الأحد، 2 سبتمبر 2018

الثعلب ( أساطير وخرافات الثعلب )


الثعلب ( أساطير وخرافات الثعلب )


حيوان بري صغير من فصيلة الكلاب ، يكنى أبو الحصين وهي الكنية التي تنتشر في القصص الشعبي ، وأبو النجم وأبو نوفل وأبو الوثاب وأبو الحنبص والأنثى أم عويل والذكر ثعلبان وكان لبني ثعلب صنم يعبدونه فبال عليه ثعلبان فكان ذلك سببًا في إسلام غاوي بن ظالم وقدومه إلى الرسول صلى الله عليه وسلم   ([1]) .
و يعرف عند العرب وعند غيرهم بالمكر والخديعة والروغان ويذكرون من حيله في طلب الرزق أنه يتماوت وينفخ بطنه ويرفع قوائمه حتى يظن أنه مات فإذا قرب منه حيوان وثب عليه وصاده ، ومن الأقوال التي تنسب للثعلب قيل للثعلب : مالك تعدو أكثر من الكلب ؟ فقال : لأني أعدو لنفسي والكلب يعدو لغيره  ([2]).
ويكنى الثعلب بأبي الحصين في الأدب العربي القديم ، وهذه الكنية تشتهر في التراث الشعبي بشكل كبير ، فكثير من القصص تطلق على الثعلب هذا الاسم .
وذكر الدميري عن القزويني في عجائب المخلوقات أنه أهدي إلى نوح بن منصور الساماني ثعلب له جناحان من ريش إذا قرب الإنسان منه نشرهما وإذا بعد عنه ألصقهما بجانبيه ، ثم قال ( القزويني ) : وكانت الثعالب تطير في الزمن الأول ([3])، وقد يكون الثعلب المهدى لنوح بن منصور من أنواع السناجب الطائرة  .
ويعتبر الثعلب من مطايا الجن فالدميري يذكر ان الأعراب تزعم أن الثعالب مطايا الجن ويكرهون اصطيادها ويقولون :إن من صاد ثعلبا أصيب ببعض ماله ([4])، وهم يزعمون أن أحد شعار الجن قال :
ركبت المطايا كلهن فلم أجد
ألذ وأشهى من جناد الثعالب
ومن عضرفوط حط بي فزجرته
يبادر سربا من عظا قوارب ([5])
ويذكر صاحب كتاب ( معجم الأساطير والحكايات الخرافية الجاهلية ) أن الثعلب ليست من مطايا الجن ( وهذا خطأ ! ) ، وسن الثعلب والهر تطرد الجن عن الصبي ويكرهون اصطيادها يقولون إن من اصطاد ثعلبا أصيب ببعض ماله ، ويسفد الثعلب الهرة الوحشية فيخرج  بينهما ولد ، وقد ذكر حسان في شعره :
كما ساور الهره الثعلب
 قصص عن الثعلب :
- رأي الثعلب حجرا بين لصين فأراد أن يغتال به الأسد فأتاه ذات يوم فقال : يا أبا الحارث الغنيمة الباردة شحمة رأيتها بين لصبين فكرهت أن أدنو منها وأحييت أن تولى ذلك فهلم لأريكها فانطلق به حتى قام عليه فقال : دونك يا أبا الحارث ، فذهب الأسد ليدخل فضاق به المكان فقال له : الثعلب : اردس برأسك ، فأقبل الأسد يردس برأسه حتى نشب فلم يقدر أن يتقدم ، ولا أن يتأخر ثم أقيل الثعلب يخوره ، فقال الأسد : ما تصنع يا ثعالة ؟ قال : أريد أن استنقذك ، قال : فمن قبل الرأس إذن ، قال : لا أحب تخديش وجه الصاحب .
- مرض الأسد فعاده جميع السباع ما خلا الثعلب فنم عليه الذئب فقال الأسد : إذا حضر فاعلمني فلما حضر أعلمه فعاتبه في ذلك فقال : كنت في طلب الدواء لك ، قال : فأي شيء أصبت ؟ قال : خرزة في ساق الذئب ينبغي أن تخرج ، فضرب الأسد بمخالبة في ساق الذئب وانسل الثعلب فمر به الذئب بعد ذلك ودمه يسيل فقال له الثعلب : يا صاحب الخف الأحمر إذا قعدت عند الملوك ، فانظر ماذا يخرج من رأسك [ وترد الحكاية في الكثير من كتب التراث كتاب حياة الحيوان الكبرى ([6]) ، وذكر إحسان عباس أن هذه القصة ترد في البصائر وكتاب الأذكياء لابن الجوزي وعند الدميري وفي محاضرات الراغب، وعند دالي وبابريوس، كما أنها ترد في القصة الايسوبية، وقد أوردها إحسان عباس وقارنها بقصة أيسوب([7]). ، والحكاية  ترد في (حكايات أيسوب) ([8]).
كما ترد في القصص الشعبي فقد رواها مفرج السيد ([9]) ، وترد  قصة يرويها يسري شاكر في الفلكلور المغربية تشبه هذه القصة بعض الشيء وإن كانت تذكر أنها جرت بين الذئب والقنفذ ([10])، وأورد ليون تولستوي في كتابة (حكايات شعبية) قصة شبيهة لهذه القصة وتحت عنوان (الأسد والذئب والثعلب) ([11]) . ] .
- نظر الثعلب إلى العنقود فرامه فلم ينله فقال : هذا حامض([12]).
ومن القصص العربية القديمة عن العرب والتي ذكر فيها المثل ( أعجز عن الشيء من الثعلب عن العنقود ) أن العرب تزعم أن الثعلب نظر إلى العنقود فرامه فلم ينله فقال : خذا حامض ([13]) .
ومن الحكايات التي تروى عن الثعلب واحتياله أن البراغيث إذا كثرت في صوفه تناول صوفة منه بفيه ثم يدخل النهر قليلا قليلا والبراغيث تصعد فرارا من الماء حتى تجتمع في الصوفة التي في فيه فيلقيها في الماء ثم يهرب ([14]).
وهم يذكرون أيضا في الأمثال ( كذلك النجار ) أن الثعلب اجتاز ببئر عليها دلوان معلقتان ببكرة وكان عطشان فجلس في إحدى الدلوين ونزل إلى البئر ، ثم رام الصعود فلم يستطع فبقى حتى اجتازت به ضبع فطلب منها أن تجلس في الدلو لترد ففعلت فارتفع الثعلب ، فسألت الشبعة : لم ارتقيت ؟ ، فقال : كذلك النجار يختلف ، فنجا الثعلب وبقيت الضبع فهلكت ( وقد سبق ذكرها ) ([15]) .
ومن القصص الشهيرة عن الثعلب في الأدب الشعبي قصته مع الغراب والدعوة التي تم مابينهما وما قاما به من أجل أن لا يتمتع كل مدعو بالأكل ، ثم طلب الغراب من الثعلب أن يعمله المراوغة وطلب الثعلب من الغراب أن يعلمه الطيران ، وميلان الغراب عن الثعلب بعد أن حمله وسقوطه من السماء في ماء الغدير ([16]) .
ومن الحكايات المعروفة والتي لها صدى في القصص الشعبي العربي حكاية الأسد والذئب والثعلب عندما خرجوا معا للصيد فصادوا حمار وظبيا وأرنبا فطلب الأسد أن يقسم الصيد فقال الذئب الحمار لك والأرنب لأبي معاوية ( الثعلب ) والظبي لي ، فخبطه الأسد فأطاح رأسه ، وسأل الثعلب أن يقم بينهما فقال الثعلب : يا أبا الحارث الحمار لغدائك والظبي لعشائك والأرنب فيما بين ذلك ، فقال الأسد : ما أقضاك ، من علمك هذه الأقضية ؟ ، قال : رأس الذئب الطائح عن جثته ([17]) ، وقد رويت هذه الحكاية في الكثير من القصص الشعبي فهي ترد عن الاستاذ عبد الكريم الجهيمان بعنوان ( أبو الحصين والذيب والأسد ) ([18]) ، ترد عند محمد التويجري ويرد فيها الثعلب فيقول ( خائفًا من هالمنسدح ) ([19])، وترد عند جهاد دكور تحت اسم ( القسمة ) ([20])، وفي حكاية ( النمر ورفاقه ) وإن اختلفت في الحيوانات ( النمر والضبع والثعلب ) ([21]) .




([1]) حياة الحيوان الكبرى ، ج 1 ص 252 ، دار الكتب العلمية .
([2]) حياة الحيوان الكبرى ، ج 1 ص 253 ، دار الكتب العلمية .
([3]) حياة الحيوان الكبرى ، ج 1 ص 254 ، دار الكتب العلمية .
([4]) حياة الحيوان الكبرى ، ج 2 ص 38 ، دار الكتب العلمية .
([5]) لسان العرب ، ج 1 ص 463 ، ط3 ، دار صادر .
([6]) حياة الحيوان الكبرى ، ج 1 ص 257 ، دار الكتب العلمية .
([7]) إحسان عباس ، ملامح يونانية في الأدب العربي ، ص 79 .
([8]) حكايات أيسوب ، ص 31 ، ترجمة : إمام عبد الفتاح إمام .
([9]) مفرج السيد ، قصص وأساطير شعبية من بدر ووادي الصفراء ، ص 306 ، 307 .
([10]) حكايات من الفلكلور المغربي ، ص 187 .
([11]) تولستوي ، حكايات شعبية ، ص 267 ، 268 .
([12]) أنظر : معجم الأساطير والحكايات الخرافية الجاهلية ، ص 84 ، 85 ، وقد أصلحنا بعض الأخطاء التي لديه .
([13]) انظر مجمع الامثال ج 2 ص 53 ، دار المعرفة .
([14]) حياة الحيوان الكبرى ، ج 1 ص 254 ، ط2 ، دار الكتب العلمية ، وانظر كذلك : الجاحظ ، الحيوان ، ج 6 ، ص 306 ، دار إحياء التراث العربي.
([15]) الأمثال للهاشمي ص 201 ، ط1 ( دمشق ، دار سعد الدين ، 1423هـ ) ، وانظر كذلك : مجمع الأمثال ج 2 ص 145 ، دار المعرفة .
([16]) انظر سالفة ( الغراب وأبو الحصين ) في كتاب أساطير شعبية للجهيمان ج 1 ص 103 – 110 .
([17]) حياة الحيوان الكبرى ، ج 1 ص 254 ، دار الكتب العلمية .
([18])  أساطير شعبية ج 1 ص 95 - 102 .
([19]) محمد حمد التويجري ، طرايف .. ذكريات وعجايب ، ج 5 ص 53 .
([20])  حكايا الجليل ، ص 93  .
([21])  حكايا الجليل ، ص 102  .

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق