سهل بن هرون
أبو عمرو سهل بن هارون بن راهيون ( راهبون ، رامنوى
، راهويه ) الدستميساني، عرف بالحكمة وابلاغة
حتى سماه معاصروه بزرجمهر الإسلام ، ينحدر سهل بن هرون من أصول فارسية وكانت
ولادته في دستميسان الواقعة بين مدينتي واسط والبصرة ، ويعين الحصري القرية التي
ولد فيها أنها ميسان وقيل أنه من أهل نيسابور ، ولا يعرف تاريخ مولده ، انتقل إلى
البصرة واشتهر بها واتصل بخدمة هارون الرشيد والبرامكة وارتفعت مكانته حتى أحله
محل يحيى البرمكي صاحب دواوينه وتروي له رواية مع هارون الرشيد في عفوه عنه رغم
ارتباطه بالبرامكة [ انظر العقد الفريد ([1]) ] ،وارتبط بالأمين وقبل
رجحان كفة المأمون، ثم خدم المأمون وتولى خزانة الحكمة له ببغداد ، وهو من الكتاب
الناثرين الذي اشتهروا في العصر العباسي ، وكان حكيمًا فصيحًا يقول الشعر منذ صباه
، وهو ذا نزعة شعوبية شديد التعصب على العرب ، كما اشتهر بالبخل ، وكان ومواليًا
للبرامكة من أشهر مؤلفاته ثعلةوعفرةالذي أراد أن يضاهي به كتاب ابن المقفع كليلة
ودمنة وكتاب الترغيب في البخلوديوان رسائل وكتاب النمر والثعلب وكتاب اسبايوس (
أسباسيوس = اسباسنوس = أسيانوس ) في اتخاذ الاخوان وكتاب المسائل وكتاب المخزومي
والهذلية وكتاب أدب أسد بن باسل وكتاب شجرة العقل ( سحرة العقل ) وكتاب تدبير
الملك والسياسة ، وكتاب الرياض وكتاب الوامق والعذراء ( الروائق والعذراء ) وكتاب
إلى عيسى بن أبان في القضاء وكتاب الضرس وكتاب الغزالين وكتاب بدود لدود ودود
وكتاب الواص والعنة ، وكانت وفاته في سنة 215هـ ، وقد كان الجاحظ من المعجبين به
وكان ينسب إليه كتبه في بداية حياته الأدبية([2]) .
وقد ذكر الجاحظ أنه كان في بداية حياته وبداية
تأليف للكتب كان كان يؤلف الكتاب الكثير المعاني الحسن النظم فينسبه إلى نفسه فلا
يرى الأسماع تصغي إليه ، ثم يؤلف ما هو انقص منه مرتبة وأقل فائدة ثم ينحله عبد
الله بن المقفع أو سهل بن هارون أو غيرهما من المتقدمين فيقبلون كتبها ويسارعون
إلى نسخها لا لشي إلا لنسبتها إلى المتقدمين ولما يداخل أهل عصره من الحسد ([3]) .
وهو من أصدقاء الجاحظ فالجاحظ يذكر انه خرج في
يوم عيد فلما صار بعيساباذ فرأى مسلحة ورأى الناس وقد أحاطوا بتلة فسأل عن ذلك
فأخبروه بجتماعهم على الفيل فقصده الجاحظ ولم يشغله من بدنه إلا النظر في أذنيه ،
ثم يذكر الجاحظ أنه ذاكر سهل بن هارون فذكر له سهل بن هرون أنه ابتلي بمثلها
وأنشده :
أتيت الفيل محتسبا بقصدي
|
|
لأبصر أذنه ويطول فكري
|
فلم أر أذنه ورأيت خلقا
|
|
ويذكر الجاحظ أنه أنشد سهل بن هرون قول سلمة بن
خرشب شعره الذي أرسله إلى سبيع التغلبي في شأن الرهن التي وضعت على يديه في قتال
عبس وذبيان ، فقال سهل بن هرون : ( والله لكأنه قد سمع رسالة عمر ابن الخطاب رضي
الله تعالى عنه إلى أبي موسى الأشعري في سياسة القضاء وتدبير الحكم )([5]).
وينقل ياقوت الحموي عن أبي حيان التوحيدي من
كتابه التقريض قول أبو دلف الكاتب : ( صدر الجاحظ في ديوان الرسائل أيام المأمون
ثلاثة أيام ثم أنه استعفى فأعفي ، وكان سهل بن هارون يقول : إن ثبت الجاحظ في هذا الديوان أفل نجم الكتاب ) ([6]) ، وإن صحت هذه الرواية
فإن الجاحظ قد عين في هذا الديوان قبل سنة 215هـ.
وقد
ذكر الجاحظ الكثير من أخباره في كتبه ، فذكر انه من الخطباء الشعراء الذين جمعوا
الشعر والخطب والرسائل الطوال والقصار والكتب الكبار المجلدة والسير الحسان
المولدة والأخبار المدونة ، وذكر أنه سهل بن هرون بن راهيبوني الكاتب صاحب كتاب
ثعلة وعفرة في معارضة كتاب كليلة ودمنة وكتاب الأخوان وكتاب المسائل وكتاب
المخزومي والهذلية وغير ذلك من الكتب ([7]) ، ووصفه الجاحظ فذكر ان
سهل في نفسه عتيق الوجه حسن الإشارة بعيدا من الفدامة مقبول الصورة يقضى له
بالحكمة قبل الخبرة وبرقة الذهب قبل المخاطبة وبدقة المذهب قبل الامتحان وبالنبل
قبل التكشف ([8]) ، وقد عده الجاحظ من
متعقلي البخلاء وأشحاء العلماء ([9]).
وسبق ان ذكرنا من قبل أنه كان متصلًا بالبرامكة
وبهارون الرشيد ، وأنه كان يستحصل أرزاق العامة بين يدي يحيى بن خالد وهو مع
الرشيد في الرقة ، ثم يذكر ما جرى لهم من الرشيد من نكبتهم وقتل جعفر بن يحيى كما
يذكر استدعاء هارون الرشيد له وقد أصابه الذعر عندما رأى السيف مشهور ببصره فقال
له الرشيد : يا سهل من غمط نعمتي وتعدى وصيتي وجانب موافقتي أعجلته عقوبتي ، فلم
يستطع أن يجوابه من الخوف فقال له هرون الرشيد : يفرخ روعك ويسكن جأشك وتطيب نفسك
وتطمئن حواسك فإن الحاجة إليك قربت منك وأبقت عليك ، ثم قال له : اذهب فقد أحللتك
محل يحيى ووهبتك ما ضمنته أفنيته وما حواه سرادقه فأقبض دواوينه واحص جباءه وجباء
جعفر ، قال سهل : قال سهل: فكنت كمن نشر عن كفن وأخرج من حبس؛ وأحصيت حباءهما
فوجدته عشرين ألف ألف دينار، ثم قفلت راجعا إلى بغداد([10]).
ويظهر أن سهل بن هرون كان في بداية الخلاف الذي
جرى بين الأمين والمأمون من الرجال المحيطين بالأمين، فالجاحظ يورد رواية يذكرها
سهل بن هرون من أن قطرب النحوي دخل على المخلوع ( الأمين ) فقال : يا أمير
المؤمنين كانت عدتك أرفع من جائزتك ، وهو يبتسم فأغضب ذلك الفضل بن الربيع فقال له
سهل : إن هذا من الحصر والضعف وليس هذا من الجلد والقوة اما تراه يفتل أصابعه
ويرشح جبينه ([11]).
ولكن
يبدوا أنه وبعد أن تبين له غلبة كفة المأمون انتقل لتأييد المأمون وذلك في سنة
196هـ أو قبلها كما سنذكر بعد قليل في حديثنا عن شعره في المعركة التي جرت
بالنهروان بين ابن نهيك وهرثمة بن أعين والتي يذكرها الجاحظ .
وهذه الرواية التي ينقلها الجاحظ عن سهل بن
هرون وقطرب النحوي ينقلها ابن عبد ربه ولكن يذكر أنها جرت بين قطرب والمأمون يقول
ابن عبد ربه : ( ولما رفع قطرب النحويّ كتابه في القرآن إلى المأمون، أمر له
بجائزة وأذن له، فلما دخل عليه قال: قد كانت عدة أمير المؤمنين أرفع من جائزته،
فغضب المأمون وهمّ به، فقال له سهل بن هارون: يا أمير المؤمنين، إنه لم يقل بذات
نفسه، وإنما غلب عليه الحصر : ألا تراه
كيف يرشح جبينه ويكسر أصابعه! فسكن غضب المأمون واستجهله واستحمقه ) ([12]).
وينقل شوقي ضيف عن معجم الأدباء لياقوت أنه لما
ولي المأمون الخلافة قدمه إليه الفضل بن سهل فأعجب به وجعله خازنًا بدار الحكمة ([13]) ، في حين يذكر ابن عبد
ربه أن سهل بن هارون دخل على الرشيد وهو يضاحك ابنه المأمون فقال سهل : اللهم زده
من الخيرات وابسط له من البركات حتى يكون بكل يوم من أيامه موفيا على أمسه مقصرًا
على غداه ([14]).
وقد ذكر الجاحظ أن سهل بن هارون كان شديد
الأطناب في وصف المأمون في البلاغة والجهارة والحلاوة والفخامة وجودة اللهجة
والطلاوة ([15]) ، وكان يقول لم أر أنطق
من المأمون أمير المؤمنين ([16]) ، ورغم ذلك فقد استثقل
المأمون سهل بن هرون فدخل عليه سهل يوما والناس عنده على منازلهم فتكلم المأمون
فذهب فيه كل مذهب ، فلما فرغ المأمون أقبل سهل على ذلك الجمع فقال : ( ما لكم
تسمعون ولا تعون وتشاهدون ولا تفهمون وتعجبون وتنظرون ولا تبصرون والله انه ليفعل
ويقول في اليوم القصير مثل ما فعل بنو مروان وقالوا في الدهر الطويل عربكم كعجمكم
كعبيدكم ، ولكن كيف يعرف الدواء من لا يشعر بالداء ) قال فرجع المأمون بعد ذلك إلى
الرأي الأول ([17]) ، وقد ذكر شوقي ضيف أن
المأمون انحرف عنه فاشتكى من ظلمه له ولفلان الكاتب فقال المأمون : ويلك كيف ؟ قال
: رفعته فوق قدره ووضعتني دون قدري ، إلا أنك له في ذلك أشد ظلمًا ، قال : كيف ؟ :
قال : لأنك أقمته مقام هزؤ وأقمتني مقام رحمة ، فضحك المأمون وقال له : قاتلك الله
ما أهجاك([18]).
والجاحظ ينقل حوار جرى بين سهل بن هرون
والمأمون في العالم فقال سهل بن هرون وهو عند المأمون : من أصناف العلم ما لا
ينبغي للمسلمين أن يرغبوا فيه وقد يرغب عن بعض العلم كما يرغب عن بعض الحلال ،
فقال المأمون : قد يسمى بعض الناس الشيء علما وليس بعلم فان كنت اردت هذا فوجهه
الذي ذكرنا ولو قلت ان العلم لا يدرك غوره ولا يسبر قعره ولا تبلغ غايته ولا
يستقصي أصنافه ولا يضبط آخره فالامر على ما قلت فاذا كان الامر كذلك فابدأوا
بالأهم فالأهم وابدأوا بالفرض قبل النفل فاذا فعلتم ذلك كان عدلا وقولا صدقا([19]) ، وقد ألف سهل بن هارون
الكاتب للمأمون كتاب ترجمة ثعلة وعفرة يعارض به كتاب كليلة ودمنة في أبوابه
وأمثاله ([20]) .
ويظهر ان مكانته كانت عالية في خلافة المأمون
فقد أتاه أبو هذيل العلاف يسأله كتابًا إلى حفصويه صاحب الجيش في حاجة له وخرج أبو
الهذيل فأملى سهل بن هارون على محمد بن الجهم صاحب الفراء شعر في أخلافه الوعد
لأبي الهذيل العلاف ([21]).
ويورد
الزمخشري رواية أخرى شبيه لهذه ولكن أبو هذيل يطلب فيها من سهل بن هارون ان يسعى
لدى الحسن بن سهل ، فيستجيب سهل بن هارون ويسعى في ذلك لدى الحسن بن سهل فيذكر
قدره في الإسلام ، فوعده النظر في امره ، ولكن سهل بن هرون سريعًا ما يبعث للحسن
بن سهل بعض أبيات يطلب فيها بمنعه وبإخلاف الوعد ، فيوقع الحسن بن سهل : هذه لك
الويل صفتك لا صفتي ، وأمر لأبي الهذيل بألف دينار ([22]) ، ويذكر ابن قتيبة
الدينوري أن سهل بن هارون كتب هذه الأشعار لموسى بن عمران في هذيل بن العلاف ([23])، ونميل إلا هذه الرواية
لقرب ابن قتيبة لذلك العصر.
وقد بدأ الجاحظ كتاب البخلاء برسالته التي
بعثها إلى محمد بن زياد وإلى بني عمه من آل زياد حين ذموا مذهبه في البخل ([24])، ونعتقد ان هذه الرسالة
ربما تكون من وضع الجاحظ على لسان سهل بن هارون ، ففيها أسلوب الجاحظ وطريقته في
التأليف وهي تتشابه مع جميع الرسالة لتي نسبها الجاحظ لأخرين في كتاب البخلاء.
ورغم ذلك فقد ذكر ياقوت الحموي أن له رسالة
أرسلها إلى بني عمه من آل راهون وأرسل نسخة منها إلى الوزير الحسن بن سهل فوقع
عليها الوزير : يا سهل لقد مدحت ما ذم الله وحسنت ما قبح الله وما يقوم صلاح لفظك
بفساد معناك وقد جلعنا ثواب عملك سماع قولك فما نعطيك شيئًا ويذكر ياقوت أن الجاحظ
أورد هذه الرسالة في البخلاء([25]) ، وياقوت على ما يبدو
ينقل هذه المعلومة عن رسالة البخلاء وقصته مع الحسن بن سهل من أبي أبي حيان
التوحيدي ، يقول أبو حيان التوحيدي : ( عمل سهل بن هارون كتاباً يمدح فيه البخل
وأهداه إلى الحسن بن سهل، فوقع على ظهره: قد جعلنا ثوابك عليه ما أمرت به فيه. ) ([26]) ، وفي موضع أخر : ( بعث
سهل بن هارون إلى الحسن بن سهل كتابا عمله في مدح البخل، واستماحه فيه، فوقع
الحسن: قد مدحت ما ذم الله، وحسنت ما قبح الله، وما يقوم بفساد معناك صلاح لفظك،
وقد جعلنا ثوابك قبول قولك، فما نعطيك شيئا. ) ([27]).
والجاحظ يذكر أنه لم يجرد أحدا كتابا في البخل
إلا سهل بن هارون وأبو عبد الرحمن الثوري أحد بخلاء الجاحظ([28]).
ويقول الأستاذ شوقي ضيف : ( ولعل أهم ما سجله
الجاحظ له رسالته التي استفتح بها كتاب البخلاء، وفيها نرى سهلا يحتج للبخل
احتجاجا فيه حوار الجاحظ وجدله، وفيه أيضا فصاحته ولسنه، بحيث يختلط الأمر على
الناظر في هذه الرسالة، فيخيل إليه أنها ربما كانت من صنع الجاحظ، وإنما نحلها
سهلا لمأرب في نفسه، ولكن هذا الظن ينمحي إذا قرأنا ما بقي من نثر سهل في مواطن
أخرى، ومن يرجع إلى الرسالة يجدها تذم الرم وتزري به، بينما تمدح، البخل وتثني
عليه، وهو ثناء أراد به التعصب على العرب، وذم صفة الكرم التي لهج شعراؤهم بذكرها،
ومدح ما يضادها من الشح والبخل، ويقال: إنه أرسل بها إلى الحسن بن سهل ) ، ويرى
الأستاذ شوقي ضيف أنه على الرغم من أنهم يزعمون أن الرسالة قد بعثت إلى بني عمه من
آل راهبون ولكن أكبر الظن أنه يقصد بها جماعة العرب لا آل راهبون كما ظن القدماء ([29]).
ورغم ما يذكره الأستاذ شوقي ضيف فإننا نعتقد أن
الرسالة التي سجلها الجاحظ في كتاب البخلاء من تأليف الجاحظ ففيها أسلوبه وطريقته
في الكتابة وإن كان لسهل بن هارون رسالة في مدح البخل فإنها قطعًا ليست تلك
الرسالة التي وضعها الجاحظ في كتاب البخلاء ، ولا يستبعد أن يكون الجاحظ قد اعتمد
على رسالة سهل بن هارون في تلك الرسالة ولكن لم ينقلها حرفيًا وإنما كتبها على
طريقته وأسلوبه في الكتابة والجاحظ نفسه يذكر انه كان ينسب بعض مؤلفاته لبعض
الأدباء القدم منه كما ذكرنا من قبل ومنهم سهل بن هارون ، وما ذكره شوقي ضيف عن
نثر سهل بن هارون من أقواله وجمله ، فغالبها من مرويات الجاحظ كما سترى عند نقلنا
لأقوال سهل بن هارون في أخر هذه الترجمة .
وقد ذكر الجاحظ أن أبو العاص بن عبد الوهاب بن
عبد المجيد الثقفي ذكره في رسالته إلى الثقفي وذلك في بداية رسالته التي ذكر فيها
أيضًا الأصمعي وإسماعيل بن غزوان ومويس بن عمران وابن مشارك وابن توأم ([30]) ، ونعتقد أيضًا أن هذه
الرسالة أيضًا من وضع لجاحظ .
وقد أورد الجاحظ عن دعبل الشاعر قصته المعروفة
في البخل عندما قدم لهم لحم ديك هرم ، وعندما فقد رأس الديك سأل غلامه : أين رأس
الديك ؟ قال : رميت به ، فأخذ يذكر محاسن رأس الديك وفوائده ، ثم طلب منه أن ينظر
أين هو فقال الغلام : والله ما أدري أين رميت به ؟ قال : لكني أدري أنك رميت به في
بطنك والله حسيبك ([31]).
وقد أورد لجاحظ بعض شعره في صغره وهو في الكتاب
لجار له امتنع من إعارة بغل وزعم أنه مبطون فقال سهل بن هارون بيت شعر([32])، كما ذكر بيت من شعره في
مدح يحيى بن خالد البرمكي ([33]) ، كما نقل الجاحظ بيت
لسهل بن هارون في حوادث سنة 196هـ في الحرب التي جرت بين علي بن محمد بن عيسى بن
نهيك وقد بعثه الأمين ، وهرثمة بن أعين من طرف المأمون في رمضان فالتقوا بجللتا في
رمضان على أميال من النهروان فهزمهم هرثمة وأسر ابن نهيك وبعث به إلى المأمون ([34])،كما ذكر له بعض من شعره
في بعض كتبه ([35]) ، ومنها بيت شعر في
الفيل ([36]).
كما ذكر الجاحظ أن أعرابي قال لسهل بن هارون في
تواري سهل من غرمائه وطلبهم له طلبًا شديد فأوصاه الأعرابي بالحزم وتدبير اليربوع
في شعر له ([37]).
وقد نقل عن الجاحظ بعض أقواله في المعارف
والبلاغة والأدب ومن ذلك قوله : ( لو عرف الزنجي فرط حاجته الى ثناياه في اقامة
الحروف وتكميل جميل البيان لما نزع ثناياه ) ([38]) ، وقوله : ( العقل رائد
الروح والعلم رائد العقل والبيان ترجمان العلم) ([39]) ، وقوله : ( سياسة
البلاغة اشد من البلاغة كما ان التوقي على الدواء اشد من الدواء وكانوا يأمرون
بالتبين والتثبت وبالتحرز من زلل الكلام ومن زلل الرأي ومن الرأي الدبري والرأي
الدبري هو الذي يعرض من الصواب بعد مضي الرأي الاول وفوت استدراكه ) ([40]) وقوله : ( اللسان البليغ
والشعر الجيد لا يكاد ان يجتمعان في واحد وأعسر من ذلك ان يجتمع بلاغة الشعر
وبلاغة القلم ) ([41]) ، وقوله : بلاغة الانسان
رفق والعي خرق ، وكان كثيرا ما ينشد قول
شتيم بن خويلد :
ولا يشعبون الصدع بعد تفاقم
|
|
وقوله : ( التهنئة على آجل الثواب اولى من
التعزية على عاجل المصيبة ) ([43]) ، وينقل الجاحظ قوله في كتاب له ( واجب على كل ذي مقالة ان يبتدىء
بالحمد قبل استفتاحها كما بديء بالنعمه قبل استحقاقها ) ([44]) .
ومن الطرائف التي يذكرها الجاحظ : ( وقال سهل
بن هرون ثلاثة يعودون الى أجن المجانين وان كانوا اعقل العقلاء الغضبان والغيران
والسكران فقال له ابو عبدان المخلع الشاعر ما تقول في المنعظ فضحك حتى استلقى ثم
قال :
وما شر الثلاثة أم عمرو
|
|
([2])انظر : وفيات الأعيان ، ج 2 ص 84
، دار صادر . وانظر : الأعلام للزركلي ، ج 3 ص 143 ، دار العلم للملايين ، ط15 .
وانظر : الدر الثمين في أسما المصنفين ، ص 390 ، ط1 ، دار الغرب الاسلامي ، تونس ،
1430هـ - 2009م . وانظر : شوقي ضيف ، تاريخ الادب العربيج 3 ص 526 ، ط1 ، دار
المعارف . وانظر : شوقي ضيف ، الفن ومذاهبه في النثر العربي ، ص 144 ، دار المعارف
، ط13 .وانظر :الجاحظ ، البخلاء ، تحقيق : عمر الطباع ، ص 46 ، ط1 ، دار الأرقم بن
أبي الأرقم .
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق