الجمعة، 7 سبتمبر 2018

خزاز ، خزازي ( يوم خزاز )


خَزاز ، خزازي ( يوم خزاز ) 


يوم خزاز أو خزازي ، هو جبل كانت به وقعة بين نزار واليمن ، قال فيه عمر بن كلثوم :
ونحن غداة أو قدفي خزازي
 هديت كتائبا متحيرات ([1])
وقيل أن أن كليب بن ربيعة وهو كليب وائل قاد ربيعة ومضر وقضاعة يوم خزازي إلى اليمن ([2]) ،
وفي المناقب المزيدية أن قبائل نزار قتلت يوم خزاز صهبان بن أبي حرب الملك الرعيني وهو أحد التبابعة وتسعة أخوة له كلهم قد لبس التاج وأسرو من الملوك يومئذ خمسين رجلا فقيل إن ملك حمير يومئذ أفترق فلم يسبقهم ولم يجتمع من بعد ([3]) ، وذكر أبو حنيفة الدينوري في الأخبار الطوال ان أمر عمرو بن تبع لما قتل أخاه حسان بن تبع تضعضع أمر الحميرية فوثب صهبان ابن ذي خرب على عمرو بن تبع فقتله واستولى على الملك ، وهو الذي سار إلى تهامة لمحاربة ولد معد بن عدنان وكان سبب ذلك ان معدا لما انتشرت تباغت وتظالمت، فبعثوا الى صهبان يسالونه ان يملك عليهم رجلا يأخذ لضعيفهم من قويهم، مخافه التعدى في الحروب، فوجه اليهم الحارث بن عمرو الكندى، واختاره لهم، لان معدا أخواله، أمه امراه من بنى عامر بن صعصعة، فسار الحارث اليهم باهله وولده، فلما استقر فيهم ولى ابنه حجر بن عمرو، وهو ابو إمرئ القيس الشاعر، على اسد وكنانه، وولى ابنه شرحبيل على قيس وتميم، وولى ابنه معدى كرب، وهو جد الاشعث بن قيس، على ربيعه. فمكثوا كذلك الى ان مات الحارث بن عمرو، فاقر صهبان كل واحد منهم في ملكه، فلبثوا بذلك ما لبثوا، ثم ان بنى اسد وثبوا على ملكهم حجر ابن عمرو، فقتلوه بعد وثب بني أسد على ملكهم حجر ابن عمرو الكندي فقتلوه وكان قد عين صهبان كندة على معد بن عدنان ، فلما بلغ صهبان ذلك وجه إلى مضر عمرو بن نابل اللخمي وإلى ربيعة لبيد بن النعمان الغساني ، وبعث برجل من حمير يسمى اوفى بن عنق الحيه وأمره أن يقتل أسد فلما بلغ ذلك أسد وكنانة استعدوا فلما بلغه ذلك انصرف نحو صهبان واجتمعت قيس وتميم فاخرجوا ملكهم عمرو بن نابل فلحق بصبهان وبقى معدي كرب جد الاشعث ملكا على ربيعة ، فلما بلغ صهبان ما فعلت مضر استعد لغزوهم وبلغ ذلك مضر فبعثوا وفودهم للتحالف مع ربيعة وكان وفدهم مكون من عوف بن منقذ التميم وسويد بن عمرو الأسدي جد عبيد بن الأبرص والأحوص بن جعفر العامري ، وعدس بن زيد الحنظلي ، فقدموا على ربيعة وسيدهم كليب وائل فاجابتهم ربيعة إلى نصرهم وولوا الامر كليبا فدخل على ملكهم لبيد بن ربيعة الغساني فقتله ، وساروا فلقيهم الملك بالسلان فقتتلوا ففلت جموع اليمن ، وانصرف الملك إلى أرضه مفلولا فمكث حولا ثم تجهز لمعاودة الحرب وسار فاجتمعت معد وعليها كليب فتوافوا بخزازي فوجه كليب السفاح بن عمرو امامه وامره أن يوقد نار علامة جعلها بينهما فسار السفاح ليلا حتى وافا الملك بخزازي فاوقد النار فاقبل كليب في الجموع نحو النار فوافاهم صباحا فقتل الملك صهبان وانفضت جموعه ، فلما قتل صهبان زاد حمير قتله اتضاعا ووهنا ([4]) ، وهذا النص يذكر أن يوم السلان والمقصود بالسلان هنا هو السلان الأول وليس السلان الثاني والذي حدث في زمن النعمان بن المنذر [ انظر مادة السلان ] ، وعلى العموم فإن النص يحدد ان يوم السلان وخزاز كان بعد وفاة الحارث بن عمرو الكندي وقد حكم الحارث بن عمرو من سنة 490 م - وحتى 528م ، ومن العجيب أن يولي صهبان هذا الحكم للحارث بن عمرو الكندي في سنة 529 م ويدوم حكمه حتى ما بعد عام 529م ، والأعجب أن البعض بعتبر أن نهاية حكم حسان بن تبع كان في عام 430م ، وقد استولى صهبان كما تزعم هذه الرواية على الحكم من عمرو بن تبع فلو اعتبرنا أن حكم عمرو لم يدم طويلاً فإن حكم صهبان هذا دام أكثر من خمسين سنة على الأقل ومائة سنة على الأكثر ورغم ذلك فلا نسمع له ذكر في نقوش اليمن ، وهذا يثير الكثير من الاستفهامات حول هذه الرواية وصحتها ! .
ويذكر ابن الأثير في يوم خزاز أن ملكا من ملوك اليمن كان في يده أسارى من مضر وربيعة وقضاعة فوفد عليه وفد من وجوه بني معد منهم سدوس بن شيبان بن ذهل بن ثعلبة وعوف بن ملحم بن ذهل بن شيبان وعوف بن عمرو بن جشم بن ربعة ، وجشم بن ذهل بن هلال ، فلقيهم رجل من بهراء بقال له عبيد بن قراد وكان في الأساري وكان شاعرا فسألهم أن يدخلوه في عدة من يسألون فيه فكلموا الملك في الأسارى فوهبهم لهم ، ثم حبس الملك عند بعض الوفد رهينة وطلب من بقية الوفد أن يأتوا برؤساءهم ليأخذ عليهم المواثيق بالطاعة فرجعوا إلى قومهم فأخبرهم الخبر ، فبعث كليب وائل إلى ربيعة فجمعهم واتجمعت عليه معد فسار بهم وجعل مفدمته السفاح التغلبي وهو سلمة بن خالد بن كعب التغلبي وأمرهم أن يوقدوا على خزاز نارا ليهتدوا بها وخزاز جبل بطخفة ما بين البصرة ومكة ، وطلب منه أن يوقد النار أن اقترب منه العدو ، فبلغ مذحجا اجتماع ربيعة ومسيرها فأقبلوا بجموعهم واستنفروا من يليهم من قبائل اليمن وساروا إليهم ، فلما سمع أهل تهامة بمسير مذحج انضموا إلى ربيعة ووصلت مذحج إلى خزاز ليلا فرفع السفاح نارين فلما رأى السفاح نارين فلما رأى كليب النارين أقبل إليهم بالجموع فصحبهم فالتقوا بخزاز فاقتتلوا قتالا شديدا أكثروا فيه القتل فانهزمت مذحج وانفضت جموعها ، وقيل أنه لم يعلم أحد من كان الرئيس يوم خزاز لأن عمرو بن كلثوم، وهو ابن ابنة كليب لم يذكر أن كليب كان الرئيس ولم يفتخر بذلك ([5]) وعمر بن كلثوم هو قاتل ملك الحيرة عمرو بن المنذر في عام ( 569 م ) أو عام 573م أو عام 578 م  .
ويذكر ياقوت الحموي أن عن أبي زياد الكلابي أن مضر وربيعة اجتمعت على أن يجعلوا منهم ملكا يقضي بينهم ثم اتفقوا أن يكون من ربيعة ملك ومن مضر ملك ثم اختلفوا ثم اتفقوا على أن يتخذوا ملكا من اليمن فطلبوا ذلك إلى بني آكل المرار من كندة فملكت بنو عامر شرحيل بن الحارث وملكت بنو تميم وضبه محرق بن الحارث وملكت وائل شرحبيل بن الحارث [ ويعني أن هذا اليوم قد حدث بعد انقضاء عهد الحارث الكندي 528 م  ]  ، وقال ابن الكلبي كان ملك بني تغلب وبكر بن وائل سلمة بن الحارث وملكت بقية قيس غلفاء وهو معدي كرب بن الحارث وملكت بنو أسد وكنانة حجر بن الحارث فقتلت بنو أسد حجار وقتلك بنو عامر سراحيل وقتلت بنو تميم محرقا وقتلت وائل شراحبيل ، فكان حديث يوم الكلاب ولم يبقى من بني آكل المرار غير سلمة فجمع جموع اليمن وسار لقتل نزار وبلغ ذلك نزارا فاجتمع منهم بنو عامر وبنو وائل تغلب وبكر وبلغ الخبر إلى كليب وائل فجمع ربيعة وقدم على مقدمته السفاح التغلبي وأمره يعلو خزازي فيوقد بها النار ليهتدي الجيش بناره وبلغ سلمه اجتماع ربيعة ومسيرها فأقبل ومعه قبائل مذحج وكلما مر بقبيلة استفزها وهجمت مذحج على خزاز ليلا فرفع السفاح نارين فأقبل كليب في جموع ربيعة إليهم فصحبهم فالتقوا بخزازي فاقتتلوا قتالا شديدا فانهزمت جموع اليمن ([6]) .
وتذكر رواية أن سبب وقوع اليوم إلى جباية أهل اليمن لقبائل معد وأن نزار وبقية قبائل معد ضجرت من هذه الجباية القاسية فهاجمت على اليمن وأعلنت عصيانها على القحطانيين فوقع هذا اليمن أوقدت نار على خزاز ثلاث ليال ودخنت ثلاثة أيام فلما أحست مدحج باجتماع معد سارت على نزار ومن انضم إليه من معد فوقع يوم خزاز ، بينما تذكر بعض الروايات ان يوم الخزاز كان بعد أن جمع سلمة بن الحارث بن عمرو الكندي جموع اليمن فسار ليقتل نزارا وبلغ ذلك نزارا فاجتمع منهم بنو عامر بن صعصعة وبنو وائل تغلب وبكر وقيل بلغ كليب وائل فجمع ربيعة وقدم على مقدمته السفاح التغلبي وأمره أن يعلوا خزازا فيوقد عليه نارا ليهتدي الجيش به وقال له : إن غشيك العدو فأوقد نارين ، وبلغ سلمة اجتماع ربيعة ومسيرها فأقبل ومعه قبائل مذحج وهجمت مذحج على خزاز ليلا فرفع السفاح نارين فأقبل كليب في جموع ربيعة إليهم فالتقوا بخزاز فانهزمت جموع اليمن ، وقيل فيه رواية عن أبي زياد الكلابي أن الذي أوقد على خزاز هو الأحوص بن جعفر بن كلاب وكان على روايته هذه رئيسا على نزار كلها ويذكر الكلابي أن أهل العلم من الذين أدركهم ذكروا له أنه كان على نزار "الأحوص بن جعفر". ثم ذكر ربيعة أخيرا من الدهر أن "كليبا" كان على نزار . أما "محمد بن حبيب" فيروي أن "كليب وائل" هو الذي قاد جموع "ربيعة" و"مضر" و"قضاعة" في يوم خزاز إلى اليمن ، وقال بعض الأخباريين: كان كليب على ربيعة، والأحوص على مضر ، وقيل بل هو زرارة بن عدس ، وقيل هو ربيعة بن الأحوص بن جعفر ، ، وقد ذكر أبو زياد الكلاب أن يوم خزاز كان أعظم أيام العرب ، بينما يذكر الأصمعي أن يوم خزاز كان للمنذر بن ماء السماء ولبني تغلب وقضاعة على بني آكل المرار من كندة وعلى بكر بن وائل وأن المنذر وأصحابه من بني تغلب أسروا في هذا اليوم خمسين رجلا من أكل المرار  ، ويقول جواد علي : " وإذا أخذنا برأي القائلين: إن يوم خزاز كان عقب يوم السلان، يكون هذا اليوم قد وقع أيام النعمان بن المنذر، أي في أواخر أيام المناذرة وفي النصف الثاني من القرن السادس للميلاد ، إذا يذكر الأخباريون أن سببب وقوع يوم السلان " ، ويرجع جواد على هذا الاختلاف في روايات الرواة إلى النزعات القبلية التي كان يحملها الرواة وقد ذكر أهل الأخبار أن جماعة من وجوه أهل البصر كانوا يجلسون يوم الجمعة ويتفاخرون ويتنازعون في الرياسة يوم خزاز فتعصب كل قوم لرئيس من الرؤساء الذين ذكروا وتحاكموا إلى عمرو بن العلاء وكانوا في مجلسه فقال : ما شهدها عامر بن صعصعة ولا دارم بن مالك ولا جشم بن بكر ، اليوم أقدم من ذلك ولقد سألت عنه فما وجدت أحدا من القوم يعلم من رئيسهم ومن الملك  ([7]) .  
ويرى جواد علي أنه إن صحت الرواية التي تزعم أن يوم خزاز كان بعد يوم السلان ( وهي الرواية التي أوردها أبو حنيفة الدينوري )و الذي حدث في زمن النعمان بن المنذر  ( 582 609 م ) فإن يوم خزاز كان في زمن النعمان بن المنذر  أي أنه حدث بعد عام 582 م ([8]) ، وهذا يتعارض مع ما ذكره جواد علي من أن كليب وائل من رجال النصف الأول من القرن السادس للميلاد ([9]) ، كما يتعارض مع الروايات التي حدثت عن سبب قيام حرب البسوس بعد مقتل كليب وزعمهم بأنها دامت أربعين سنة قبل ظهور الإسلام ، وفي اعتقادنا أنه إن ثبت أن قائد معد في يوم خزاز هو كليب وائل  وقائد جموع اليمن سلمة بن الحارث فإن هذا اليوم قد جرى ما بين عامي 528 م حيث انتهى عصر الحارث بن عمرو الكندي وحتى عام 569 م وجرى فيه مقتل عمرو بن كلثوم ابن أخت كليب وائل .
وقد سبق أن ذكرنا رواية ابن الأثير من أنه قيل أنه لم يعلم أحد من كان الرئيس يوم خزاز ، ويذكر صاحب العقد الفريد هذه الرواية عن أبي عمرو بن العلاء ، يقول في حديثه عن يوم خزاز : ((  قال أبو عبيدة تنازع عامر ومسمع ابنا عبد الملك، وخالد بن جبلة، وإبراهيم بن محمد بن نوح العطاردي، وغسان بن عبد الحميد، وعبد الله بن سلم الباهلي، ونفر من وجوه أهل البصرة كانوا يتجالسون يوم الجمعة ويتفاخرون ويتنازعون في الرياسة يوم خزاز، فقال خالد بن جبلة، كان الأحوص بن جعفر الرئيس. وقال عامر ومسمع: كان الرئيس كليب بن وائل. وقال بن نوح: كان الرئيس زرارة بن عدس.
وهذا في مجلس أبي عمرو بن العلاء، فتحاكموا إلى أبي عمرو، فقال: ما شهدها عامر بن صعصعة، ولا دارم بن مالك، ولا جشم بن بكر، اليوم أقدم من ذلك، ولقد سألت عنه منذ ستين سنة فما وجدت أحدا من القوم يعلم من رئيسهم ومن الملك، غير أن أهل اليمن كان الرجل منهم يأتي ومعه كاتب وطنفسة   يقعد عليها، فيأخذ من أموال نزار ما شاء، كعمال صدقاتهم اليوم. وكان أول يوم امتنعت معد عن الملوك ملوك حمير، وكانت نزار لم تكثر بعد، فأوقدوا نارا على خزاز ثلاث ليال، ودخنوا ثلاثة أيام ... فقيل له: وما خزاز؟ قال: هو جبل قريب من أمرة على يسار الطريق، خلفه صحراء منعج   ، يناوحه كور وكوير ، إذا قطعت بطن عاقل، ففي ذلك اليوم امتنعت نزار من أهل اليمن أن يأكلوهم، ولولا قول عمرو بن كلثوم ما عرف ذلك اليوم، حيث يقول: 
ونحن غداة أوقد في خزاز
رفدنا فوق رفد الرافدينا
فكنا الأيمنين إذا التقينا
وكان الأيسرين بنو أبينا
فصالوا صولة فيما يليهم
وصلنا صولة فيمن يلينا
فآبوا بالنهاب وبالسبابا
وأبنا بالملوك مصفدينا
قال أبو عمرو بن العلاء: ولو كان جده كليب بن وائل قائدهم ورئيسهم ما ادعى الرفادة وترك الرياسة، وما رأيت أحدا عرف هذا اليوم ولا ذكره في شعره قبله ولا بعده )) ([10]) .
وإن صح ذلك فإن من العسير أن يتم تحديد تاريخ ذلك اليوم ( في اليوم الخامس الميلادي أو السادس ) ولكن بالإمكان أن نعتبر أن ذلك قد جرى وقبل أن يموت عمرو بن كلثوم ( يحدد الزركلي وفاته بعام 584 م )   فلولاه ما عرف ذلك اليوم .



([1]) انظر مجمع الأمثال ج 2 ص 433 ، دار المعرفة .
([2]) انظر المحبر ص 249 ، دار الآفاق الجديدة .
([3]) انظر المناقب المزيدية ص 533 ، ط1 ، مكتبة الرسالة الحديثة ، عمان ، 1984 م .
([4]) انظر الأخبار الطوال ص 52 ، 53 ، دار إحياء الكتب العربي .
([5]) انظر الكالم في التاريخ ج 1 ص 470 ، 471 ، ط1 ، دار الكتاب العربي .
([6]) انظر معجم البلدان ج 2 ص 366 ، ط2 ، دار صادر .
([7]) انظر المفصل في تاريخ العرب قبل الإسلام ج 6 ص 44 وما بعدها ، و ج 10 ص 19 - 23 ،  ط4 ، دار الساقي ، وانظر كذلك نهاية الارب في فنون الأدب ج 15 ، ص 320 ، 321 ، ط1 ، دار الكتب العلمية  .
([8]) المفصل في تاريخ العرب قبل الإسلام ،ج 10 ص 23 .
([9])المفصل في تاريخ العرب قبل الإسلام ، ج 10 ص 75 .
([10]) العقد الفريد ج 6 ص 97 ، 98 ، ط1 ، دار الكتب العلمية .

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق