الأربعاء، 5 سبتمبر 2018

حكايات شعبية : بليبل الصياح


بليبل الصياح


الراوي : يرد عنوان هذه الحكاية لقصتين من القصص الشعبية ، القصة الأولى ويرويها الجهيمان ( سبحونة ) ، أم القصة الثانية فهي مشهورة في الشام وفي مناطق أخرى من العامل العربي .
وحكاية ( بليبل الصياح ) يرويها الجهيمان عن عبد الرحمن فهد البواردي  .
الحكاية الأولى :
 وتحكي القصة حكاية ثلاث فتيات ووالدهم الذي سألهن عن ما  يريدن  عند سفره للحج فطلبت كل واحدة من الأختين بعض الطلبات بينما طلبت الصغرى أن يهديها بليبل الصياح وذهب الوالد إلى الحج وعاد بهذا البليبل والذي كان قطعة من الجص وقد كلف والدها الكثير من المال والمشاق ، وقد سأل الوالد ابنته عن معرفتها بهذا الشيء فذكرت أنها عرفت عنه من حديث عجوز عن هذا البليبل مما جعل الوالد يسخط على ابنته ويقذف بقطعة الجص عليها فتهرب من المنزل .
 تصل البنت الصغرى إلى مدينة اخرى حيث تسكن في أحد البساتين عند فلاح عجوز ثم تعلم أن في وسط الجص علبه بها مروحة وعندما تحركها يظهر بليبل الصياح ليقوم بخدمتها ، وتقوم زائرتان حسدتا الفتاة على هذا السر فيقومان بكسر الزجاج وغرزها في النافذة التي يخرج منها بليبل الصياح ويرحل بعيدا إلى منزله حيث بتعرض للمرض .
 تخرج الفتاة للسفر للبحث عن بليبل الصياح وفي طريقها تسمع حديث حمامتين تذكرنا إصابة بليبل الصياح وأن علاجه هو قتل حمامتين وأكل الحمامتين ، لتصل الفتاة إلى منزل بليبل الصياح وتطلب من أحد الصيادين أن يصيد حمامتين من صفتها كذا وكذا وتقوم الفتاة بعد ذلك بذبح الحمامتين وإطعامها إلى بليبل الصيح ليشفي من المرض ليقوم بعد ذلك بالزواج من الفتاة ([1]) .
أبرز الوحدات السردية:
الطائر العشيق ( B614 ) ؛ الزواج من شخص في هيئة طير ( B642 ) ؛ عاشق يزور محبوبته في هيئة طير ( D641.1 ) ؛ حيوان يشل عن الحركة ( D2072.0.2 ) ؛ العروس [ العريس ] تساعد خطيبها على أداء المهمات ( H335.0.1 ) ؛البحث عن حبيب اختفى ( H1385.5 ) ؛ فتاة تتقمص دور طبيب كي تجد حبيبها الراحل ( K1825.1.4 ) ؛ اللعنة عقابا على النكوص بالوعد ( M205.2 ) ؛ استراق السمع إلى محادثة عن علاج سري تدور بين الحيوانات ( ساحرات ) ( N452 ) ؛ جروح بسبب مصيدة من سكاكين ( رجاج ) حادة ( S181 ) .
التعليق والمقارنة :
والقصة شبيها لقصة (حجاز بن مرجاز ) عند عبده خال ([2])، وكذلك الحكاية الشعبية الفلسطينية  ( جميز بن يازور شيخ الطيور ) ([3]).
ومن القصص المشابهة ( ورد وورد دقوش ) في فلسطين و ( أنا الطبيب المداوي ) و ( الفلفل الحار ) و ( يوسف المسحور ) ، وفي لبنان ( الست ورد وفلفل حار ) ، وفي سوريا( فلفل الحب قتيل الهوى ) و ( زر الورد وست الحسن ) ، وفي العراق ( السفينة البلورية ) ، وفي السودان ( حسن الطيب ) ([4]).
ومن أنماطها السردية أو موضوعاتها حكاية استراق السمع للحمامتين ونجد هذا النمط في جميع هذه القصص التي سجلناها في هذه المادة وكذلك في حكاية ( مريود النيل ) عند مفرج السيد ([5]) ، وموضوع هذا النمط : ( استراق السمع إلى محادثة عن علاج سري تدور بين حيوانات (ساحرات ) ورقم الوحدة ( 452N ) ، وهذا النمط يرد أيضا في حكاية ( يوحنا المخلص ) عند الإخوان غريم وإن كان يوحنا قد سمع حديث لغربان وما سوف يتعرض له الملك من متاعب([6]).
وهناك تشبه بين هذه الحكاية وحكاية " الجميلة والوحش " فتبدأ حكاية الجميلة والوحش كما تبدأ هذه الحكاية بطلب غريب للأخت الصغرى ([7]).
الحكاية الثاني :
وحكاية بليبل الصياح في الشام تختلف عن هذه القصة التي يرويها الجهيمان ، فتذكر الحكاية الشامية أن هناك ثلاث فتيات أخوات تمنت الأول أن تتزوج من فران الملك وتمنت الأخت الثانية أن تتزوج من طباخ الملك بينما تمنت الصغرى أن تتزوج من ابن الملك ، وقد سمع الملك أمنياتهم وهو يسير في طريقه فقام بتنفيذ أمنياتهم فزوج الأول بفرانه والثانية بطباخه والثالثة بابنه ، فحسدت الأختان الكبيرتان أختهما الصغرى لزواجها من ابن الملك ، ولما ولدت قمن برشوة الداية لتستبدل المولود الأول بكلب والمولود الثاني بقط والمولودة الثالثة بحجر عند ولادتهم ، وقمن بوضع  كل طفل في صندوق ورميه في النهر ليقوم بإنقاذهم رجل ويربيهم ، بينما يهجر ابن الملك زوجته ، ويعيش الأبناء الثلاثة الولدين واختهم في كنف هذا الرجل العجوز وعندما يكبر الأبناء الثلاثة يهديهم العجوز ثروته بعد وفاته فيذهبون إلى مدينة الملك ويبنوا قصر مثل قصر أبوهم فتتعرف الخالتان الشريرتان عليهم فيرسلان امرأة عجوز إلى الفتاة لتظهر إعجابها بالقصر وتذكر العجوز للفتاة أنه لا ينقص القصر إلا بليبل الصياح ، وذلك حيلة ليتخلصوا منهم ، فيقوم الأخوة بالمحاولة لجلب هذا البليبل فيذهب الأخ الأكبر إلا أنه لا يفلح في جلب بليبل الصياح بل يقلبه البليبل إلى حجر فيذهب الأخ الثاني ويفشل هو أيضاً في المهمة فتذهب الفتاة وتستطيع بصبرها أن تجلب البليبل وتخلص أخويها وعندما يأتون به يأتيهم والدهم الملك مصادفة فيستضيفونه فيصيح بليبل الصياح ليخبر بما جرى للأبناء وبما قامت به الخالات فيعلم الملك بعد ذلك أن هؤلاء الثلاثة أبناءه فيقوم بقتل الداية والخالتين ([8]) .
أبرز الوحدات السردية :
 طائر يكشف الغدر أو الخيانة ( B131.2 ) ؛  طائر مسحور يصعق كلاً من يقترب منه ( B172.1 ) ؛ البحث عن الطائر الذي ينطق بالحقيقية ( H1331.1 ) ؛افتراء على امرأة بأنها ولدت حيواناً ( K2115 )؛ ( استبدال مواليد جدد بحجر ( K2115.2.1 ) ؛  الأخوات الغادرات ( K2212 ) ؛  الزوجة المهجورة تعود إلى زوجها وأولادها في نهاية المطاف ( S451 )؛ رجل عجوز يقدم المساعدة ( N825.2 ) ، عجوزان ( عجوز ) من دون أولاد يتبنى البطل ( N825.1 ).
التعليق والمقارنة :
وهذه القصة الأخيرة قصة شعبية تشتهر في العالم العربي والعالم أجمع وتعتبر من أشهر ثمان أو عشر حكايات معروفة على مستوى العالم وهناك أكثر من 414 رواية من هذه الحكاية ، ويذكر بعض الباحثين الغربيين أنها من أكثر الحكايات شعبية في أوروبا ، وقد كانت هذه الحكاية شائعة في الشرق في أواخر القرن التاسع عشر  بصفتها حكاية شعبية  وهي منتشرة في مصر حتى أن بعض الباحثين يشير إلى وجود أربع عشر رواية من هذه الحكاية  ، وهي من الحكايات التي يتكرر تصنيفها ضمن مختارات ألف ليلة وليلة المترجمة ، وأصبحت جزء من حكايات ألف ليلة وليلة ويذكر بعض الباحثين أنه لا يوجد في الأصل نص عربي للحكاية وأن Galland هو من ألف هذه القصة وضمها إلى مؤلفة ألف ليلة وليلة استناداً إلى رواية عربية من الحكاية استمع إليها من بلد عربي ، ويرى بعض الباحثين الغربيين أن القصة تم استعارتها من قصة متداولة شفويا في مصر حتى سنة 1886م وأن Galland مسؤول عن إدخال هذه الحكاية ضمن إرث ألف ليلة وليلة وأن Burton حذا حذوه فضمنها كتابه عن الليالي مستندا في ترجمته كما يلاحظ Chauvin إلى نص هندوستاني  ([9])  .
ومن القصص المعروفة وتطابقه مع هذه القصة في فلسطين قصة ( بليبل الصياح ) و ( السيدة بقجازيا ) و ( العندليب الصياح ) و ( التوأم المفضل ) ، وفي العراق ( العندليب ) و ( التفاحة المسحورة ) و ( الملك والأخوات الثلاث ) و ( بنت السماندرس ) وفي مصر ( الشاطر محمد ) و ( عهود الأخوات الثلاث ) و ( حكاية البلبل الصياح ) و ( حكاية عرب زنديق ) ، وفي السودان ( الأميرة وأخوها سالم ) وفي الجزائر ( الغولة المغيثة ) وفي شمال إفريقية وعند البربر ( أمير وأميرة بجبهتين من ذهب ) ([10])، وقد أوردها نمر سرحان بعنوان " بليبل الصياح " ([11]).


([1]) انظر أساطير شعبية للجهيمان ج 4 ص 185 – 198 .
([2]) عبده خال ، قالت عجيبية .. أساطير تهامية ، ص 347 -361 .
([3]) قول يا طير ، ص 115 – 118 .
([4]) قول يا طير ، ص 315 ، 316 .
([5]) مفرج السيد ، قصص وأساطير شعبية من منطقة المدينة المنورة ( بدر ووادي الصفراء ) ص 67 .
([6]) حكايات الأخوان غريم ، ص 50 ، 51 ، ترجمة : نبيل الحفار .
([7]) قول يا طير ، ص 316 .
([8]) انظر قول يا طير ص 102 – 108 .
([9]) انظر قول يا طير ص 312 ، 313 .
([10]) انظر قول يا طير ص 311 ، 312.
([11]) نمر سرحان ، الحكاية الشعبية الفلسطينية ، ص 148-154 .

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق