الأربعاء، 14 يوليو 2021

الغول [ من معجم الأساطير من جمعي ]

 

الغُول ( الغولة )  

الغُول السعلاة والجمع أغوال وغيلان ، والتغول : التلون ، يقال : تغولت المرأة إذا تلونت ، قال ذو الرمة :

إذا ذات أهوال ثكول تغولت

بها الربد فوضى، والنعام السوارح

وتغولت الغول: تخيلت وتلونت؛ قال جرير:

فيوما يوافيني الهوى غير ماضي،

ويوما ترى منهن غولا تغول

وكل ما اعتال الإنسان فأهلكه فهو غول ، وتغولتهم الغول  توهوا . وفي حديث النبي صلى الله عليه وسلم  : " عليكم بالدلجة فإن الأرض تطوى بالليل، وإذا تغولت لكم الغيلان فبادروا بالأذان ولا تنزلوا على جواد الطريق ولا تصلوا عليها فإنها مأوى الحيات والسباع " ، وقال الرسول صلى الله عليه وسلم  " لا عدوى ولا هامة ولا صفر ولا غول " .وكانت العرب تقول إن الغيلان في الفلوات تراء للناس فتغول تغولا أي تلون تلونا فتضلهم عن الطريق وتهلكهم .

وهي من مردة الجن والشياطين وذكرها في أشعارهم فاش فأبطل النبي صلى الله عليه وسلم ما قوالوا ، والعرب تسمي الحيات أغوالا ، قال ابن الأثير  قوله لا غول ولا صفر ، قال  الغول أحد الغيلان وهي جنس من الشياطين والجن ، كانت العرب تزعم أن الغول في الفلاة تتراء للناس فتتغول تغولا أي تتلون تلونا في صور شتى وتغولهم أي تضلهم عن الطريق وتهلكهم فنفاه النبي صلى الله عليه وسلم وأبطله ، وقيل  قوله لا غول ليس نفيا لعين الغول ووجدوه وإنما فيه إبطال زعم العرب في تلونه بالصور المختلفة واغتياله ، فيكون المعنى بقوله لا غول أنها لا تستطيع أن تضل أحداً ، ويشهد له الحديث الآخر : لا غول ولكن سعالي ، والسعالي  سحرة الجن أي ولكن في الجن سحرة لهم تلبيس وتخييل. وفي حديث أبي أيوب: كان لي تمر في سهوة فكانت الغول تجيء فتأخذ.

والغول: الحية، والجمع أغوال؛ قال امرؤ القيس:

ومسنونة زرق كأنياب أغوال

قال أبو حاتم: يريد أن يكبر بذلك ويعظم؛ ومنه قوله تعالى: كأنه رؤس الشياطين؛ وقريش لم تر رأس شيطان قط، إنما أراد تعظيم ذلك في صدورهم، وقيل: أراد امرؤ القيس بالأغوال الشياطين، وقيل: أراد الحيات، والذي هو أصح في تفسير قوله لا غول ما قال عمر، رضي الله عنه: " إن أحدا لا يستطيع أن يتحول عن صورته التي خلق عليها، ولكن لهم سحرة كسحرتكم، فإذا أنتم رأيتم ذلك فأذنوا" ؛ أراد أنها تخيل وذلك سحر منها. ابن شميل: الغول شيطان يأكل الناس. وقال غيره: كل ما اغتالك من جن أو شيطان أو سبع فهو غول، وفي الصحاح: كل ما اغتال الإنسان فأهلكه فهو غول. وذكرت الغيلان عند عمر، رضي الله عنه، فقال: إذا رآها أحدكم فليؤذن فإنه لا يتحول عن خلقه الذي خلق له. ويقال: غالته غول إذا وقع في مهلكة. والغول: بعد المفازة لأنه يغتال من يمر به([1]) .

ويرى علماء اللغة أنها اخذت من كلمة التغول ( أي التلون ) قالوا : وإذا تعرضت الجنية وتلونت وعبثت فهي شيطانة ثم غول والغول في كلام العرب الداهية ويقال : لقد غالته غول ([2]) .

ويروي ابن الجوزي عن الرسول صلى الله عليه وسلم أنه سئل عن الغيلان فقال : هي شجرة الجن ، وذكر أنه قيل عند عمر بن الخطاب رضي الله عنه إن الغيلان تتحول عن خلقها فقال : إنه ليس شيء يتحول عن خلقه ولكن لهم سحرة كسحرتكم فإذا أحسستم من ذلك شيئًا فأذنوا ([3]).

 وهي من أهم أنواع الجن عند العرب منذ العصر الجاهلي واختلف في هذا المخلوق الاسطوري فقيل انها انثى من الجن تتلون وتتشكل في اشكال متعددة عند ظهورها للبشر ما عدى رجلاها التي تكون على شكل رجل حمار وانها تظهر لإخافة البشر في الأسفار وأنها اذا أرادت أن تضل إنسانا اوقدت له نارا، فقصدها، فتدنوا منه، وتتمثل له في صور مختلفة، فتّهلكه روعا [ ويتشابه هذا مع ما يفعله الهول في القصص الشعبية في الحجاز ومناطق اخر من الجزيرة العربية ] ، وان خلقتها خلقة إنسان، ورجلاها رجلا حمار  وذكروا ان ذكرها هو القطرب . وهم يروون ان من الممكن قتل الغول بضربة سيف. أما اذا ضربت مرة ثانية، فإنها تعيش ولو من ألف ضربة.

ويذكر الجاحظ في تعريفه للغول أنه : اسم لكل شيء من الجن يعرض للسفار ، ويتلون في ضروب الصور والثياب ، ذكراً كان أو أنثى . إلا أن أكثر كلمهم على أنه أنثى ([4]).

ويذكر الدميري أنها من جنس الجن والشياطين وهم سحرتهم ، قال الجوهري : هو من السعالي والجمع أغوال وغيلان ، وكل ما اغتال الإنسان فأهلكه فهو غول ، والتغول التلون قال كعب بن زهير بن أبي سلمى :

فما تدوم على حال تكون بها=كما تلون في أثوابها الغول

ويقال: تغوّلت المرأة إذا تلونت. ويقال: غالته غول، إذا وقع في مهلكة. والغضب غول الحلم. وقد ذكر امرأ القيس الغول فقال :

أتقتلني والمشرفي مضاجعي=ومسنونة زرق كأنياب أغوال

وروى أبو هرير عن الرسول صلى الله عليه وسلم قوله : ( إذا تغولت لكم الغيلان فنادوا بالأذان فإن الشيطان إذا سمع النداء أدبر وله جصاص ) أي ضراط ، وقد ورد مثل ذلك عن عمر بن الخطاب  ، وفي حديث أخر يرويه جابر بن عبد الله أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : ( لا عدوى ولا طيرة ولا غول ) وقال جمهور العلماء : كانت العرب تزعم أن الغيلان في الفلوات وهي جنس من الشياطين تتراءى للناس وتتغول تغولا أي تتلون تلونا، فتضلهم عن الطريق وتهلكهم، فأبطل النبي صلى الله عليه وسلم ذلك، وقال آخرون: ليس المراد بالحديث نفي وجود الغول، وإنما معناه إبطال ما تزعمه العرب، من تلون الغول بالصور المختلفة واغتيالها، قالوا: ومعنى لا غول، أي لا تستطيع أن تضل أحدا ، وفي حديث أخر : ( لا غول ولكن سعالي ) قال العلماء : السعالي سحرة الجن ، وقد ذكر الدميري حكاية لأبي أيوب الأنصاري رضي الله عنه أنه كانت تأتيه الغول كهيئة السنور فتأخذ من التمر فشكى للرسول ذلك فطلب الرسول أن يخبرها بأنه تجيبه فلما أتته أخبرها بذلك فأخذها وحلفت أن لا تعود فأرسلها وأخبر الرسول بذلك فأخبره الرسول بأنها قد كذبت ، لتعود الغول ويتردد المشهد عدة مرات وفي النهاية تنصحه بأن يقرأ أية الكرسي  ، وقد أورد الدميري حكاية شبيه جرت لأبي هريرة مع الشيطان ولابي بن كعب مع رجل من الجن (وصف بأنه له : يد كلب وشعر كلب ) ، وحكاية أخرى عن معاذ بن جبل رضي الله عنه ، وذكر الدميري أن المحققين ذهبوا إلى أن الغول شيء يخوف به ولا وجود له كما قال الشاعر :

الغول والخل والعنقاء ثالثة=أسماء أشياء لم توجد ولم تكن

وذكر أن البعض يسميها خيتعور وهو كل شيء لا يدوم على حالة واحدة ويضمحل كالسراب ، وقال قوم أن الغول ساحرة الجن وهي تتصور في صور شتى وأخذوا من ذلك قول كعب بن زهير :

فما تكون على حال تدوم بها=كما تلون في أثوابها الغول

وتزعم العرب أنه إذا انفرد الرجل في الصحراء ظهرت له في خلقة الإنسان فلا يزال يتبعها حتى يضل عن الطريق فتدنو منه وتتمثل له في صورة مختلفة فتهلكه روعا ، وقالوا : إذا أرادت أن تضل إنسانا أوقدت له نارا فيقصدها فتفعل به ذلك ، وقالوا خلقتها خلقة الإنسان ورجلاها رجلا حمار ، وروى عن القزويني أنه رأى الغول جماعة من الصحابة منهم عمر رضي الله عنه حين سافر إلى الشام قبل الإسلام فضربها بالسيف ، وثابت بن جابر الفهري وذكر أبياته النونية في ذلك ([5]) .

ويذكر القزويني وهو يتحدث عن الكائنات المتشيطنة : " وأشهرها الغول ، زعموا أن الغول حيوان شاذ مشوه لم تحكمه الطبيعة وأنه لما خرج مفرداً لم يستأنس وطلب القفار وهو يناسب الإنسان والبهيمة وأنه يتراءى لمن يسافر وحده في الليال واوقات الخلوات فيتوهمون أنه إنسان فيصد المسافر عن الطريق ، وقال بعضهم أن الشياطين إذا أرادوا استراق السمع تصيبهم الشهب ، فمنهم من احترق ومنهم من وقع في البحر فصار تمساحاً ، ومنهم من وقع في البر وصار غولاً . " ([6]) .

وذكر القلقشندي الغول على أنها من أوابد العرب فقال : ( ومنها الغول- كانوا يزعمون أن الغول تتراءى لأحدهم في الفلاة فيتبعها فتستهويه، وربما ادّعى أحدهم أنه قابلها وقاتلها قال تأبط شرّا:

ألا من مخبر فتيان فهم =بما لا قيت عند رحا بطان

بأنّي قد لقيت الغول تهوي =بسهب كالصّحيفة صحصحان

فقلت لها كلانا نضو أرض =أخو سفر فخلّي لي مكاني

فشدّت شدّة نحوي فأهوت =لها كفّي بمصقول يماني

فأضربها بلا دهش فخرّت =صريعا لليدين وللجران ) ([7]) .

وقيل ان الغول هي السعلاة وهما مترادفان ، وذكر أن الغيلان جنس من الجن والشياطين ، والعرب تسمي الحية غول ، وذكر بعض علماء اللغة أن الغول الذكر من من الجن والسعلاة الأنثى . والغول ساحرة الجن بينما السعالي سحرة الجن وان الغيلان جنس منها وأن الغيلان هي إناث الشياطين وأن السعالي أخبث الغيلان ، ويذكر الجاحظ أن الغول الذي يتلون وأن في الغيلان الذكر والأنثى أما السعلاة اسم الواحدة من نساء الجن إذا لم تتغول وتتلون لتفتن السفار ، و يعرف الغول باسم اخر وهو " خيتعور " كما اشتهرت لها قصص مع تأبط شرا الذي قتلها ومع عمر بن الخطاب رضي الله عنه وإلى الشاعر " عبيد بن أيوب" شاعر "بني العنبر"، يعود قسط كببر من القصص الوارد عن "الغول" و "السعلاة". فقد كان يخبر في شعره انه يرافق الغول والسعلاة، ويبايت الذئاب والأفاعي ([8]).

ويذكر المسعودي أن العرب تزعم أن الغول يتغول لهم في الخلوات ، ويظهر لخواصهم في انواع الصور فيخاطبونها وربما ضيفوها ، وقد أكثروا ذلك في أشعارهم وخاصة تأبط شراً ، ويزعمون أن رجليها رجلا عنز ، وكانوا إذا اعترضتهم الغول في الفيافي يرتجزون ويقولون :

يا رجل عنز انهقي نهيقا =لن نترك السبسب والطريقا

وقيل انها تتراء لهم في الليالي وأوقات الخلوات فيتوهمون انها إنسان فيتبعونها فتزيلهم عن الطريق وتتيههم ، وذكر عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه انه شاهد ذلك في بعض أسفاره إلى الشام في الجاهلية ، وقد ذكر المسعودي رأي بعض المتفلسفين في الغول وذكرهم ان الغول حيوان شاذ من جنس الحيوان المشوه لم تحكمه الطبيعة وانه لما خرج منفردا في نفسة وهيئته توحش من مسكنه فطلب القفار ، وهو يناسب الإنسان والحيوان البهيمي في الشكل ، وذكر عن طائفة من الهند إلى ان ذلك إنما يظهر من فعل ما كان غائبا من الكواكب عند طلوعها ، مثل الكوكب المعروف بكلب الجبار وهي الشعرى العبور وان ذلك يحدث داء في الكلاب ، وسهيل في الحمل والذئب في الدب وحامل رأس الغول يحدث عند طلوعه تماثيل وأشخاص تظهر في الصحاري وغيرها من العمار والخرائب فتسميها عوام الناس غولا ، في حين زعمت طائفة من الناس ان الغول أسم لكل شيء يعرض للسفار ويتمثل في ضروب من الصور ، ذكرا كان أو أنثى إلا ان أكثر كلامهم على أنه أنثى ([9]) .

و يرى البعض أن الغول من أهم أنواع الجن وهي " أسم لكل شيء من الجن يعرض للسفار ، ويتلون في ضروب الصور والثياب ذكراً كان أم أنثى إلا أن أكثر الكلام على أنه أنثى  " الغيلان سحرة الجن لأنها قادرة على التشكل بأشكال مختلفة وانها من سباع الجن ، و يرى البعض أن الغول حيوان شاذ مشوه لم تحكمه الطبيعة وأنه خرج منفردا ولم يستأنس وتوحش وطلب القفار يتراءى لمن يسافر وحده في الليالي وأوقات الخلوات فيتوهمه إنسانا فيصده عن الطريق ([10]).

ويقول الألوسي : " وفي ( دلائل النبوة ) للبيهقي عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه أنه قال : إذا تغولت لأحدكم الغيلان فليؤذن فإن ذلك لا يضره  وتزعم العرب أنهإذا انفرد الرجل في الصحراء ظهرت له في خلقة الإنسان فلا يزال يتبعها حتى يضل عن الطريق فتدنو منه وتتمثل له في صور مختلفة فتهلكه روعا . وقالوا : إذا أرادت أن تضل إنسانا أوقدت له ناراً فيقصدها فتفعل به ذلك قالوا وخلقتها خلقة إنسان ورجلاها رجلا حمار . قال القزويني : ورأى الغول جماعة من الصحابة منهم عمر رضي الله عنه حين سافر إلى الشام قبل الإسلام فضربها بالسيف وذكر عن ثابت بن جابر الفهري أنه لقى الغول وذكر أبياته النونية في ذلك . " ([11]).

كما يزعم الأعراب والعامة أن الغول إذا ضربت ضربة ماتت إلا أن يعيد عليها ، يقول الجاحظ : (قتل الغول بضربة واحدة وأما قوله:

ضربت فردة فصارت هباء =في محاق القمير آخر شهر

وقد ذكر الجاحظ أن العامة تزعم أن الغول تتصور في أحسن صورة إلا أنه لا بد أن تكون رجلها رجل حمار  ، ويقول الجاحظ في موضع أخر : " زعم العامة أن الله تعالى قد ملك الجن والشياطين والعمار والغيلان أن يتحولوا في أي صورة شاؤوا إلا الغول فإنها تتحول في جميع صورة المرأة ولباسها إلا رجليها فلا بد من أن تكون رجلي حمار  " ([12]).

ويذكر الجاحظ فإن الأعراب والعامة تزعم أن الغول إذا ضربت ضربة ماتت إلا أن يعيد عليها الضارب قبل أن تقضي ضربة أخرى فإنه إن فعل ذلك لم تمت وقال شاعرهم: 

فثنيت والمقدار يحرس أهله =فليت يميني قبل ذلك شلت

وأنشد لأبي البلاد الطهوي :

لهان على جهينة ما ألاقي =من الروعات يوم رحى بطان

لقيت الغول تسرى في ظلام =بسهب كالعباية صحصحان

فقلت لها كلانا نقض أرض =أخو سفر فصدى عن مكانى

فصدت وانتحيت لها بعضب =حسام غير مؤتشب يمانى

فقد سراتها والبرك منها =فخرت لليدين وللجران

فقالت زد فقلت رويد إنى =على أمثالها ثبت الجنان

شددت عقالها وحططت عنها =لأنظر غدوة ماذا دهانى

إذا عينان في وجه قبيح =كوجه الهر مشقوق اللسان

ورجلا مخدج ولسان كلب =وجلد من فراء أو سنان

وأبو البلاد هذا الطهوي كان من شياطين الأعراب وهو كما ترى يكذب وهو يعلم ويطيل الكذب ويخبره . وقد قال كما ترى :

فقالت زد فقلت رويد إني =على أمثالها ثبت الجنان

لأنهم هكذا يقولون يزعمون أن الغول تستزيد بعد الضربة الأولى لأنها تموت من ضربة وتعيش من ألف ضربة .  ) ([13]) ، ويشبه هذا ما هو معروف في التراث الشعبي وفي القصص الشعبي في الحجاز عن الدجيرة وعن بعض ما يشبهها في بعض البلدان العربية كالغولة والنداهة وأم الدويس  ( أنظر مادة قتل الغول )  .

و ذهب بعض المحققون أن الغول شيء يخوف به ولا وجود له كما قال الشاعر :

الغول والخل والعنقاء ثالثة =أسماء أشياء لم توجد ولم تكن

ولذلك سموا الغول خيتعورا وهو كل شيء لا يدوم على حالة واحدة ويضمحل كالسراب وكالذي ينزل من الكوى في شدة الحر كنسج العنكبوت ، قال الشاعر :

كل أنثى وإن بدا لك منها =آية الحب حبها خيتعور ([14])

وفي الغول ذكروا كثير من الأشعار فقالوا :

قال عبيد بن أيوب وهو يتحدث عن نار الغول  :

فلله در الغول أي رفيقة =لصاحب قفر خائف متقفر

أرنت بلحن بعد لحن وأوقدت =حوالي نيرانا تبوخ وتزهر ([15])

وقال عبيد بن أيوب العنبري :

وحالفت الوحوش وحالفتني =بقرب عهودهن وبالبعاد

وأمسى الذئب يرصدني مخشا =لخفة ضربتي ولضعف آدي

وغولا قفرة ذكر وأنثى =كأن عليهما قطع البجاد

ويعلق الجاحظ فيقول : "فجعل في الغيلان الذكر والأنثى "

وقال الشاعر ( هو كعب بن زهير الصحابي والبيت هو البيت الثامن من قصيدته ( بانت سعاد ) والتي مدح بها الرسول صلى الله عليه وسلم ) في تلونها :

فما تدوم على حال تكون بها =كما تلون في أثوابها الغول

ويعلق الجاحظ وهو يفرق بين الغول والسعلاة فيقول : " فالغول ما كان كذلك والسعلاة اسم الواحدة من نساء الجن إذا لم تتغول لتفتن السفار " ([16]).

وقال البهراني في شعره :

وتزوجت في الشبيبة غولاً=بغزال وصدقتي زق خمر ([17])

وقال عبيد بن أيوب :

وساخرة مني ولو أن عينها =رأت ما ألاقيه من الهول جنت

أزل وسعلاة وغول بقفرة =إذا الليل وارى الجن فيه أرنت ([18])

ولأيوب هذا الكثير من الأشعار في الغول والغيلان ذكرها الجاحظ ([19]) .

وفي تلون الغول يقول عباس بن مرداس السلمي :

أصابت العام رعلاً غول قومهم=وسط البيوت ولون الغول ألوان([20])

وأغلب قصص الغول منسوبة لتأبط شراً  وله قصيدة ذكر فيها أنه التقى بالغول، وصار جارا للغيلان، وقد وصف حاله معها، حيث قال:

وأدهم قد جبت جلبابَه =كما اجتابت الكاعب الخيعلا

إلى أن حدا الصبح أثناءه =ومزق جلبابه الأليلا

على شيم نار تنورتها =فبت لها مدبرا مقبلا

فأصبحت والغول لي جارة =فيا جارتا أنت ما أهولا

وطالبتها بعضها فالتوت =بوجه تهول فاستهولا ([21])

وقد رويت قصص عن الغول ومنها قصة الغول مع أبي أيوب الأنصاري فقد روى الترمذي والحاكم عن أبي أيوب الأنصاري رضي الله تعالى عنه ، أنه قال : كانت لي سهوة فيها تمر ، فكانت تجيء الغول كهيئة السنور ، فتأخذ منه فشكوت ذلك إلى رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) فقال : " اذهب فإذا رأيتها فقل بسم الله أجيبي رسول الله " . قال : فأخذها فحلفت أن لا تعود فأرسلها ، وجاء إلى النبي ( صلى الله عليه وسلم ) فقال : " ما فعل أسيرك " . قال : حلفت أن لا تعود . قال ( صلى الله عليه وسلم ) : " كذبت وهي معاودة للكذب " . قال : فأخذها مرة أخرى فحلفت أن لا تعود فأرسلها ، ثم جاء إلى رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) فقال : " ما فعل أسيرك " ؟ قال : حلفت أن لا تعود ، قال ( صلى الله عليه وسلم ) : أكذبت وهي معاودة للكذب " قال : فأخذها ، وقال : ما أنا بتاركك حتى أذهب بك إلى رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) ، فقالت : " إني ذاكرة لك شيئاً آية الكرسي ، اقرأها في بيتك فلا يقربك شيطان ولا غيره . فجاء إلى النبي ( صلى الله عليه وسلم ) ، فقال : " ما فعل أسيرك " ؟ فأخبره بما قالت ، فقال ( صلى الله عليه وسلم ) : " صدقت وهي كذوب " . قال أبو عيسى الترمذي : هذا حديث حسن غريب ، وقد روى الدميري قصة أخرى لمعاذ بن جبل رضي الله عنه تشبه هذه القصة مع جني من جن نصبين  ([22]).

ورأى الغول جماعة من الصحابة ، منهم عمر رضي الله تعالى عنه ، حين سافر إلى الشام ، قبل الإسلام ، فضربها بالسيف . وذكر عن ثابت بن جابر الفهري أنه لقي الغول وذكر أبياته النونية في ذلك ([23]) .

وقد علل النظام سبب اعتقد الناس او الأعراب بالغول ان ذلك بسبب استيحاشهم وانفرادهم وانقطاعهم عن الناس وانفرادهم في الصحاري والخلاء فتمثل هلم الشيء الصغير في صورة كبير وتوهم الشيء اليسير إلى شيء عظيم وصور الشعراء هذا الامر في شعرهم ثم تواتر هذا الأمر عندهم فإزدادوا إيمانا بصحته ونشا عليه الناشئ وربي به الطفل فصار أحدهم حين يتوسط الفيافي استوح وفزع عند صياح بوم ومجاوبة صدى فيقول رأيت الغيلان وكلمت السعلاة ويذكر ذلك في شعره ([24]) .

ويقول الجزيري  في رحلته في القرن العاشر: ( وذكر لي جماعة من مقدمي الجمالة وأعيانهم أنهم شاهدوا مرارا في رحلة القاع إلى رابغ ليلًا عند انفرادهم بالسبق غولا من الجان في صفة ضوئي يحمل مشعلًا يضل به من ينفرد بالسبق ولا يزال يجري يمنة ويسرة إلى أن يطلع الفجر فيلقي الناس من المشعل ويتوجه ويختفي عن العيون ، وأجمع من رآه أن فعله ذلك ليس فيه هداية لسائر بل بضد ذلك ) ([25]).

وهذه الصورة التي يوردها الجزيري تعرف في الحجاز لما يعرف بهول الليل  وقد ذكرها الأستاذ الأديب  عبد القدوس الأنصار رحمه الله ، وقد فسرها الأستاذ الشاعر أحمد الغزاوي بأنها وقد ذكرناها في مادة هول الليل.

ويذكر أمين المعلوف أن الغول والسعلاة والقطرب والبعيم والسعير والأزب وأزب العقبة إلا قرود ، وينقل عن العرب قولهم عن الغول بانه حيوان شاذ لم تحكمة الطبيعة وأنه يتعرض للفساد ويكون في ضروب الصور والثياب وأنهم زعموا أن جماعة رأوا الغول في الجاهلية منهم تأبط شرا وغيره ، وقالوا خلقتها خلقة انسان ورجلاها رجلا حمار إلى غير ذلك من الأقوال . وأطلق العرب –وكما يذكر أمين معلوف - اسم الغول على الغورلي أو غيره من القرود الضخام في بعض مؤلفاتهم . قال شمس الدين الدمشقي في كتاب نخبة الدهر في وصف جزيرة القطربية " وبها ناحية منها بجبل عال الشروع ؟ هو الغول ويسمى القطرب " . قال في صف منابع النيل " وجدوا بجبل من جبال القمر الجان ظاهرين ووجدوا منهم طائفة تسمى السروع ؟ وهم الغيلان وان الغول منهم متوسط الخلق بين الجان والحيوان والانسان يتزيى في زي أي حيوان أراد تخييلا للناظر إليه ويتكلم بكلام الآدمي ويظهر بصورته ويفترس كما يفترس السبع " ويعلق معلوف فيذكر أنه لا شبهة أنه يريد بالغيلان هنا طائفة من الغورلي في أوغنده عددها نحو خمسمائة وجبال القمر جبال كليمنجارو في منابع النيل ، ويواصل أمين معلوم فيذكر أن لفظة ( غورلي ) أن هذه اللفظة أطلقها ايزيدور جفروي العالم الفرنسي في اوائل القرن الماضي على هذا النوع من القرود نقلا عما ورد في رحلة منسوبة إلى حنون القرطاجني في المئة السادسة قبل التاريخ المسيحي وقد روي أنه قام برحلة مع جماعه من رجالة لارتياد ساحل افريقيه فمروا بحر الزقاق أي مضيق جبل طارق ووصلوا حل الساحل الغربي من افريقيه إلى أن بلغوا جونا ورأوا فيه جزيرة فيها بحيرة وفي البحيرة جزيرة أخرى لقوا فيها قومًا طوال الشعور فقاتلوهم ففر الذكور وقبض حنون وجماعته على ثلاث نسا حاولن التملص منهم بالعض والتخديش فاضطروا أن يقتلوهن ثم سلخوا جولدهن وجاؤا بها إلى قرطاجنة ووضعوها في معبد اللات أي يونن ، وقد سمى التراجمة هذه النساء أو الاناث غورليات واحداها غورلي ، وكتب حنون رحلته باللغة الفينيقية على ولح علقه في المعبد مع الجلود وبقى اللوح والجلود هناك إلى خراب المدينة وحفظت ترجمة يونانية لهذه الرحلة إلى يومنا . ثم لما وصف العلماء هذا القرد سماه جفروي غورلى كما جاء في رحلة حنون القرطاجني ، ولعل التراجمة الذين كانوا مع حنون سموا هذه القرود غيلانا أي أنهم تكلموا بلغة يفهمها حنون ورجاله أي بلغة فينيقية وهي لغة سامية شبيهة جدا بالعربية فلم يكن لهم إلا أن يسموا الواحد من هذه القرود غولا كما سمى عامة المصريين الشمبانزي أي البعام غولاً لما رأوه في حديقة الجيزة لأول مرة . ومن الطبيعي أن الشرقي إذا رأى الاوران أو الشمبانزي او الغورلى أن يقول هذا الغول الذي حدثتنا به العجائز . لا يبعد أن الذين نقلوا رحلة حنون إلى اليونانية حرفوا اللغة وجعلوها غورلا .. وقد أشار بلنيوس الروماني في كتاب التاريخ الطبيعي إلى قصة حنون وسمى الجزيرة التي تقدم ذكرها جزيرة القطربية أو جزيرة السعالي وسمى الغورليات سعالي Gorgonamوذلك في الكتاب الثامن .. وعليه فلا ارى بأسا كما يذكر معلوف من تسمية الغورلى بالغول كما فعل شمس الدين الدمشقي([26]) .

أما الغول في الأدب الشعبي في بعض العالم العربي فهو بصورة رجل يشد على رأسه عقالا وكوفيه ويأخذ معه سلاحاً على الغالب وهو يسكن المغاور والكهوف ويتنقل في البيد بسرعة البرق مفتشاً عن إنسان حتى إذا صادف رجل من بني آدم حدثه بأعذب الكلام وألطف العبارات وجره إلى مغارته أو كهفه ليقوم بأكله ، وقيل في وصف وجهه أنه يشبه وجه الكلب ولهذا يسدل علي وجهه برقعاً ، أما أرجله فكأرجل الإنسان استقامه إلا أن له ظلفين يقومان مقام القدمين ، والغول يخاف المسحاة فإذا عرفه الرجل وصاح بأعلى صوته : أين المسحاة ، فر الغول هربا ولم يلتفت إلى ورائه([27]) .

فتعد الغيلان من أشهر أنواع القوى الغيبة التي يكثر ورودها في الحكايات الشعبية في العالم العربي وقد يكون سبب ورود حكايات الغيلان مقارنة بالمخلوقات الغيبية الاخرى يعود إلى أن الغول هو " أسم لكل نوع من الجن يعرض للسفار ويتلون بضروب الصور ذكرا كان أو أنثى " ويستعمل الغول في اللغة عن العرب للدلالة على الداهية ، وتتخيله الذاكر الشعبية في كائن غريب خارق للعادة رهيب في صفاته وهذا يتوافق مع ما أورده القزويني من انه حيوان مشوه لم تحكمه الطبيعة خرج منفردا ، لذا فقد عاش في القفار وهو يتناسب مع الإنسان والحيوان ([28]).

وعلى المستوى الشعبي وفي الناطق المحلي الفلسطيني يعتقد الناس في الوسط الشعبي أنه إذا مات ابن آدم أحس الاحياء بغولته تعود لتزور الاحياء او تعترض طريقهم وخاصة إذا كان الميت تعرض للقتل العمد  فإن الكثيرين يزعمون انهم أحسوا بالغيلان وسمعوا أصواتها وشاهدوها على هيئة بشرية  من تكوين أسود متحرك ، وقد أورد نمر سرحان بعض المشاهدات التي يزعم أصحابها أنهم رأوا الغول ووصفوه على النحو التالي : " ما يشبه الجسد البشري الأسود ويقف بالقرب من المكان ثم يسير أماما على مسافة بعيدة " للتبين الراوية أن إنما كانت " غولة محمد [ الميت ] "، وتروي امرأة أخرى موقف مشابه تقول : " وعندما مررت بالمكان الذي قتل فيه محمد سمعت صوت رجل يتبعنا وقد تعالت اصوات ضربات قدمين ترتديان البوت الثقيل " ، ويعلق نمر سرحان بأن هذه الشعور بالغول مجرد شيء تتصوره أوهام الخائفين تأكيداً للمثل الشعبي " اللي يخاف من الغول يطلع له " ، ومما يؤكد ذلك أن من شاهدوا الغول يؤكدون انهم شاهدوه في الليل وان الغول يتلاشى عندما " يطلع النهار " ([29]).

ومن القصص الشعبية عن الغول القصة المشهورة عن صاحب البريد الذي يجوب البراري لوحدة حاملا الرسائل بين المشائخ والأمراء ، وفي ليلة شديدة الظلمة والبرودة شعر بأن وقع خطى مطيته تباطأ فتلمس بيده من خلفه فوجد رديفاً له بشعر كثيف فم يخف وقال متعجباً : والله شعر ضافي ، وكان رديفه غولة فقالت : والله عقل وافي ، فاحتال على الغولة بأن أناخ راحلته وأوقد نارا عظيمة وصار يدهن يديه ورجليه من دهن معه ويصطلي على النار فصارت الغولة تعمل مثلما يعمل فأحرقت النار شعرها المدهون وهرب الرجل وصارت تجرس وراءه وهي تحترق وتصيح : واصيده صدتها وافخت منها ، واحترقت وصارت جثة هامدة ([30]) ، وقد ذكر القصة الجهيمان في قصصه الشعبية في قصة ( الغولة والمسافر الوحيد ) ([31]) .

 



([1])انظر لسان العرب ج 11 ص 534 ، ط 3 ، دار صادر .

([2]) الحيوان ج 6 ص 195 ، دار إحياء التراث العربي .

([3])انظر : ابن الجوزي ، المنتظم ، ج1 ص 175 ، دار الكتب العلمية .

([4]) الحيوان ج6 ص 158 ، دار إحياء التراث العربي .

([5])حياة الحيوان الكبرى ، ج 2 ص 263 - 267 .

([6]) عجائب المخلوقات للفزويني ص 295 ، ط1 ( بيروت ،منشورات مؤسسة الأعلمي للمطبوعات ، 1421هـ - 2001م ) . 

([7]) انظر صبح الأعشى ج 1 ص 462 ، دار الكتب العلمية ، بيروت .

([8]) انظر المفصل في تاريخ العرب قبل الإسلام – ج12 ص 304 ،  305 ، وانظر الحيوان ج6 ص 159 ، دار إحياء التراث العربي .

([9])انظر مروج الذهب ج 2 ص 134 – 136 ، دار هجر  ، قم .

([10]) الجن في الشعر الجاهلي ص 93 .

([11]) الألوسي : بلوغ الأرب في معرفة أحوال العرب ، ج 2 ص 348.

([12]) الحيوان ج 6 ص 214 ، و ج6 ص 220، دار إحياء التراث العربي .

([13]) الحيوان ج6 ص 233-235 ، دار إحياء التراث العربي .

([14]) حياة الحيوان الكبرى للدميري ج2 ص 267 ، ط2 ، دار الكتب العلمية .

([15]) الحيوان ج4 ص 483 ، ج5 ص 123 ، دار إحياء التراث العربي .

([16]) انظر الحيوان ج 6 ص 159 والحاشية [ 5 ] ، دار إحياء التراث العربي .

([17]) الحيوان ج 6 ص 158 ، دار إحياء التراث العربي.

([18]) الحيوان ج6 ص 160 ، دار إحياء التراث العربي .

([19]) انظر الحيوان ج 6 ص 165 – 168 ، دار إحياء التراث العربي .

([20]) الحيوان ج6 ص 161 ، دار إحياء التراث العربي .

([21]) المفصل في تاريخ العرب قبل الإسلام ج 18 ص 212 ، دار الساقي ، ط4 .

([22]) حياة الحيوان الكبرى ج2 ص 265 ، 266 ، تحقيق : أحمد حسن بسج ، ط2 ، دار الكتب العلمية .

([23]) حياة الحيوان الكبرى ج2 ص 267 ، ط2 ، دار الكتب العلمية .

([24])انظر الحيوان ج 6 ص 249 – 251 ، دار إحياء التراث العربي .

([25])  الجزيري ، الدرر الفرائد المنظمة في أخبار الحاج وطريق مكة المعظمة ، ج2 ص 183 ، دار الكتب العلمية ، بيروت ، ط1 ، 1422هـ - 2002م .

([26])انظر : أمين معلوف ، معجم الحيوان ، ص 13 ، 14.

([27])انظر مجلة لغة العرب العراقية ج 4 ص 196 ، السنة الخامسة ،  أحمد حامد الضراف.

([28])إيمان محمود ذيب محمد ، داراسة ماجستير ، جامعة النجاح الوطنية بعنون " البطل في الحكاية الشعبية الفلسطينية "، ص 131 .

([29]) نمر سرحان ، الحكاية الشعبية الفلسطينية ، ص 62 ، 63 .

([30])انظر : الصويان ، الصحراء العربية ثقافتها وشعرها عبر العصور للصويان  ص 103 ، الشبكة العربية للأبحاث والنشر ، ط1 ، بيروت ، 1431هـ / 2010 م

([31])انظر أساطير شعبية ج 2 ص 159 ، دار أشبال العرب ، الرياض .

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق