الثلاثاء، 28 أغسطس 2018

يوم جبلة = شعب جبلة - معجم الأساطير


جبلة ( يوم جبلة = يوم شعب جبلة ) 


يوم من أيام العرب الشهير في الجاهلية وهو من أعظم أيام العرب وكان عام مولد الرسول صلى الله عليه وسلم وكان اليوم لعامر وعبس على ذبيان وتميم ([1]).
وذكر صاحب مجمع الأمثال أن جبلة هضبة حمراء بين الشريف والشرف وهما مائين ، الشريف لبني نمير والشرف لبي كلاب ، ويقال لهذا الموضع شعب جبلة ، وذكر أن هذا اليوم كان بين بني عبس وذبيان ! ([2]).
وقد قاد لقيط بني تميم يوم جبلة ، كما فدى حاجب نفسه بألف ومائة ناقة يوم جبلة ([3])، بينما كان على الاحوص بن جعفر بن كلاب بني عامر ([4]) .
وذكروا أن يوم جبلة كان في سنة مولد الرسول صلى الله عليه وسلم وذلك لمضي اثنين وأربعين سنة من ملك كسرى انوشروان ([5]) ، وقيل أنه قبل الإسلام بثلاثين عاما أو أربعين ([6]) ، وهو بعد يوم رحرحان ( رحرحان الثاني ) بعام وذلك عام مولد النبي على رواية ، أو قبل مولده بسبع عشرة سنة على رواية أخرى ([7])وقال أبو عبيدة : كان عام الفيل بعد يوم جبلة بست سنين، وذلك أن يوم جبلة كان بعد يوم رحرحان بسنة، وكان يوم ذي نجب بعد يوم جبلة بسنة، وكان عام الفيل بعد يوم ذي نجب بأربع سنين ، قال وكيع: وحدثني إبن السري عن هشام الكلبي قال: كان يوم الفيل بعد يوم جبلة بسبع عشرة سنة ([8]).
ويذكر البلاذري أن يوم جبلة كان قبل مولد الرسول صلى الله عليه وسلم بسبع عشرة سنة وأن سبب ذلك اليوم أن بني عبس خرجوا هاربين من بني ذبيان فاجارهم الاحوص بن جعفر بن كلاب سيد بني عامر فلما عرف خبرهم بنو ذبيان استعدوا وجمعوا عليهم حصن بن حذيفة الفزاري ومعه بنو أسد وأقبل معهم معاوية بن شرحبيل الكندي وأقبلت بنو حنظلة بن مالك والربابو عليهم لقيط بن زرارة يطالبون بدم معبد بن زرارة فاقتتلوا قتالا شديداً ([9]) .
وذكر ابن الأثير أن لقيط بن زرارة عزم على غزو بني عامر للأخذ بثأر أخيه معبد بن زرارة بعد أسره في يوم الرحرحان ، فعلم بحلف بني عبس وبني عامر فأرسل لكل أعداء بني عبس للحلف والتظافر على غزو عبس وعامر فاجتمعت إلهي أسد وغطفان وعمرو بن الجون ومعاوية بن الجون فعقد معاوية بن الجون الألوية، فكان بنو أسد وبنو فزارة بلواء مع معاوية بن الجون، وعقد لعمرو بن تميم مع حاجب بن زرارة وعقد للرباب مع حسان بن همام، وعقد لجماعة من بطون تميم مع عمرو بن عدس، وعقد لحنظلة بأسرها مع لقيط بن زرارة واجتمعوا في جمع عظيم فعلم بنو عبس وعليهم قيس بن زهير العبسي  وعامر وعليهم الأحوص بن جعفر بذلك ، فاقترح قيس بن زهير أن ينسحبوا إلى شعب جبلة ويظمؤا بإملاهم ولا يوردوها الماء فإذا جاء القوم أخرجوا عليهم الإبل بعد نخسها بالسيوف والرماح فتخرج مذاعير وتشغل القوم وتفرق جمعهم ثم يخرج بني عبس وعامر في آثارها ، فانسحبت عبس وعامر إلى جبل شعبة وسار حلف بني تميم حتى نزل على فم الشعب بعساكر جرارة ، فأمر قيس أن تخرج الإبل فخرجت الإبل مذاعير فخبطت تميما ومن معاها وكانوا في الشعب وفرقتهم في الصحراء على غير تعبية فحملت عبس وعامر وكثر القتل في تميم وكان أول من قتل من رؤسائهم عمرو بن الجون وأسر معاوية بن الجون وعمرو بن عمرو بن عدس وأسر حاجب بن زرارة وقتل ريس بني تميم لقيط بن زرارة وقد طعنه عنترة وضربه قيس بالسيف ، ويذكر ابن الأثير رواية أخرى في سبب ذلك اليوم عن محمد بن إسحاق وهي أن بني خندف كان لهم على قيس أكل تأكله القعدد من خندف ، ثم أبت قيس أن تعطي الأكل وامتنعت منه فجمعت تميم وحالفت غيرها من العرب وساروا إلى قيس ([10]) .
وقد سارت فيه بنو تميم كلها مع لقيط بن زرارة إلى بني عامر وقد استنجد لقيط بالنعمان بن المنذر ( 582 -609 م ) الملك فأنجده بعسكره مع ابن أخيه لأمه حسان بن وبرة بن رومانس الكلبي واستمد ببني ذبيان فساروا معه إلا بني بدر واستمد ببني أسد بن خزيمة فأمدوه وأتى الملكين الكنديين حسان ومعاوية أبني الجون فاستنجدهما ، فساروا معه بجيوشهما فحصروا بني عامر في شعب جبلة ، ثم كانت الكرة لبني عامر ([11]) ، وفي بعض الروايات أن الجون بعث ابنيه حسان ومعاوية وقيل عمرو ومعاوية في جيوشه مع لقيط وصار لقيط إلى النعمان بن المنذر فبعث معه جيشه وعليهم ابن أخيه لأمه حسان بن وبره بن رومانس الكلبي فهمزتهم بنو عامر وأسر عوف بن الأحوص حسان الجون وأسر طفيل بن مالك بن جعفر معاوية بن الجون ، ثم أن عوفا جز ناصية أسيره حسان بن الجون وأطلقه فلقيه رجل من بني عبس فقتله لما كان من غزو أبيه لهم يوم الفروق مع بني سعد بن زيد مناه ، وقيل أن عوف قتل حسان بن الجون ([12]).
ويذكر البلاذري أن لقيط بن زرارة بن عدس كان يطلب من بني عامر بدم معبد بن زرارة ويثربي بن عدس فحشدت معه حنظلة وبنو ضبة وتيم وعدي وعكل وكان حصن بن حذيفة يطلب بدم حذيفة ومعه الحليفان أسد وذبيان وكانت بنو عبس قتلت حذيفة يوم الهبأة وكان معهم معاوية بن شرحبيل بن أخضر بن الجون في جمع من كنده كثيف فقاتلوا بني عامر ومعهم بنو عبس يوم شعب جبلة ([13]). 
ويذكر جواد على أن لقيط بن زرارة أخذ يعد العدة انتقاما من بني عامر ليأخذ ثأره من أخيه معبد الذي أسر يوم رحرحان ومات في الأسر فذهب إلى النعمان بن المنذر فأجابه وإلى الجون الكلبي ملك هجر وإلى بني ذبيان وبنو أسد فاسجتمعت الجيوش جيش جون الكلبي وعليه عمرو ومعاويه ابناه وجيش النعمان وعليه أخوه لأمه حسان بن وبره الكلبي وأقبل الحليفان أسد وذبيان وعليهم حصن بن حذيفة وأقبل شرحبيل بن أخضر بن الجون بن آكل المرار في جمع من بني كندة وسار سادات تميم وأحلافهم يقصدون بني عامر فنتج عن ذلك جمع لم يكن في الجاهلية أكثر منه وعرفت بنو عامر بمجيئ الجمع فتحصنت في شعب جبلة وأخبرهم كرب بن صفوان السعدي ، ثم انسحبت بنو أسد ولما وصل بنو تميم وأحلافهم للفتك ببني عامر وعبس باغتهم هؤلاء بهجوم مفاجئ فارتدوا مذعورين لتتعقبهم سيوف بني عامر فكانت هزيمة فادحة كلفت لقيطا حياته وقتل عمرو بن الجون  وأوقعت حاجبا في الأسر وأسر عمرو بن عمرو بن عدس وأسر معاوية بن الجون  ، وقد وقع هذا اليوم في عام مولد النبي على بعض الروايات أي سنة ( 570 م ) وبعد عام من يوم الرحرحان وفي رواية أخره أنه في عام واحد مع يوم رحرحان ([14]) .
وقد عد يوم جبلة من أعظم أيام العرب ، وقال أبو عبيدة : أعظم أيام العرب يوم جبلة ([15])  ، وقالوا أيام العرب ثلاثة : يوم جبلة وهو الأول وهو بين بني تميم وبين عامر وكان قبل الإسلام بثلاثين عاما أو أربعين ويوم الكلاب الثاني يوم عبد يغوث بين النمر وتميم ، ويوم ذي قار ([16]) ، وقد أرخ العرب بيوم جبلة كما أرخوا بيوم الكلاب الأول والكلاب الثاني ([17]) .
ويقترن يوم جبلة ( شعب جبلة ) بيومين من أيام العرب وهما يوم الرحرحان الثاني ويوم ذي نجب ، وهم يزعمون أن يوم جبلة بعد عام من يوم الرحرحان  كما ذكرنا سابقا، وأن يوم ذي نجب بعد جبلة بحول ويزعمون في يوم ذي نجب أن بني عامر استنجدوا بابن الجون الكندي على تميم وشكوا ما نالهم يوم شعبة جبلة فوجه معهما جيشا عليه عمرو وحسان ابنا كبشة ، وذكر أبو عبيدة أن بني عامر اطمعوا  معاوية  بن الجون بن حجر الكندي وأطمعوه في تميم ، بينما يذكر البلاذري أن الثابت عنده أن بني عامر أتوا حسان بن عمرو بن معاوية بن الجون بن حجر بن عمرو أكل المرار فشكوا إليه ما نالهم يوم جبلة وكان حسان على تميم يوم جبلة  ، فسار معهم وسار معهم معاوية بن شرحبيل بن أخضر بن الجون ([18])  ، وفي موضع أخر أن حسان بن عمرو بن الجون كان على بني تميم يوم شعب جبلة ، وكان معاوبة بن شرحبيل بن أخضر بن الجون يوم شعب جبلة مع بني عامر ، فاجتمعا في يوم ذي نجب على بني تميم ([19]).
وفي اعتقادي أن الزعم بأن هذه الأيام ( يوم رحرحان ، يوم جبلة ، يوم ذي نجب ) يفصل بينها عام غير صحيح فقد كان يوم الرحرحان بين تميم وعبس ضد بني عامر ، ثم تورطت عبس في حربها مع بني ذبيان في حرب داحس والغبراء  ومعاركها الطويلة مع بعض القبائل كما ترويها كتب التاريخ ( كتكاب الكامل في التاريخ ) وقد استمرت تلك الحروب عدة سنوات ثم تحالفت عبس مع بني عامر ضد ذلك الحلف الذي جمعته تميم أو ذبيان ، مع بعض ملوك كندة ، وكذلك بالمثل من غير المنطقي أن تتبدل التحالفات بين ملوك ذلك الزمن وفي ظرف سنة كما حدث في يوم جبلة ويوم ذي جنب فيكون حسان بن عمرو بن معاوية بن الجون حليف تميم ضد بني عامر في يوم جبلة ، يكون حليف بني عامر ضد بني تميم في العام الذي يليه ، هذا إن لم  يختلط خبر اليومين عند الرواة  ، كما أن الروايات تذكر في الغالب أن يوم جبلة كان في عام مولد الرسول ( سنة 570 م ) أو قبل مولده بسبع عشر سنة ، و هذه الرواية تتعارض مع ما يرونه عن هذا اليوم من أن النعمان بن المنذر قد بعث ابن أخيه لأمه حسان بن وبرة بن رومانس الكلبي ، فقد حكم النعمان بن المنذر ما بين سنتي ( 582 – 609 م )  أي بعد مولد الرسول بأكثر من عشر سنوات ، وقد يرجح الرواية التي تذكر أن ذلك اليوم كان  قبل الإسلام بثلاثين عاما.  

من كتابي المخطوط ( معجم الأساطير ) 



([1]) انظر المنتظم ج 2 ص 259 ، ط1 ، دار الكتب العلمية .
([2]) انظر مجمع الأمثال ج 2 ص 432 ، دار المعرفة .
([3]) انظر المحبر ص 458 ، دار الآفاق الجديدة ، بيروت .
([4]) انظر المعارف ص 88 ، ط2 ، الهيئة المصرية العامة للكتاب .
([5]) انظر تاريخ الطبري ج 2 ص 154 ، ط2 ، دار التراث .
([6]) انظر المناقب المزيدية ص 192 ، و ص 227 مكتبة الرسالة الحديثة .
([7]) انظر المفصل ج 8 ص 114 ، ط4 ، دار الساقي .
([8]) انظر تاريخ سنى ملوك الأرض ص 115 ، دار مكتبة الحياة ، بيروت .
([9]) انظر أنساب الأشراف للبلاذري ج 12 ص 20 ، ط1 ، دار الفكر .
([10]) انظر الكامل في التاريخ ج 1 ص 522 - 525 ، ط1 ، دار الكتاب العربي . 
([11]) انظر المناقب المزيدية ص 227 ،  228 ، مكتبة الرسالة الحديثة ، عمان .
([12]) انظر المناقب المزيدية ص 532 ، مكتبة الرسالة الحديثة ، عمان .
([13]) انظر أنساب الأشراف للبلاذري ج 12 ص 365 ، ط1 ، دار الفكر .
([14]) انظر المفصل ج 10 ص 43 – 45 ، ط4 ، دار الساقي .
([15]) انظر المنتظم ج 2 ص 259 ، ط1 ، دار الكتب العلمية .
([16]) انظر المناقب المزيدية ص 192 ، مكتبة الرسالة الحديثة .
([17]) انظر تاريخ الطبري ج 1 ص 193 ، ط2 ، دار التراث .
([18]) انظر أنساب الأشراف للبلاذري ج 12 ص 124 ، ط1 ، دار الفكر .
([19]) انظر أنساب الأشراف للبلاذري ج 12 ص 168 ، 169 ، ط1 ، دار الفكر .

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق