إبراهيم بن السندي
مولى بني العباس ويرجع في إصوله إلى السند ،
وقد ذكر عمر الطباع أنه عمل في الخراج نقلًا عن الجاحظ فيما يبدو ، وقد عينه
المأمون عينه على الخبر في بغداد كما سوف ترى في حديث طيفور .
ويظهر
أن اتصال الجاحظ بإبراهيم بن السندي كان في زمن المأمون وقد روى عنه الجاحظ الكثير
من الروايات في كتبه خاصة البيان والتبيين والحيوان والبخلاء وغيرها وخاصة في
اخبار الدولة العباسية ، والجاحظ يمدحه في البيان والتبيين ويقول عنه : ( فانه كان
رجلا لا نظير له وكان خطيبا وكان ناسبا وكان فقيها وكان نحويا عروضيا وحافظا
للحديث راوية للشعر شاعرا وكان فخم الالفاظ شريف المعاني وكان كاتب القلم كاتب
العمل وكان يتكلم بكلام رؤبة ويعمل في الخراج بعمل زاذان فروح الاعور وكان منجما
طبيبا وكان من رؤساء المتكلمين وعالما بالدولة وبرجال الدعوة وكان احفظ الناس لما
سمع وأقلهم نوما وأصبرهم على السهر ) ([1]) .
ويقول الجاحظ عنه أيضًا : ( وحدثني ابراهيم بن
السندي مولى أمير المؤمنين، وكان عالما بالدولة، شديد الحب لأبناء الدعوة، وكان
يحوط مواليه ويحفظ أيامهم، ويدعو الناس إلى طاعتهم، ويدرسهم منقابهم، وكان فخم
المعاني فخم الألفاظ، لو قلت لسانه كان أرد على هذا الملك من عشرة آلاف سيف شهير،
وسنان طرير، لكان ذلك قولا ومذهبا.) ([2]).
ويظهر أن إبراهيم بن السندي من الذين يعشقون
الكتب فهو يقول : ( وددت أن الزنادقة لم
يكونوا حرصاء على المغالاة بالورق النقي الأبيض وعلى تخير الحبر الأسود المشرق
البراق وعلى استجادة الخط والإرغاب لمن يخط فإني لم أر كورق كتبهم ورقا ولا
كالخطوط التي فيها خطا وإذا غرمت مالا عظيما مع حبي للمال وبغض الغرم كان سخاء
النفس بالإنفاق على الكتب دليلا على تعظيم العلم وتعظيم العلم دليل على شرف النفس
وعلى السلامة من سكر الآفات) ([3]).
ويروي الجاحظ عنه أن والده كان واليًا على
الشام وأنه أراد أن يساوي بن القحطاني و العدناني
([4]) ، وقد توفي السندي في
سنة 204هـ كما يذكر الذهبي في ترجمته وذكر انه مولى أبي جعفر المنصور وأن الرشيد
ولاه دمشق ثم وليها بعد المائتين وكان ذميم الخلق سنديا كاسمه ، ونقل عن الجاحظ
قوله : كان لا يستحلف المكاري ولا الملاح ولا الحائك ، بل يجعل القول قول المدعي .
وذكر الذهبي أنه يروى أن السندي هدم سور دمشق ([5]) .
وتذكر بعض المصادر أن إبراهيم بن السندي دخل
على عبد الملك بن صالح يعوده وكان عبد الملك عدوا لأبيه السندي فقال له : قد عرفت
ما بين الأمير وبين أبي ووالله ما نقص ذلك ودي ولا أثنى عنان نصيحتي ، فقال عبد
الملك : إن إساءة أبيك لا تفسد عندنا إحسانك ، كما أن إحسانك لن يصلح عندنا إفساد
أبيك ([6]) ، والجاحظ يروي عنه
حكاية جرت لعبد الملك بن صالح مع وفد الروم
([7]) .
وقد
توفي عبد الملك بن صالح هذا في سنة ( 196هـ) ويظهر أن اتصال إبراهيم بن السندي
بعبد الملك بن صالح استمر حتى خلافة الأمين وبعد أن أخرج الأمين عبد الملك بن صالح
من السجن فإبراهيم بن السندي يذكر أنه سمع عبد الملك بن صالح يقول بعد إخراج
المخلوع له من الحبس وذكر الرشيد وفعله به فقال : والله إن الملك لشيء ما نويته
ولا تمنيته ولا نصبت لا ولا أردته .. الخ ([8]).
وقد
عين إبراهيم بن السندي على الكوفة الأقرب أن يكون ذلك في خلافة المأمون والجاحظ
يروي له رواية مع رجل من وجهاء أهل الكوفة كان لا يجف ليده ولا يستريح قلمه ولا
تسكن حركته في طلب حوائج الرجال والضعفاء ([9]) .
ويذكر طيفور في كتاب بغداد أن المأمون قد عينه
على الخبر بمدينة السلام ( بغداد ) وذكر أن المأمون استدعاه وقال له : ( قد رأيت توليتك خبر ما وراء بابي إلى مصر ،
وانه أطلع المأمون على بعض الحوادث والجرائم في بغداد وأن ذلك أثار عبد الله بن
طاهر فاتهمه بالزور ) ([10]) .
وفي بيت إبراهيم بن السندي مات معمر بن عباد أو
معمر بن عمرو أبو المعتمر البصري العطار المعتزلي في سنة ( 215هـ ) ، وقد مات
مختفيًا عند إبراهيم بن السندي وكان أبو المعتمر البصري هذا يقول أن في العالم
أشياء موجودة لا نهاية لها ولا تحصى فطلبته المعتزلة بالبصرة عند السلطان ففر إلى
بغداد ([11]).
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق