد بن سنان بن أبي حارثة. ولذلك يقول النّابغة  :
جمّع محاشك يا يزيد فإنّني = جمّعت يربوعا لكم وتميما ))([24]) .
ويقول جواد علي: (( وما ذكره "هيرودوتس" عن عقد العرب أحلافهم على النار، هو صحيح على وجه عام. يؤيده ما ذكره أهل الأخبار عن "نار التحالف", وقولهم: كان أهل الجاهلية إذا أرادوا أن يعقدوا حلفًا، أوقدا نارًا وعقدوا حلفهم عندها، ودعوا بالحرمان والمنع من خيرها على من ينقض العهد ويحل العقد، وكانوا يطرحون فيها الملح والكبريت، فإذا استشاطت قالوا للحالف: هذه النار تهددتك، يخوفونه بها حتى يحافظ على العهد والوعد، ولا يحلف كذبًا ويضمر غير ما يظهر؛ ولذلك عرفت هذه النار بنار التحالف. وهي نار يقسم المتخاصمون عليها كذلك، فإن كان الحالف مبطلًا نكل، وإن بريئًا حلف ولهذا سموها أيضًا "نار المهوّل" و"الهولة" , وذكر أنهم كانوا لا يعقدون حلفًا إلا عليها. وقد أشار إلى هذه النار "أوس بن حجر"، إذ قال:
إذا استقبلته الشمس، صد بوجهه = كما صد عن نار المهوّل حالف
كما أشار إليها الكميت :
هُمُو خوَّفوني بالعمى هُوَّة الردى = كما شب نار الحالفين المهوّل
وقد ذكر أهل الأخبار حلفًا سموه : "حلف المحرقين"، وزعموا أن المتحالفين تحالفوا عند نار حتى أمحشوا أي: احترقوا, وأن يزيد بن أبي حارثة بن سنان, وهو أخو هرم بن سنان الذي مدحه زهير، يمحش المحاش، وهم بنو خصيلة بن مرة وبنو نشبة بن غيظ بن مرة على بني يربوع بن غيظ بن مرة رهط النابغة، فتحالفوا على بني يربوع على النار، فسموا المحاشّ بتحالفهم على النار . وزعموا أن المحاش القوم يجتمعون من قبائل شتى، فيتحالفون عند النار .
وذكر علماء اللغة أن "المحاشن": القوم يجتمعون من قبائل يحالفون غيرهم من الحلف عند النار, وكانوا يوقدون نارًا لدى الحلف ليكون أوكد. وقد أشير إلى ذلك في شعر للنابغة، إذ يقول:
جمع محاشك يا يزيد، فإنني = أعددت يربوعًا لكم، وتميما
قيل: يعني صرمة وسهمًا ومالكًا, بني مرة بن عوف بن سعد بن ذبيان بن بغيض وضبة بن سعد؛ لأنهم تحالفوا بالنار، فسموا المحاش   ))([25]) .
ويقول جواد علي أيضاً : ((ذكروا نارًا أخرى قالوا لها: "نار التحالف" ,"نار المهول". وقالوا أن العرب كانوا لا يعقدون حلفا إلا عليها، وكانوا إذا اختصموا في شيء، واتفقوا على اليمين، حلفوا على النار. ولهذا قيل لها "نار التحالف". وطريقتهم في ذلك أن المتحالفين أو المتخاصمين يحفرون أمام نار يوقدونها، ثم يلقون عليها  المفصل فى ملحا وكبريتا. وعندئذ يذكرون منافع هذه النار ويدعون بالحرمان من خيرها على من ينقض العهد ويحل العقد وفي حالة الحلف واليمين يقول صاحب النار للحالف: "هذه النار قد تهددتك"، فإن كان مبطلا نكل، وإن بريئًا حلف، ولذلك قيل لها "نار المهول. وذكروا أيضًا أن هذه النار كانت معروفة في اليمن، مستعرة دائمًا، ولها سادة سدنة وقيمون يطرحون الملح والكبريت في النار، أما السدنة فيقومون بأخذ اليمين. وكان سادتها إذا أتي برجل ليحلف، هيبوه من الحلف بها، وخوفوه من الكذب. وقد عرفت هذه النار بـ "نار التحاليف" كذلك. وقد أشار إليها الكميت بقوله:
هم خوفوني بالعمى هوة الردى = كما شب نار الحالفين المهول
كما أشار إليها شاعر آخر هو أوس، إذ قال:
إذا استقبلته الشمس صد بوجهه = كما صد عن نار المهول حال
وذكر "الجاحظ" أن العرب "يقولون في الحلف: الدم، الدم، والهدم الهدم، لا يزيده طلوع الشمس إلا شدا، وطول الليالي إلا مدا، ما بل البحر صوفة، وما أقام رضوى في مكانه، إن كان جبلهم رضوى.
"وكل قوم يذكرون جبلهم، والمشهور من جبالهم. وربما دنوا منها حتى تكاد تحرقهم".
بل زعم بعض أهل الأخبار أن حمير كانت تحتكم إلى نار كانت باليمن تحكم بينهم فيما كانوا يختلفون به. تأكل الظالم ولا تضر المظلوم. فلما اعتنق التبع "تبان أسعد"، ديانة يهود، وطلب من قومه الدخول فيها، أبوا عليه ذلك، وطلبوا منه الاحتكام إلى تلك النار في قصة يذكرونها في سبب تهود بعض حمير. )) ([26]).
ناردين :
زهرة رقيقة من عائلة السوسن ارتبطت في الأساطير اليونانية بحب الإله أبوللو بالغلام ناردين الذي قتله قرص معدني أرسله له الريح زفير الذي كان يعشق الغلام أيضاً فتحول دم الفتى إلى هذه الزهرة وأقام الإله أبوللو على شرفه احتفالا لمدة ثلاثة أيام ، وكان يحتفل بأعياده كل عام في شهر مايو على مقربة من إسبرطة ([27]).

نار الحلفي :

يضرب بها المثل في سرعة الإيقاد والانطفاء ([28]) .

نار السعالي :

هي نار تشعلها السعالي أو الغول للذي يسير في الغفار فيتبعها فتهوي به الغول ، ويذكر الجاحظ أن هذه النار غير نار الغيلان  .
قال القلقشندي في صبح الأعشى: (( نار السعالي: ترفع للمتقفر فيتبعها فتهوي به الغول على زعمهم كما تقدم في الكلام على أوابد العرب. ))([29]) .
وقال البغدادي في خزانة الادب وهو يعدد نيران العرب : (( الثانية عشرة: نار السعالي وهو شيء يقع للمتغرب والمتقفر. قال أبو المضراب عبيد بن أيوب: الطويل
ولله در الغول أي رفيقة
لصاحب دو خائف متقفر
أرنت بلحن بعد لحن وأوقدت
حوالي نيرانا تبوح وتزهر )) ([30]) .
ويقول جواد علي في المفصل : ((وللعرب نار السعالي والجن والغيلان . ذكروا أن الغيلان توقد بالليل النيران للعبث والتخييل واضلال السابلة. وإنها ترفع للمثقفر فيتبعها فتهوى به الغول. وأورد أهل الأخبار شعرا في ذلك منه شعر لـ "عبيد بن أيوب"، المعروف بـ "أبي مطراب"، وكان يزعم أنه يؤاكل الظباء والوحش ويرافق الغول والسعلاة، ويبايت الذئاب والأفاعي )) ([31]) .
ويقول النويري : ((وقيل لزيد بن كثوة : أحقٌ ما يقولون : إن من علق على نفسه كعب أرنب لم يقر به جنان الحي وعمار الدار ؟ فقال : أي والله ولا شيطان الحماطة ، الحماطة : شجرة التين ، وجان العشرة ، وغول العقر ، وكل الخوافي ، إي والله يطفىء نيران السعالى . )) ([32]) .
وفي الحيوان : (( ونار أخرى، التي يحكونها من نيران السّعالي والجنّ وهي غيرُ نار الغيلان، وأنشد أبو زيد لسهم بن الحارث:
ونارٍ قد حضأت بعيد هدء
بدار لا أريد بها مقاما
سوى تحليل راحلة وعينٍ
أكالئها مخافة أن تناما
أتوا ناري فقلت منون أنتم
فقالوا: الجن قلت: عموا ظلاما
فقلت: إلى الطعام فقال منهم
زعيم: نحسد الإنس الطعاما
وهذا غلط وليس من هذا الباب وسنضعه في موضعه إن شاء اللّه تعالى بل الذي يقع ههنا قول أبي المطراب عبيد بن أيوب :
فلله در الغول أي رفيقة
لصاحب قفر خائف متقفر
أرنت بلحن بعد لحن وأوقدت
حوالي نيرانا تبوخ وتزهر  )) ([33]) .
ويعلق عبد السلام هارون في الهامش على نار الغيلان فيقول : (( ذهب الجاحظ إلى أن الغيلان نوع مغاير للسعالي . انظر تفصيل ذلك في الحيوان ( 6 : 48 49 ) . ونحوه ما ورد في عجائب المخلوقات 309 . وبعض اللغويين يجعلهما نوعاً واحداً . )) والجاحظ كما ذكرنا  وكما نقلنا عنه لا يعتبر نار الغيلان ونار  السعالي واحد ولربما ذلك لتفريقه بين الغول والسعالي كما يذكر عبد السلام هارون فاعتبر نار السعالي غير نار الغول بينما يعتبر اللغويين السعلاة والغول واحد فلذلك فنارهما واحدة !.
وهي نار الغيلان التي تجذب السعالي أو تشعلها هي([34]) .

نار السلامة :

أحد نيران العرب المعروفة في الجاهلية ، وهي نار توقد للقادم من سفره ، إذا قدم بالسلامة والغنيمة قال الشاعر :
يا سليمى أوقدى النارا = إنّ من تهوين قد زارا ([35]).

نار السليم وهو الملسوع  :

هي نار كان يوقدها العرب منعا من نوم الملسوع بحية أو نحوه حيث يعتقدون أن نوم الملسوع يؤدي إلى هلاكه .
وذكر الألوسي أنها نار توقد للملدوغ إذا سهر وللمجروح إذا نزف وللمضروب بالسياط ولمن عضه الكلب الكلب لئلا يناموا فيشتد بهم الأمر ويؤدي إلى الهلاك ([36]).
قال القلقشندي في صبح الأعشى: (( نار السليم وهو الملسوع: كانوا يوقدون النار للملسوع إذا لدغ. ويساهرونه بها، وكذلك المجروح إذا نزف دمه، والمضروب بالسياط ومن عضه الكلب كي لا يناموا فيشتد الأمر بهم فيؤديهم إلى التهلكة. ))([37]).
وقال النويري: (( نار السّليم. توقد للملدوغ، والمجروح، ومن عضّه الكلب الكلب حتّى لا يناموا فيشتدّ بهم الألم. قال النابغة :
يسهّد من ليل التّمام سليمها = لحلى النّساء فى يديه قعاقع.
وذلك لأنهم كانوا يعلقون عليه حلى النساء ويتركونه سبعة أيام. ))([38]) .


نار صوران :

كانت باليمن تحكم بين الناس فيما يختلفون فيه تأكل الظالم ولا تضر المظلوم ([1]) .

نار الصيد :

نار من نيران العرب كانت توقد للظباء تغشاها إذا رأتها ([2]) ، أو لتعشى إذا نظرت إليها ، ويطلب بها أيضا بيض النعام ([3]).
وفي ثمار القلوب: (( هى التى توقد للظباء وصيدها لتعش إذا رامت النظر إليها ولا تخيل من وراءها ويطلب بها أيضا بيض النعام فى أفاحيصها ومكانها وقال طفيل الغنوى
عوازب لم تسمع نبوح مقامه = ولم تر نارا تم حول مجرم
سوى نار بيض أو غزال بقفرة = أغن من الخنس المناخر توءم ))([4]) .
وقال الجاحظ: (( نار الصيد وهذه النار هي النار التي يصطاد بها الظباء والرئلان وبيض النعام لأن هذه كلها تعشى إذا رأت نارا ويحدث لها فكرة فيها ونظر والصبي الصغير كذلك وأول ما يعابث الرضيع أول ما يناغي المصباح .
 وقد يعتري مثل ذلك الأسد ويعتري الضفدع لأن الضفدع ينق فإذا رأى نارا سكت وهذه الأجناس قد تغتر بالنار ويحتال لها بها . ))([5])
وقال الجاحظ: ((ونار أخرى وهي النار التي توقد للظباء وصيدها لتعشى إذا أدامت النظر وتختل من ورائها ويطلب بها بيض النعام في أفاحيصها ومكناتها .
 ولذلك قال طفيل الغنوي :
عوازب لم تسمع نبوح مقامة = ولم تر نارا تم حول مجرم
سوى نار بيض أو غزال بقفرة = أغن من الخنس المناخر توأم
وقد يوقدون النيران يهولون بها على الأسد إذا خافوها والأسد إذا عاين النار حدق إليها وتأملها فما أكثر ما تشغله عن السابلة .))([6]) .

نار الطرد :

هي نار كان يوقدها العرب وكانوا يوقدوها خلف المسافر والزائر الذي لا يحبون رجوعه ويقولون في الدعاء : " أبعده الله وأسحقه ، وأوقدوا نار إثره"([7]).
وقد تكون هي المقصودة بقول ابن الأعرابي عن العقيلية في معنى " ضبعه معه " كنابة عن الشر ، يقول صاحب لسان العرب : (( قالت العقيلية كان الرجل إذا خفنا شره فتحول عنا أوقدنا نارا خلفه، قال: فقيل لها ولم ذلك؟ قالت: لتتحول ضبعه معه أي ليذهب شره معه. )) ([8]) .
وهي التي توقد خلف من يمضي ولا يشتهون رجوعه ([9]) .
انظر مادة ( نار المسافر والزائر ) .

نار العار :

انظر مادة ( نار الغدر ) .

نار العرفج :

وتسمى ( نار الزحف ) وذلك لأن العرفج إذا التهبت فيه النار أسرعت وعظمت فمن كان يقربها يزحف عنها . ثم لا يلبث أن تنطفئ من ساعتها فيحتاج الذي زحف عنها إلى أن يرجع إليها من ساعته فلا يزال المصطلي بها كذلك ، ويضرب بها المثل فيمن لا يستقر على حال ([10]) .
نار العزى :
وهي نار ألقاها سادن العزى باتجاه خالد بن الوليد ([11]) .

نار الغدر :

هي نار ذكرها النويري فذكر أن العرب إذا غدر الرجل بجاره أوقدوا له نار بمنى أيام الحج على الأخشب ( وهو الجبل المطل على منى ) ثم صاحوا : هذه غدرة فلان . قال امرأة من هاشم :
فإن نهلك فلم نعرف عقوقا = ولم توقد لنا بالغدر نار([12]).
ويذكر الألوسي أنهم كانوا إذا غدر الرجل بجاره أوقدوا النار بمنى أيام الحج على أحد الأخشبين ( جبلا مكة وهما أبو قبيس وقعيقعان ويقال بل هما أبو قبيس والاحمر وقال ابن وهب الاخشبان جبلا منى اللذان تحت العقبة ) ثم صاحوا هذه غدرة فلان ليحذره الناس  ([13]).
وتسمى عند الآبي والأندلسي بـ ( نار العار ) ([14]).

نار الغول :

قال الجاحظ في الحيوان: (( نار الغول قال: ونارٌ أخرى، وهي التي تذكر الأعرابُ أن الغول تُوقدُها بالليل، للعبث والتخليل، وإضلال السابلة.
 قال أبو المطراب عُبيد بن أيوب العنبريّ:
لله درّ الغول أيّ رفيقة = لصاحب قفر خائف متقتّر
أرنّت بلحن بعد لحن وأوقدت = حواليّ نيرانا تبوخ وتزهر  )) ([15]).
وهي النار التي يوقدها الغول بالليل للعبث والتخييل وإضلال السابلة([16]) .
وأنظر مادة ( نار السعالي ) .

نار الفداء :

احد نيران العرب .. ذكر الألوسي أن الملوك إذا سبوا القبيلة خرجت إليهم السادة للفداء ، فكرهوا أن يعرضوا النساء مهاراً فيفتضحن وفي الظلمة يخفي قدر ما يحسبون لأنفسهم من الصفي فيوقدون النار ليعرضن ([17]) .
 قال النويري: (( نار الفداء. وذلك أن ملوكهم كانوا إذا سبوا قبيلة وخرجت إليهم السادات فى الفداء وفى الاستيهاب، كرهوا أن يعرضوا النساء نهارا فيفتضحن.
وأما فى الظلمة فيخفى قدر ما يحبسون من الصيفىّ لأنفسهم، وقدر ما يجودون به، وما يأخذون عليه الفداء. فيوقدون لذلك النار. قال الشاعر:
نساء بنى شيبان يوم أوارة = على النّار إذ تجلى له فتياتها. ))([18]) .
وقال القلقشندي : (( كان الملوك منهم إذا أسروا نساء قبيلة خرجت إليهم السادة منهم للفداء أو الاستيهاب فيكرهون أن يعرضوا النساء نهارا فيفتضحن أو في الظلمة فيخفى قدر ما يحبسونه لأنفسهم من الصّفيّ، فيوقدون النار لعرضهنّ. ))([19]) .

نار القرى :

 هي أحد نيران العرب ومفاخرهم وهي توقد في ليالي الشتاء للضيف ويرفعونها لمن يلتمس القرى فكلما كانت أضخم وموضعها أرفع كان أفخر ، وتسمى نار الضيافة ( نار الأضياف ) .
قال القلقشندي: ((وهي نار توقد ليلا ليراها الأضياف فيهتدوا إليها. ))([20]) .
ويذكر الألوسي أنها تسمى أيضاً بـ ( نار الضيافة ) وكانوا يوقدونها على الأماكن المرتفعة لتكون أشهر ، وربما يوقدونها بالمندل الرطب ( وهو عطر ينسب إلى مندل وهو بلد من بلاد الهند ونحو مما يتبخر به ) ليهتدي إليها العميان ([21])  .
وقال النويري: (( نار القرى. وهى من أعظم مفاخر العرب. كانوا يوقدونها فى ليالى الشتاء، ويرفعونها لمن يلتمس القرى. فكلما كانت أضخم وموضعها أرفع، كان أفخر.
وهم يتمادحون بها، قال الشاعر :
له نار تشبّ بكلّ واد = إذا النّيران ألبست القناعا.
وقال إبراهيم بن هرمة :
إذا ضلّ عنهم ضيفهم، رفعوا له = من النار فى الظّلماء ألوية حمرا.  ))([22]) .
وقال الثعالبي: (( (نار القرى) هى مذكورة على الحقيقة لا على المثل وهى من أعظم مفاخر العرب وأشرف مآثرها وهى النار التى كانت ترفع للسفر ولمن يلتمس القرى فكلما كان موضعها أرفع كانت أفخر والأشعار فيها كثيرا ومن أحسنها قول الأعشى
لعمرى لقد لاحت عيون كثيرة = إلى ضوء نار فى يفاع تحرق
فشبت لمقرورين يصطليانها =وبات على النار الندى والمحلق
 والمحلق هو الذى مدحه
قال الجاحظ وأحسن من هذا الشعر فى هذا المعنى من كل شعر فى معناه قول الحطيئة :
متى تأته تعشو إلى ضوء ناره = تجد خير نار عندها خير موقد
قال وما ينبغى أن يمدح بهذا البيت إلا خير أهل الأرض وأنشد عمر رضى الله عنه هذا البيت فقال هذا لرسول الله صلى الله عليه وسلم
ومن أحسن ما قيل فى هذه النار قول الشاعر :
له نار تشب بكل واد = إذا النيران ألبست القناعا
ولم يك أكثر الفتيان مالا = ولكن كان أرحبهم ذراعا
وما أكرم وأشرف من قال وهو يأمر غلامه بالإيقاد والاستجلاب للإضياف :
أوقد فإن الليل ليل قر = والريح ما تراه ريح صر
عسى يرى نارك من يمر = إن جلبت ضيفا فأنت حر))([23]) .
وقال الجاحظ: ((ونار أخرى  ، وهي مذكورة على الحقيقة لا على المثل، وهي من أعظم مفاخر العرب، وهي النار التي ترفع للسّفر، ولمن يلتمس القرى. فكلما كان موضعها أرفع كان أفخر.
وقال أميّة بن أبي الصّلت  :
لا الغيابات منتواك ولكن = في ذرى مشرف القصور ثواكا
وقال الكناني  :
وبوّأت بيتك في معلم = رفيع المباءة والمسرح
كفيت العفاة طلاب القرى = ونبح الكلاب لمستنبح
ترى دعس آثار تلك المط = يّ أخاديد كاللّقم الأفيح
ولو كنت في نفق رائغ = لكنت على الشّرك الأوضح
وأنشدني أبو الزّبرقان  :
له نار تشبّ بكلّ ريع = إذا الظلماء جلّلت البقاعا
وما إن كان أكثرهم سواما = ولكن كان أرحبهم ذراعا
ويروى:
«ولم يك أكثر الفتيان مالا» .
وفي نار القرى يقول الآخر:
على مثل همّام ولم أر مثله = تبكّي البواكي أو لبشر بن عامر
غلامان كان استوردا كلّ مورد = من المجد ثمّ استوسعا في المصادر
كأنّ سنا ناريهما كلّ شتوة = سنا الفجر يبدو للعيون النّواظر
وفي ذلك يقول عوف بن الأحوص  :
ومستنبح يخشى القواء ودونه = من اللّيل بابا ظلمة وستورها
رفعت له ناري فلمّا اهتدى بها = زجرت كلابي أن يهرّ عقورها
فلا تسأليني واسألي عن خليقتي = إذا ردّ عافي القدر من يستعيرها
ترى أنّ قدري لا تزال كأنّها = لذي الفروة المقرور أمّ يزورها
مبرّزة لا يجعل السّتر دونها = إذا أخمد النيران لاح بشيرها
إذا الشّول راحت ثمّ لم تفد لحمها = بألبانها ذاق السّنان عقيرها ))([24]) .

نار القربان :

نار خلقها لقبول القرابين تنزل من السماء تأكل القربان المقبول وهي التي أكلت قربان هابيل دون قابيل ، وكان بنو إسرائيل إذا أرادوا امتحان إخلاصهم تركوا القربان في بيت لاسقف له تى تهبط النار فتأكله ، وأهل الجاهلية كانوا يوقدون نارا عظيمة ويأتون بالقرابين في الخلف منها وهم يطوفون حولها ويتضرعون فإذا أكلت النار عدوا ذلك قبولا لها ([25]).

نار المزدلفة :

نار من نيران العرب بالجاهلية ، وهي نار توقد بالمزدلفة من مشاعر الحج ليراها من دفع من عرفة ، وأول من أوقدها قصي بن كلاب ([1]).

نار المسافر أو الزائر   :

أحد نيران العرب المعروفة في الجاهلية ، ويسمونها نار الطرد ، وذلك أنهم إذا لم يحبوا رجوع شخص أوقدوا نار ودعوا عليه ، ويقولون في الدعاء : أبعده الله وأسحقه .
قال النويري : (( نار الزائر والمسافر. ويسمونها نار الطّرد. وذلك أنهم كانوا إذا لم يحبوا رجوع شخص، أوقدوا خلفه نارا ودعوا عليه. ويقولون فى الدعاء: أبعده الله وأسحقه! وأوقدوا نارا إثره. قال الشاعر:
وجمّة قوم قد أتوك ولم تكن = لتوقد نارا خلفها للتندّم. )) ([1]) .
وقال القلقشندي: (( هي نار كانوا يوقدونها خلف من يمضي ولا يحبّون رجوعه. )) ([2]) .
وقال ابن أبي حديد : (( و من مذاهبهم أنهم كانوا يوقدون النار خلف المسافر الذي لا يحبون رجوعه يقولون في دعائهم أبعده الله وأسحقه وأوقد نارا أثره قال بعضهم :
صحوت وأوقدت للجهل نارا
و رد عليك الصبا ما استعارا
و كانوا إذا خرجوا إلى الأسفار أوقدوا نارا بينهم وبين المنزل الذي يريدونه ولم يوقدوها بينهم وبين المنزل الذي خرجوا منه تفاؤلا بالرجوع إليه . )) ([3]) .
وقال الجاحظ في الحيوان : (( ونار أخرى، وهي النّار التي كانوا ربّما أوقدوها خلف المسافر، وخلف الزّائر
الذي لا يحبّون رجوعه. وكانوا يقولون في الدّعاء: أبعده الله وأسحقه، وأوقد نارا خلفه، وفي إثره! وهو معنى قول بشار - وضربه مثلا:
صحوت وأوقدت للجهل نارا
وردّ عليك الصّبا ما استعارا
وأنشدوا  :
وجمّة أقوام حملت ولم تكن
لتوقد نارا إثرهم للتندّم
والجمّة: الجماعة يمشون في الصلح. وقال الراجز في إبله :
تقسم في الحقّ وتعطى في الجمم
يقول: لا تندم على ما أعطيت في الحمالة، عند كلام الجماعة فتوقد خلفهم نارا كي لا يعودوا. )) ([4])  .
ويقول عبد السلام هارون في هامش الحيوان : (( سماها العسكري في كتاب الأوائل " نار الطرد " صبح الأعشى ( 1 : 409 ) وتنزيل الآيات لمحب الدين أفندي . وسماها الثعالبي في ثمار القلوب 459 " نار المسافر " .  ))([5]) .
هي النار التي توقد خلف المسافر الذي يبغضونه والزائر الذي لا يحبون رجوعه ويقولون : أبعده الله ، وأوقدوا نارا في أثره ([6]) .
وشبيه لهذا في ما يعرف عند العامة في مصر من كسر ( القوّارة ) وهي قطعة من خزف من بُرْمة أو قُلة فهم يقلون : كسروا وراه قوارة لاعتقادهم أنهم إن فعلوا ذلك وراء إنسان راحل من عندهم وهم لا يحبون عودته فإنه لا يعود . [ أنظر مادة ( القوارة ) ] ([7]).
وبعكس هذا يذكر أحمد تيمور في اعتقادات العامة أنه إذا سافر شخص فهم لا يكنسون الدارعقب سفره لاعتقادهم أنهم إن فعلوا فإنه لا يعود ويورد بعض المراجع التي أردت مثل ذلك  مثل قطغ الأزهار : نطير العامة من الكنس ليلاً فإن فعلوا أحرقوا طرف المكنسة ([8]).
انظر مادة ( نار الطرد ) ومادة ( ضبعه معه ) .

نار الهُولة ( نار المهول ) :

وتسمى بالهولة و التهويل ، والتهويل شيء كان يفعل في الجاهلية كانوا إذا أراد أن يستحلفوا إنساناً أوقدوا نار ليحلف عليها ، وكان في الجاهلية لكل قوم نار وعليها سدنة فكان إذا وقع بين الجلين خصومة جاء إلى النار فيحلف عندها ، وكان السدنة يطرحون فيها ملحاً من حيث لا يشعر فيفقع يهولون بها عليه .
وفي الأساس أصلها النار التي كانت توقد في بئر ويطرح فيها ملح وكبريت ، فإذا انقضت واستطالت قال المهول وهو الطارح للمستحلف عندها : هذه النار قد تهددتك فينكل عن اليمين . ويسمى المُهول : المُحلف وهو سادن النار الذي يطرح الملح فيها ، قال أوس بن حجر يصف حمار وحش :
إذا استقبلته الشمس صد بوجهه = كما صد عن النار المهُول حالف ([9]).
ويذكرون في نار التحالف أنهم كانوا يحلفون بالنار وكانت لهم نار يقال : أنها كانت بأشراف اليمن لها سدنة فإذا تفاقم الأمر بين القوم فحلف بها انقطع بينهم وكان اسمها هولة والمهولة . وكان سادنها إذا أتى برجل هيبه من الحلف بها ولها قيم يطرح فيها الملح والكبريت فإذا وقع فيها استشاطت وتنقضت فيقول : هذه النار قد تهددتك . فإن كان ميبا نكل وإن كان بريئاً حلف ، قال الكميت: 
هم خوفونا بالعمى هوة الردى = كما شب نار الحالفين المهول
وقال الكميت وذكر امرأة: 
فقد صرت عما لها بالمشي = ب زولا لديها هو الأزول
كهولة ما أوقد المحلفون = لدى الحالفين وما زولوا
وقال أوس : 
إذا استقبلته الشمس صد بوجهه = كما صد عن نار المهول حالف
وقال أيضا في نار الأهبة : كانوا إذا أرادوا حربا أو توقعوا جيشا وأرادوا الاجتماع أوقدوا ليلا على جبل لتجتمع إليهم عشائرهم فإذا جدوا وأعجلوا أوقدوا نارين.
وقال الفرزدق: 
ضربوا الصنائع والملوك وأوقدوا = نارين أشرفتا على النيران ([10]).
وكانت العرب تتحالف على النار وتتعاقد على الملح ، قال الشاعر :
حلفت لهم بالملح والقوم شهد = وبالنار واللات التي هي أعظم
وقال الكميت :
بهولة ما أوقد المخلفون = لدى الخائفين وما هوّلوا
والهولة نار كان يوقدونها ويلقون عليها الكبريت ليستعظم مرآها ويهابها من قدم على اليمين ويخشاها ([11])، وكان أهل الجاهلية إذا أرادوا أن يعقدوا حلفاً أوقدوا ناراً وعقدوا حلفهم عندها ودعوا بالحرمان والمنع من خيرها على من ينقض العهد ويحل العقد وكانوا يطرحون فيها الملح والكبريت ، فإذا استشاطت قالوا للحالف : هذه النار تهددتك يخوفونه بها حتى يحافظ على العهد والوعد ولا يحلف كذباً ويضم غي ما يظهر ولذلك عرفت هذه النار بنار التحالف وهي نار يقسم المتخاصمون عليها كذلك فإن كان الحالف مبطلاً نكل ، وإن بريئاً حلف ولهذا سموها نار المولة ([12]).
نار التحويل وهي النار التي كانت توقد في بئر ويطرح فيها ملح وكبريت فإذا استشاطت قال المهول وهو الطارح للمستحلف عند هذه النار قد تهددتك فينكل عن اليمين ([13]) .
أنظر مادة ( نار الحلف ) .

نار الوسم :

من نيران العرب في الجاهلية .
 قال القلقشندي: ((وهي النار يسم بها الرجل منهم إبله فيقال له ما سمة إبلك؟ فيقول كذا. )) ([1]).
وقال النويري: (( نار الوسم. كانوا يقولون للرجل: ما نارك؟ (فى الاستخبار عن الإبل) أو ما سمتك؟ [فيقول] : حياط، أو علاط، أو حلقة، أو كذا، أو كذا.
حكى أن بعض اللصوص قرّب إبلا كان قد أغار عليها وسلبها من قبائل شتّى إلى بعض الأسواق، فقال له بعض التجّار: ما نارك؟ وإنما سأله عن ذلك، لأنهم كانوا يعرفون ميسم كل قوم وكرم إبلهم من لؤمها، فقال:
تسألنى الباعة: ما نجارها، = إذ زعزعوها فسمت أبصارها؟
وكلّ دار لأناس دارها! = وكلّ نار العالمين نارها ))([2]) .
ويقول الآبي في نثر الدرر: (( نار الوسم والميسم: يقال للرجل: ما نارك؟ فيقول: خباط أو علاط أو حلقة أو كذا أو كذا وعرض بعض اللصوص إبلا قد أغار عليها وسلبها من كل جانب، وجمعها من قبائل شتى، ففر بها إلى بعض الأسواق، فقال له بعض التجار. ما نارك؟ - وإنما يسألون عن ذلك لأنهم يعرفون ميسم كل قوم وكرم إبلهم من لؤمها به فقال :
يسألني الباعة ما نجارها = إذا زعزعوها فسمت أبصارها
وكل دار لأناس دارها = وكل نار العالمين نارها نار ))([3]) .
وقال الجاحظ: ((ونار أخرى وهي نار الوشم والميسم يقال للرجل : ما نار إبلك فيقول : علاط أو خباط أو حلقة أو كذا وكذا .
 وقرب بعض اللصوص إبلا من الهواشة وقد أغار عليها من كلجانب وجمعها من قبائل شتى فقربها إلى بعض الأسواق فقال له بعض التجار : ما نارك وإنما يسأله عن ذلك لأنهم يعرفون بميسم كل قوم كرم إبلهم من لؤمها فقال :
تسألني الباعة ما نجارها = إذ زعزعوها فسمت أب صارها
فكل دار لأناس دارها = وكل نار العالمين نارها
وقال الكردوس المرادي :
تسائلني عن نارها ونتاجها = وذلك علم لا يحيط به الطمش
والطمش : الخلق والورى : الناس خاصة .  ))([4]) .

هناك تعليق واحد:

  1. مقالة فيها معلومات قيِّمة ومفيدة تستحق الإعجاب

    ردحذف