الجمعة، 2 أغسطس 2019

تعليق الحلى على السليم ( الملدوغ )


تعليق الحلى والخلالخيل على السليم ( الملدوغ )  


يعتقد العرب في الجاهلية أن تعليق الحلى والخلاخيل على الملدوغ يعجل من شفاءه وهم يسمون المنهوش أو الملدوغ من الحية بالسليم وذلك على الطيرة ، يقول الجاحظ في الحيوان : (( تعليق الحلي والخلاخيل على السليم وكانوا يرون أن تعليق الحلي، وخشخشة الخلاخيل على السليم، مما لا يفيق ولا يبرأ إلا به، وقال زيد الخيل:
أيم يكون النعل منه ضجيعة
كما علقت فوق السليم الخلاخل
وخبرني خالد بن عقبة، من بني سلمة بن الأكوع، وهو من بني المسبع، أن رجلا من حزن، من بني عذرة، يسمى أسباط، قال في تعليقهم الحلي على السليم:
أرقت فلم تطعم لي العين مهجعا
وبت كما بات السليم مقرعا
كأني سليم ناله كلم حية
ترى حوله حلي النساء مرصعا
وقال الذبياني:
فبت كأني ساورتني ضئيلة
من الرقش في أنيابها السم ناقع
يسهد من ليل التمام سليمها
لحلي النساء في يديه قعاقع )) ([1]) .
وقال جواد علي في المفصل في تاريخ العرب قبل الإسلام  : (( وفي شعر "زيد الخيل" اشارت إلى عادة تعليق الحلي، وخشخشة الخلاخيل على السليم، ليبرأ ويشفى، اذ يقول:
أيم يكون النعل منه ضجيعة= كما علقت فوق السليم الخلاخل
ونجد مثل ذلك في أشعار شعراء آخرين.  ))([2]) .
وقال في صبح الأعشى وهو يعدد أوابد العرب  : ((  ومنها تعليق الحلي على السليم وهو الملسوع: كانوا إذا لسع فيهم إنسان علقوا عليه الحلي من الأساور وغيرها، ويتركونه سبعة أيام ويمنع من النوم فيفيق، قال النابغة:
يسهد من وقت العشاء سليمها
لحلي النساء في يديه قعاقع )) ([3]) .
وقال في  ثمار القلوب في المضاف والمنسوب : ((  ليل السليم : يضرب به المثل في الطول والسهر فيه، لأن السليم لا ينام لما به، ولا يترك والنوم إن غشيه النعاس، لئلا يسري السم في بدنه؛ والعرب تعلق عليه الحلي وتسهره، كما قال النابغة: " من الطويل "
يسهد من نوم العشاء سليمها
لحلي النساء في يديه قعاقع
وقال السري في وصف القلم: " من الوافر "
لك القلم الذي يضحي ويمسي = له الإقليم محمي الحريم
هو الصل الذي لو عض صلا = لأسلمه إلى ليل السليم
وفي " الكتاب المبهج " شتان ما بين ليل السليم، وليل السالم في فراش النعيم.  )) ([4]).
ويقول النويري: (( كانوا يعلقون الحلى على الملسوع ويقولون إنه اذا علق عليه أفاق، فيلقون عليه الأسورة والرعاث، ويتركونها عليه سبعة أيام ويمنع من النوم؛ قال النابغة :
يسهد في وقت العشاء سليمها
لحلى النساء في يديه قعاقع  )) ([5]) .
ويقول ابن أبي حديد : (( ومن مذاهب العرب أيضا تعليق الحلي والجلاجل على اللديغ يرون أنه يفيق بذلك ، ويقال : إنه إنما يعلق عليه لأنهم يرون أنه إن نام يسري السم فيه فيهلك ، فشغلوه بالحلي والجلاجل وأصواتها عن النوم ، وهذا قول النضر بن شميل ، وبعضهم يقول : إنه إذا علق عليه حلي الذهب برأ ، وإن علق الرصاص أو حلي الرصاص مات .
 وقيل لبعض الأعراب : أ تريدون شهرة ؟ فقال : إن الحلي لا تشهر ، ولكنها سنة ورثناها .
وقال النابغة :
فبت كأني ساورتني ضئيلة
من الرقش في أنيابها السم ناقع
يسهد من ليل التمام سليمها
لحلي النساء في يديه قعاقع
و قال بعض بني عذرة :
كأني سليم ناله كلم حية
ترى حوله حلي النساء مرصعا
و قال آخر :
و قد عللوا بالبطل في كل موضع
و غروا كما غر السليم الجلاجل
و قال جميل وظرف في قوله ، ولو قاله العباس بن الأحنف لكان ظريفاً :
إذا ما لديغ أبرأ الحلي داءه
فحليك أمسى يا بثينة دائيا
و قال عويمر النبهاني وهو يؤكد قول النضر بن شميل :
فبت معنى بالهموم كأنني
سليم نفى عنه الرقاد الجلاجل
و مثله قول الآخر :
كأني سليم سهد الحلي عينه
فراقب من ليل التمام الكواكبا )) ([6]) .
وفي التراث الشعبي عندما يقرص شخص فإنه يمنع من النوم و يسهرونه في ليلة السابع إلى الصباح حتى لا ينام وهم يعتقدون إنه إن نام تأتيه الحية أو الهامة التي قرصته فتقرصه في النوم فتقضي عليه ([7])




([1]) الحيوان ج 4 ص 247 ، 248 ، تحقيق عبد السلام محمد هارون ، دار إحياء التراث العربي، وانظر كذلك : الحيوان ج 4 ص 253 في سبب تسمية النهيش بالسليم . 
([2]) المفصل في تاريخ العرب ج 18 ص 401 ، ط4 ، دار الساقي .
([3]) صبح الأعشى ج1 ص 463 ، دار الكتب العلمية ، بيروت .
([4]) ثمار القلوب في المضاف والمنسوب ص 635 دار المعارف ، القاهرة  .
([5]) نهاية الأرب في فنون الادب ج 3 ص 124 ، دار الكتب والوثائق القومية، ط1 .
([6]) انظر شرح نهج البلاغة لابن أبي حديد ج 19 ص 215 ، 216 ، ط1 ، دار الكتاب العربي ، بغداد .
([7]) مخطوطة الشديد والمحضار لمفرج السيد .

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق