الجمعة، 31 أغسطس 2018

دويدة - حكايات شعبية


دويدة 



الراوي : حكاية يرويها مفرج السيد .

الحكاية :

وتذكر الحكاية قصة فتاة وأخوها ، عشق حصان من المتجنسة لهذه الفتاة والتي اسمها دويدة وتحذر الأخ أخته من أن يراها هذا الحصان ( خضير ) ، ولذلك فقد حجبها أخيها عن هذا الحصان ومنع عنها كل مادة صلبه وحتى في الأكل ، وفي يوم تطلب من جاريتها أن تأتي لها بلحم وعظام وأثناء محاولتها لكسر العظام فتخرق السقف وكان السقف فوق إسطبل الحصان ليراها الحصان فيجن جنونه ، فطلب الأخ من أخته أن تهرب ، وأنه بعد ثلاثة أيام سوف يطلق الحصان من رباطه ، فتهرب دودية ويلحق الحصان بهم فتتسلق دويدة الشجرة ويرمون على الحصان أدواتهم الخاصة فيبتلعها وفي الأخير ترمي بمقصها فيحاول ابتلاعه إلا أنه لا يستطيع فيموت الحصان بعد ذلك [ انظر مادة : حصان أخوي خضير ] .
وتذهب دويدة إلى  أحد القصور وتسكن فيه كخادمة ، وفي يوم جاءت مناسبة فرح فتلبس دودية أجمل ما عندها من ملابس وتذهب لذلك الحفل خفية فتبهر الجميع بجمالها ، وتكون في اليوم التالي حديث القصر فيشغف بها ابن السلطان ويدعو إلى إقامة حفل أخر فتذهب دويدة خفية لتذهب وتلعب وترقص فتسلب العقول ، وفي الليل تتسلل دويدة من الحفل وفي طريق عودتها يكمن ابن سلطان لها فيمد يدها لها فتتفكك من يديه ولكنها تسحب خاتمه ، وتعود إلى القصر وتحتار كيف تعيد هذا الخاتم ، ثم أن ابن السلطان يقيم يطلب إقامة مناسبة ويطلب أن تعمل كل النساء العجين وتضعه في ماعون ، وقد سجل ابن السلطان على كل ماعون اسم صاحبته ، وأراد بذلك أن يكتشف تلك الفتاة التي أخذت الخاتم فقد تجد الفرصة مناسبة لإعادة ذلك الخاتم إلى ابن السلطان ، وبالفعل فقد وجدت دويدة أن الفرصة سانحة أمامها لإعادة الخاتم ، ليكتشف ابن السلطان أن الخاتم في ماعون دويدة ، فيعلن ابن السلطان رغبته في الزواج من دويدة ليتم ذلك الزواج ، وتعرف دويدة في هذه الرواية باسم ( قمر ) وهذا الاسم من وضع الراوي كما أخبرني([1]) .

التعليق والمقارنة :

وتعرف دويدة عند الجهيمان باسم جوزاء [ وقد يكون الاسم من وضع الجهيمان]وذلك في حكاية ( القطية ، لنظر مادة ( القطية )  ) ، وهي تختلف في نهايتها عن القصة التي نجدها هنا ، ويذكر الجهيمان قصة يسميها باسم ( دويدة أم الذبان ) إلا أن القصة التي يرويها الجهيمان تختلف عن هذه القصة  كما ذكرناها في موضعها ([2]).
ومن الإشكاليات في هذه الحكاية هو تصرف الحصان ضد دويدة في بداية الحكاية إلا أن الأستاذ أبو أوس إبراهيم بن الشمسان يذكر في بحث في مواقع الإنترنت باسم ( حكايات من نجد ) أن الحصان واسمه خضير كان كائنا خرافيا يسمى خضير ( متجنس = من الجن كما يذكر الجهيمان ) فرأى جمال دويدة أم الذبان فأعجب بها وعلم أنها تحب الخواتم فتحول إلى خاتم وطلب من صاحبه أن يبيعه على دويدة فلما اشترته دويدة ولبست الخاتم شعرت بحكه في أصابعها أزعجتها فطلبت من أخيها أن يبيعه بأرخص الأثمان ، ثم رغب أخيها في أن يشتري بعيراً من اجل أن يحمل أخته إلى مكة من أجل الحج فحول خضير نفسه إلى بعير ( وقد اسمته دويدة : عليان) ولما حمل عليان واستطاع عليان الانفراد بدويدة بعد أن ركبت عليه وهددها إما أن تتزوج منه أو أن يقتلها (وقال لها ما لك مفرّ إن نزلت من رجلي اليمنى أو اليسرى صقلتك (رفستك) وإن نزلت من إيدي اليمنى أو اليسرى خبطتك وإن نزلت من رقبتي عضيتك. ما لك إلا إنك تزوجيني أو آكلك، فاختاري ) ولما تتخلص منه إلا بمساعدة الثعلب  ، فحول الكائن الخرافي ( الجني ) إلى حصان واشتراه  اخوها من السوق وكان هو نفسه الحصان خضير لتحدث بعد ذلك بقية الحكاية([3]) .
وما يذكره أبو آوس في حديثه عن دويدة والبعير وأبو الحصين ، نراه أيضا في حكاية ( حمدة زين الطول ) وفي المشهد الثالث بالذات  ([4]).
ومن القصص المشابه قصة ( مالكة أخت مالك ) عند عبده خال ، وهي شبيهة لحكاية سندريلا وذلك في جزؤها الثاني، واسم البطلة خشيشبان أبا الذبان [ وانظر مادة خشيشبان أبا الذبان ]([5])، و وكذلك في حكاية ( ورقة الحنا ) والتي يذكرها عبده خال ([6]).
ومن القصص المشابهة لهذه الحكاية وذلك في جزؤها الأخير حكاية ( جلد الكلبة ) والتي يوردها شوقي عبد الحكيم ، غير أن حكاية شوقي عبد الحكيم تجمع عدة حكايات ففي بدايتها تشبه حكاية (رجل مفصل فصالوه بولي عشرة مشاهاش )وفي وسطها تشبه حكاية ( سلامة بن عافية ) وفي نهايتها تشبه حكاية ( دويدة ) عند مفرج السيد ([7]).
ومن القصص المشابهة قصة ( أبو اللبابيد ) في فلسطين مع بعض الاختلافات البسيطة ومنها أن المتحرش كان والدها بدلاً من الحصان ، وأن الفتاة وعندما ذهبت إلى القصر كانت قد تنكرت على شكل فتى ([8]) ويرى إبراهيم مهوي وشريف كناعنه أن حكاية " أبو اللبابيد " لا تختلف في الجوهر عن حكاية " سندريلا "فهما تنتميان إلى النموذج ذاته والحكايتان تتشاركان في المضمون والمعنى ، ولكن عندما نتفحص حكاية " أوب اللبابيد " بدقة يتبين أن جل مضمونها منحدر من الحضارة الفلسطينية والعربية ([9]).
 ونرى شبيه للحكاية الفلسطينية في حكاية ( فتاة من خشب ) في الفلكلور المغربي وذلك في تحرش والد البطلة  ([10]) وكذلك نرى ذلك في حكاية ( صاحبة الولول ) عند عبده خال فيرغب الملك في ابنته فتهرب منه([11]) ، وكذلك نرى مثل هذا في الحكاية السادية عند الأب انستاس الكرملي ([12]).
ويجب أن نذكر هنا وفي قصة المتحرش وهو الوالد ( الملك ) أن بعض النسخ من قصص سندريلا في الإسكندنافية تذكر شبيه لهذا ([13]) ، وكذلك نجد هذا في حكاية ( الفراء المبرقش ) حيث يتحرش الأب بابنته لتهرب منه ([14]) ، وهذه الحكاية ( الفراء المبرقش) من حكايات الأخوين غريم ،  أقرب من حيث التفاصيل لحكاية ( دويدة ) ، من حكاية ( سندريلا ) والتي يذكرها الأخوين غريم أيضا ([15])، وحكاية شارل بيرو ( حكايات أمي الإوزة ) ([16]).
 ومن القصص المشابهة في صربيا أيضا حكاية ( بابا لوغا أو الخف الذهبي ) وإن امتزجت هذه الحكاية بحكاية بقرة اليتامى ([17]).
ونرى في هذه الحكاية بعض المشاهد والموتيفات التي ترد في الحكاية الشعبية ، كالعرس وإبهار الفتاة للحاضرين وبعض الحكايات تضيف الموقف الذي يجري بين بطلة الحكاية والأمير ( البطل ) ، نرى ذلك في حكاية السندريلا وفي حكاية ( القطية ) وفي حكاية ( صاحبة الولول ) ، و في حكاية ( خطر بن مطر ) ، وحكاية ( صن حجل العجام ) وإن كانت الحكايتين الأخيرتين لم تورد قصة الأمير .
ومن الصور التي تتكر في هذه الحكاية وما يشابهها من الحكايات نزع الفتاة للخاتم من الأمير أو العكس ، ويرى البعض أن الخاتم هنا يرمز إلى الحب ، فهو يرمز إلى عشق الفتى للفتاه أو عشقها له ، فهو الوسيلة الرمزية التي تربط بين قلبين ، ففي حكاية ( قمر الزمان وابن الشاه شهرمان والأمير بدور ) في قصص ألف ليلة وليلة وعندما يقوم العفريت داهناش وميمون باستخدام السحر في إحضار الأميرة النائمة بدور وتركها بالقرب من قمر الزمان ، وعندما يصحوا قمر الزمان يرى الجميلة بالقرب منه ويقع في حبها فيقوم بنزع خاتم من خنصرها للذكرى ، وبعد أن يصل قمر الزمان إلى بلاد غيور شاه ينفصل عن محبوبته فيرسل إليها الخاتم في خطاب مع خادمه فتتعرف بدورها على خاتمها وتفهم أن الرسالة من قمر الزمان ، ويعرف هذا المشهد في الحكايات الشعبية الأوزبكية " ثلاث أخوان عمالقة " ، كما يرد رمز الخاتم بوصفه وسيلة تعارف في حكايات شعبية أخرى كحكاية " الأخ الثعبان " وفي حكاية " كولماس آيم ونعمت جان " حيث يرمز الخاتم إلى الحب([18]) .

من كتابي ( موسوعة الحكايات الشعبية في المملكة العربية السعودية )


([1]) مفرج السيد ، قصص وأساطير شعبية من منطقة المدينة المنورة ، ص 53-55 .
([2])  أساطير شعبية ج 2 ص 363 – 372 .
([3]) أخذنا هذا من بحث للأستاذ أبو أوس إبراهيم بن الشمسان على مواقع الإنترنت بعنوان ( حكايات من نجد ).
([4])  السعلوة بين الحقيقة والخيال ج1 ص 89 ، 90 ، دار المفردات .
([5]) عبده خال ، قالت حامدة .. أساطير حجازية ، ص 571 .
([6]) قالت حامدة .. أساطير حجازية ، ص 281 .
([7]) شوقي عبد الحكيم ، الحكاية الشعبية العربية ، ص 200-202 .
([8])  إبراهيم مهوي شريف كناعنة : قول يا طير ص121 .
([9]) قول يا طير ، ص 18 .
([10]) حكايات من الفلكلور المغربي ، ص 164-169 .
([11]) قالت عجيبية .. أساطير تهامية ، ص 460 .
([12]) حكايات بغدادية ، ص 37 وما بعدها .
([13]) انظر " جي سي كوبر ، ترجمة : كمال الدين حسين : حكايات الخوارق .. مجاز للحياة الداخلية للإنسان ص 78 .
([14]) حكايات الأخوين غريم ، ص 347-352 ، ترجمة : نبيل الحفار .
([15]) حكايات الأخوين غريم ، ترجمة : نبيل الحفار ، ص 129-137 .
([16]) شارل بيرو ، حكايات أمي الإوزة ، ص 95 – 110 ،كلمة ، ط1.
([17]) الخف الذهبي .. حكايات شعبية من صربيا ، ص 76-83 .
([18]) شاه رستم غياثوفيتش ، الأدب الشعبي عند العرب والترك الطوبوبلوغيا المتبادلة ، ص 318 ، 319، ترجمة : محمد نصر الدين الجبالي ، جامعة الملك عبد العزيز ، 1433هـ / 2012م .

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق