الاثنين، 22 أكتوبر 2018

أرواح الأهرام


أرواح الأهرام في مصر


هي أرواح تحمي الأهرام من الاعتداء كما يذكر الكتاب العرب ، ففي الاستبصار في عجائب الأمصار : " ووكل بكل هرم من تلك الأهرام رحانيين ، فجعل في الهرم الغربي روحاني في صورة امرأة عريانة مكشوفة الفرج لها ذؤابتان حسنة الخلق . وإذا أرادت تستفز الإنسان ضحكت إليه ، واستجرته إلى نفسها ، فإن تبعها أهلكته . ذكر ذلك من رآها مرارا . ووكل بالهرم القبلي روحاني في صورة غلام أمرد  عريان حسن الخلق يفعل كذلك . وقد رؤى من خارج مرة بعد مرة ثم يغيب في الهرم . وفي الهرم الملون صورة شيخ عليه ثياب الرهبان ، وبيده مجمرة كأنه يتبخر . وكذلك وكل بجميع البرابي . وببلد إخميم يشاهد أهله أن روحاني البربي الذي بها في صورة غلام أسود بيده عصا فلا يقدر أحد أن يدخل البرابي من بعد العصر إلى الصبح . وكذلك بربي سمنود فيه روحاني في صورة رجل طويل أدم اللون صغير اللحية أشيب . وأما بربي فقط فجارية سوداء معها صبي صغير أسود تحمله . ولكل بربي من البرابي قربان وكلام يطيع به ذلك الروحاني ، ويدل على علوم البربي من البرابي  " ([1]).
وقد تحدث النويري عن امرأة الهرم الجنوبي والغربي ( انظر مادة : امرأة الهرم  ) .


([1])الاستبصار في عجائب الامصار ص 57 ، 58 ، نشر وتعليق : سعد زغلول عبد الحميد ، الدار البيضاء ، 1985م.

ارّا ، إرا


ارّا  ، إرا ( Erra = Irra


إله أكادي قديم معروف من خلال الأسماء اللاهوتية ، وهو يكتب دون شارة الألوهية التي تسبق أسماء الآلهة عادة حتى العصر البابلي القديم ، وقد انظم إلى مجمع الآلهة البابلي وأصبح ابنا للإله " آن " وزوجا للإلهة " مامي " أي ماميتوم ، وهو إله الحرب والطاعون والأوبئة  ، كُتبت عنه ملحمة تحمل اسمه في الألف الأول قبل الميلاد ، وهو عدو الإنسان اللدود ، همه الدائم إشاعة الفوضى والخراب والدمار في العالم ولكي يقي الناس أنفسهم من شره كانوا ينقشون على ألواح تعاويذ يجعلونها تحت بيوتهم . وتشابه وظائفه مع " نرجال " إله العالم السفلي ، ويشاركه في معبد واحد في مدينة " كوثا " الواقعة شمال بلاد بابل . وكان لـ " ارّا " مستشار هو " ايشوم " ، كان يحاول أن يمنعه من تدمير العالم ، وتصور الأسطورة الأكادية أعمال هذا الإله الشريرة فقد دعت الآلهة السبعة أبناء " آن " إله السماء و " إرصتو " إلهة الأرض " إرا " إله الطاعون ليخرج من عزلته إلا أن " إشوم " بطله ومستشاره حاول أن يردعه ورغم ذلك فقد أصر " إرا " على التنفيذ ، لأن البشر أهملوا عبادته فأقنع " مرودخ " بالتخلي له عن سيادة العالم مؤقتاً ، على أن لا يسي استخدام السلطة الممنوحة له ، غير أنه نكث بوعده ، ونشر الطاعون ، وأثار حرباً أهلية في بلاد بابل ، فحلت الكوارث حتى وصلت إلى " بابل " مدينة الإله " مردوخ " وأخيرا طيب " إيشوم " خاطره ، فهدأت نفسه ، وأقر بفظيع عمله ([1]).


([1]) انظر : موسوعة ميثولوجيا وأساطير الشعوب القديمة ص 138 .
وانظر : : قاموس الخرافات والأساطير ، ص 24 ، 25 .
وانظر  . معجم ديانات وأساطير العالم ج 1 ص 353 ، 354
وانظر : انظر معجم ديانات وأساطير العالم ج 2 ص  200.

الخميس، 4 أكتوبر 2018

أبو درياه ، بو درياه ، بابا درياه


أبو درياه ، بو درياه ، بابا درياه


كائن خرافي ينتشر في الخليج ( الكويت والإمارات والعراق والبحرين) ويعرف بآ أبو درياه ، و بودرياه و بابا درياه وينتمي إلى عالم الجن وتروي عنه حكايات مرعبة بين سكان الإمارات الذين يعيشون على ساحل البحر وخصوصاً من قبل البحارة والصيادين وغواصي اللؤلؤ أما اسمه فيعني بالفارسية " أبو البحر " مما يدل على أن منشأ الأسطورة فارسي([1]) .
وهو معروف في الكويت فقد ذكره القناعي في كتابه ( صفحات من تاريخ الكويت ) فقال : (( أبو درياه : عند أهل البحر. وهو بصفة إنسان يسمعون صياحه في البحر كأنه غريق فإذا أنقذوه أكل ما قدم له. وإذا غفل عنه رجع إلى البحر وربما أتلف شيئا من السفينة. )) ([2]) .
ويقول جلال الحنفي البغدادي : (( كائن يخرج على الناس من البحر .. [ وفي بغداد يسمون مثله " فريج الأكرع " .. )) ([3]).
ويقول غازي القصيبي في روايته ( الجنية ) : (( لا أود أن أترك جن الخليج دون التعريج على أشهر جنيّ بحري في المنطقة هو أبو درياه . تتفق حكايات البحارة على أنه أقرب في الشكل إلى القرد الضخم منه إلى الإنسان , وأنه يظهر في ظلام الليل من أعماق البحر إلى السفينة التي نام بحارتها , ويتخذ موقعا في مؤخرتها , ويأخذ النارجيلة التي يجدها هناك , ويدخن بإستمتاع . لايضر هذا الجنيّ النيكوتيني أحدا , إذا استثنينا مايستهلكه من تبغ البحارة , ويعود إلى البحر بمجرّد انتهائه من النارجيلة . يستطيع البحارة , الذين لايستظرفون هذا الضيف الليلي , طرده بالقرع بالهاون . مع أول دّقة , يقفز صاحبنا إلى الأعماق , تاركا النارجيلة مشتعلة . اواه ! كم حلمت في طفولتي بفيلم سينمائي يقتسم بطولته دعيدع و أبو درياه . كنت واثقا أن دعيدع سينتصر على أبو درياه في اللحظات الأخيرة من الفيلم . ))  ([4]) .
ويذكر الباحث البحريني حسين محمد حسين أنه مخلوق بحري أسطوري كانت تعتقد بوجوده العامة في الخليج العربي وأصل الأسطورة فارسية لمخلوق أسطوري يعرف بالفارسية باسم " ملك دريا " أي ملك البحر ، وقد انتقلت أساطير هذا الكائن للعرب في الخليج العربي مع تغير اسم الكائن لعدد من الصيغ فقد ذكره فالح حنظل في معجم ألفاظ الإمارات : " أبو دريا وبابه دريا : كائن خرافي يعيش في البحر ، قيل إنه يظهر على شكل انسان مخيف الخلقة ، يسمعون صياحه في البحر كأنه غريق فإذا أنقذوه أكل طعامهم وربما أتلف شيئا في السفينة . ولذا فهم إذا عرفوا أنه أبو دريا تصايحوا : ( هاتوا الجدوم والمنشر ) ( والجدوم نوع من الفؤوس ) فإذا سمعهم خاف وعاد إلى البحر . وقصة بابه دريا ترويها الأمهات لأطفالهن لتخويفهم من شرور الذهاب والعوم في البحر " .أما سيف الشملان في كتابه " الألعاب الشعبية الكويتية فقد ذكر هذا الكائن باسم أبو درياه وبود رياه وقال عنه : " كنت اسمع من البحارة أقوالا عن أبي درياه وأنه حيوان بحري على شكل الإنسان يصعد إلى ظهر السفينة ليمسك من يصادفه من البحارة ويلقيه في البحر ليفترسه . وأنهم إذا شاهدوه صاعداً إلى ظهر السفينة صاحوا به وأخرجوا السكين ونحوها فيلقي بنفسه في البحر طالباً للنجاة والعجب أن البحارة يعتقدون بوجوده ويقصون قصصاً عنه  " . 
ويرى حسين محمد حسين أن الكلمة مشتقة من الاسم الفارسي " ملك دريا " ، إلا أنه أيضا هناك مخلوق له نفس المواصفات له ذكر في كتب التراث العربي ولكنه مشهور بمسمى " إنسان الماء " و " الشيخ اليهودي " و " شيخ البحر " ، وقد جاء في كتاب حياة الحيوان للدميري : " إنسان الماء : يشبه الإنسان ، إلا أن له ذنباً . قال القزويني : وقد جاء شخص بواحد منها في زماننا مقدر كما ذكرنا . وقيل : إن في بحر الشام ، في بعض  الأوقات من شكله شكل إنسان وله لحية بيضاء ، يسمونه شيخ البحر ، فإذا رآه الناس استبشروا بالخصب . وحكى أن بعض الملوك ، حمل إليه إنسان ماء ، فأراد الملك أن يعرف حاله فزوجه امرأة ، فأتات منها ولد يفهم كلام أبويه ، فقال للولد : ما يقول أبوك ؟ قال : يقول أذناب الحيوان كلها في أسفلها ، فما بال هؤلاء أذنابهم في وجوهم  "  ، وقد زعم بعض الكتاب ومنهم الشملان في كتابه الألعاب الشعبية الكويتية أن أصل أسطورة أو درياه هو الأطوم ( بقرة البحر ) إلا أن المرجح أن أصل أسطورة أبو درياه وملك دريا وإنسان الماء هو الفقمة التي تعيش في البحر المتوسط والمعروفة باسم الفقمة الراهبة([5]).
وقد يكون أبو درياه شيخ البحر الذي يرد في حكاية السندباد أو الدوال باي .
انظر مادة ( شيخ البحر ) ، ومادة ( الدوال باي ) .



([1]) سعد رفعت ، الموسوعة العالمية للاساطير الشعبية ، ص 284 ، الحاشية [ 1 ]  .
([2])  صفحات من تاريخ الكويت ص 78 ذات السلاسل للطباعة والنشر والتوزيع ، الطبعة الخامسة  1408 هـ 0 1908 م .
([3])جلال الحنفي البغدادي ، معجم الألفاظ الكويتية ، ص 11 ( بغداد ، مطبعة أسعد ، 1383هـ / 1964 م ) .
([4])  الجنية  ص 35  ، الطبعة الخامسة  2011م .
([5])انظر : حسين محمد حسين ، المخلوقات الأسطورية في الثقافة الشعبية في البحرين ، ص 48 – 50 ، ( كتاب إلكتروني )  .

الثلاثاء، 2 أكتوبر 2018

أبسو ، أبزو - تمعجم الأساطير


أبسو، أبزو [ الهاوية ، الأعماق] ( Apsou


أبسو تطلق على مياه المحيطات العذبة في جوف الأرض ، واللفظة سومرية الأصل ، أما لدى الأكاديين عُرفت بـ " ابزو " ولعلها تعني الهاوية أو الأعماق حيث يقع أبسو تحت سيطرة إله المحيطات والأعماق إنكي ونفوذه ، ويطلق على معبده الرئيسي في أريدو اسم بين أبسو .
و" ابسو " أحد ثلاثة آلهة بدائية ، منها تحدرت جميع الآلهة ( حسب ما تذكر الأساطير البابلية ) ، زوجته هي " تعامة " التي تمثل الماء المالح ، يتحدان معا في سكون وفوقهما الضباب المنبعث منهما ممثلا الإله الثالث " ممُّو " ( مومو ) .
وقد اعتبر البابليون " ابسو " يمثل إله العماء قبل الخلق ، ويقابله لدى العبرانيين " تيحوم " Tehom ، فيعتبر " ابسو " و " تيحوم " رمزان إلى العماء المائي ، أي إلى وضعية الماء الكوني قبل تشكل الحياة  ، وتذهب الأسطورة إلى أن الإنسان خلق من طين أبسو وأن إيا إنكي Ea-Enki قد قتل ( خصى ) أبسو وأخذ مكانه كإله للمياه العذبة وأن مومو ( ممو ) سجنت في بيت شيد على جسده ، ويظهر أن أسطورة الخلق الإغريقية قد تأثرت بهذه الأسطورة فقد عرف مثل هذا عند الإغريق.
وقد نظر السومريون إلى " ابسو " على أنه مقر الآلهة حيث خُلق الإنسان الاول بناءُ على إرشادات " انكي " سيد هذا الماء ، وجاء في أسطورة الخلق البابلية أن أبسو هو أبو البشر الذي وجد قبل خلق السموات والأرض ، ويرد في ملحمة التكوين النص الأكادي ( إنوما إليش ) أن ( تيامات ) في الزمن الأول قامت بمزج المياه المالحة ( مياه البحار ) بالمياه العذبة ( أبزو ) ، وبعد أن انتصر الإله ( إيا / إنكي ) على ( أبزو ) سمي مكان سكناه باسم الإله المهزوم ( أبسو ) ([1])



([1]) قاموس الآلهة والأساطير ، ص 59 ، 60 .
 وانظر : معجم الحضارات السامية ، ص 39 .
 وانظر : موسوعة ميثولوجيا وأساطير الشعوب القديمة ص 129 .
وانظر : معجم الفولكلور ص 9 .
 وانظر : معجم ديانات وأساطير العالم ج 1  ص 106 ، 107 .

أبضعة أبنة ذي الأعواد


أبضعة ابنة ذي الأعواد



يزعمون أن أبضعة اسم ملكة ملكت بعد إخوتها الأربعة : مخوس، ومشرح، وجمد، وأبضعة ؛ وأختهم العمرّدة ، بن معد يكرب بن وليعة الكندى ملوك حضرموت ، وفي بعض الروايات أنهما من بني عمرو بن معاوية ، والملاحظ أن اسم الأخ الرابع ( أبضعة ) فهو أحد الملوك الأربعة ولكن بعض الروايات زعمت أن أسم هذه الأخت أبضعة ابنة ذي الأعواد  وأنها ملكت بعد مهلك إخوتها الأربعة بعد محاولتهم غزو الكعبة في زمن فهر بن مالك .
ففي بعض المصادر أنها اسم ملكة يرد عند الأخباريين العرب ويزعمون أنها ملكة ملكت بعد مرثد بن عبد بن تبع الأقرن المعروف بذي الأعود ، وزعموا أنه لما هلك مرثد ملك من بعده أولاده وكانوا أربعة مشتركين في الملك وذلك في زمن فهر بن مالك فخرجوا إلى مكة ليقلعوا الحجر الأسود ويبتنوا بيتاً بصنعاء يكون حج الناس إليه فاجتمعت كنانة وقلدوا أمرهم فهر بن مالك والتقوا فقتل ثلاثة من الملوك وأسر الرابع ولما أسر هؤلاء ملكت بعدهم أختهم أبضعة ابنة ذي الأعواد ، وكانت فاجرة فقتلها قومها ، ثم ملك بعد أولاد ذي الأعود ملكيكرب بن عمرو بن سعد بن عمرو ([1]) .
وتذكر رواية اخرى ان النبي صلى الله عليه وسلم انه لعن الملوك الأربعة ولعن أختهم ابضعة لما هموا بنقل الحجر الأسود إلى صنعاء ليقطعوا حج العرب عن البيت الحرام إلى صنعاء ، وأنهم توجهوا إلى مكة فاجتمعت كنانة إلى فهر بن مالك ابن النضر فلقيهم فقاتلهم فقتل ابن لفهر يسمى الحارثة وقتل من الملوك الأربعة ثلاثة وأسر الرابع فلم يزل مأسوراً عند فهر بن مالك حتى مات ، وأما ابضعه فهي التي يقال لها العنقفير ملكت بعد إخوتها باخبث سيرة ، وكانت تتخير الرجال على عينها فمن أعجيها دعته إلى نفسها فوقع بها لا احد ينكر عليها ، حتى ابصرت فتى من قيس فأعجبها فدعته فوقع بها فالقحها غلامين في بطن فسمت أحدهما سهلا والآخر عوفا وفي ذلك يقول شاعر من شعراء قيس:
وذي تومه في اذنه وضفيرة
وسيم جميل لا يخيل مخايله
إذا ما رأته قيلة حميرية
تجر له حبل الشموس تهازله ([2])
والرواية وعلى هذا الشكل وما تتحدث عنه من رغبات ونزوات بعض الملوك  تنتشر في في كثير من المصادر العربيةعن العصر الجاهلي لأكثر من ملك من ملوك ذلك العصر وإن كانت هنا تحكي عن رغبة نسائية ملكية للرجال .
وقد حدد حمزة الاصفهاني زمن الملوك الأربعة وأختهم أبضعة في زمن هرمز بن شابور ( هرمز الأول 272 273 م )  وكان ملكه ثلاثة وستين سنة ( كما زعم ) كما حدد ملك ذي الأعواد في زمن شابور بن أردشير ([3]) .
وهناك رواية أيضاً تتحدث عن غزو مكة تتشابه مع هذه الرواية وإن كانت تذكر ان من قام بعملية الغزو هو حسان بن عبد كلال بن مثوب ذي حرث الحميري وقد أقبل إلى مكة لنقل أحجار الكعبة حتى نزل بنخلة ، فجمعت قريش كنانة وأياد وجذام ومن كان معهم من أفناء مضر ورئيس القوم فهر بن مالك فاقتتلوا وانهزمت حمير وأسر حسان بن عبد كلال ملك حمير اسره الحارث بن فهر وأسر حسان بمكة وبقى مدة ثلاث سنين حتى افتدى منهم بنفسه فخرج به فمات بين مكة واليمن ([4]) .
ويظهر أن هؤلاء الملوك الاربعة إنما هم من أقيال اليمن وممن ينسب إلى كندة وكانوا في زمن الرسول صلى الله عليه وسلم ولم يكونوا في زمن فهر كما تزعم تلك الروايات ، فقد ذكرت بعض المصادر اسماء الملوك الأربعة واختهم وهم : مخوص " مخوس " ومشرح وجمد " حمده " وأبضعة وهم بنو معد يكرب بن وليعة بن شرحبيل بن معاوية الملقبين بلقب الملوك وكان كل واحد منهم قد اختص بواد ملكه ولقب نفسه بلقب ملك وقد نزلوا المحاجر وهي احماء حموها وقد عرف هؤلاء الملوك الأربعة من بني عمرو بن معاوية وقد لعنهم النبي وعرفوا بـ " بني وليعة " ملوك حضرموت وقد جاءوا إلى الرسول مع وفد كندة فأسلموا ، وقد ذكر ياقوت الحموي ان بني معد يكرب بن وليعة وهم : مخوص ومشرح وجمد وأبضعة كانوا يسمون ملوكا لأن كان لكل واحد واد يمكله ([5])، و قد ذكرهم ابن كثير من وفود حضرموت وذلك في السنة التاسعة من الهجرة ([6]) .
وذكر ابن خلدون انه قدم مع وفد كنانة وفد حضرموت وهم بني وليعة وملوكهم جمد ومخوس ومشرح وأبضعة فأسلموا ودعا لمخوس بإزالة الرتة من لسانة ([7]) .
وقيل وكان "مخوص" "مخوس" ومشرح وجمد وأبضعة بنو معديكرب بن وليعة بن شرحبيل بن معاوية من سادات كندة عند ظهور الإسلام ([8]).
وقال الجاحظ في البرصان والعرجان : ((ابن الكلبي، عن مولى لبني هاشم، عن أبي عبيدة من ولد عمّار ابن ياسر قال: وفد مخوس  بن معد يكرب بن وليعة الكندى على النبي عليه السلام في نفر من قومه، ثم خرجت من عنده فأصاب مخوسا اللّقوة، فرجع بعضهم إلى النبي صلّى الله عليه وسلّم فقال: يا سيّد العرب، أصابته اللّقوة فادللنا على دوائه. قال: «خذوا مخيطا فأحموه في النّار ثم اقلبوا شفر عينيه. ففيها شفاؤه  . والله أعلم بما قلتم حين خرجتم من عندي » .
فبرأ وقتل يوم النّجير  . وأنشد عوانة في عمرو بن سعيد :
وعمر ولطيم الجنّ وابن محمد
بأسوأ هذا الأمر ملتبسان  )) ([9]) .
وفي العقد الفريد : (( فمن بني حجر الفرد الملوك الأربعة: مخوس، ومشرح، وجمد، وأبضعة؛ وأختهم العمرّدة، بنو معد يكرب بن وليعة بن شرحبيل بن حجر الفرد؛ وهم الذي يقول فيهم الشاعر:
نحن قتلنا بالنّجير أربعه
مخوس مشرحا وجمدا أبضعه  )) ([10])
وفي نهاية الأرب في فنون الأدب: (( قدم وفد حضرموت مع وفد كندة على رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) وهم بنو وليعة ملوك حضرموت ؛ جمد ، ومخوس ، ومشرح ، وأبضعة ، فأسلموا ، وقال مخوس : يا رسول الله ، ادع الله أن يذهب عني هذه الرّتّة من لساني . فدعا له ، وأطعمه طعمة من صدقة حضرموت )) ([11]).
وتذكر مصادر انهم كانوا من بني عمرو بن معاوية وانهم خرجوا إلى المحاجر وهي الحمى فنزل جمد محجرا ومخوض محجرا ومشرح وابضعة محجرا واختهم العمردة محجرا وكان ذلك في زمن الردة ومنعوا الصدقة وأن زياد بن لبيد بيت القوم فأصابوا مشرحا ومخوصا وجمدا وأبضعة وأختهم العمردة وادركتهم اللعنة وقتلوا فأكقروا ووهنت بنو عمرو بن معاوية ([12])، وقيل أن المهاجر بن أبي أمية المخزومي ومعه زيد بن لبيد مع قوم من كندة أتوهم في النجير وقتلوا من ملوك كندة مشرحا ومحوشا وجمداً وأبضعة وبني معد يكرب بن وليعة بن شرحبيل بن معاوية وذلك في سنة 12 هـ وقال رجل من المسلمين:
نحن قتلنا الملوك الاربعة
مشرحاً ومحوشاً وجمداً وأبضعه ([13]).
وقد قال ابن الأثير في حوادث سنة 12هـ : " وفيها كان قتل الملوك الأربعة حمد ومحرس وأبضعة ومشرحا، وأختهم العمردة الذين ورد الحديث في مسند أحمد بلعنهم. وكان الذي قتلهم زياد بن لبيد الأنصاري. " ([14]) ، كما ذكر ابن كثير من ان علي بن عبد الله بن عباس كانت امه زرعة بنت مسرح بن معد يكرب الكندي أحد الملوك الأربعة الأقيال المذكورين في الحديث الذي رواه أحمد وهم مسرح وحمل ومخولس وأبضعة وأختهم العمردة ([15]).
ومن هذه النصوص يتضح ان أبضعة [ أو أبصعة  ،  كما في اللسان وتاج العروس ([16]) ]  هو أحد الملوك الأربعة وأن أسم أختهم هي العمردة ، وقيل ان اسمها العنقفير [ العنقفير في اللغة الداهية ويقال : غول عنقفير ، والعنقفير : المرأة السليطة الغالبة بالشر ([17])] .
وهذه الرواية عن هؤلاء الملوك الاربعة مع اخوته هي نموذج أو مثال على مقدار الخلط والإبتكار في روايات الإخباريين عن العصر الجاهلي والإسلامي ، ونحن نرى أن هؤلاء الملوك المزعومين أن صح الخبر عنهم إنما كانوا من رؤساء أحد القبائل في كندة والذين انتقلوا إلى حضرموت وكانوا في عصر الرسول صلى الله عليه وسلم ووفدوا عليه ثم ارتدوا بعد وفاة الرسول وكانوا من قتلى حروب الردة ( سنة 12هـ )، إلا إن الأخباريين ونتيجه لولعهم بالغريب عدوا هؤلاء من ملوك حمير و الذين قاموا بغزو مكة في زمن فهر ثم ابتكروة قصة أبضعة أختهم المزعومة وروا لها تلك الرواية التي لطالما انتشرت عند الإخباريين عن العصر الجاهلية وملوكه وعن رغبات بعض الملوك الجنسية أو بعض بنات الملوك وقد شاهدنا ذلك في قصة الحضر وابنة الضيزن ، وفي قصة سعدى بنت ذي الأذعار وفي قصة ذو نواس مع لخنيعة ينوفة ذو شناتر وفي قصة بلقيس مع ذو الأذعار  وفي قصة عمليق ملك طسم مع بنات جديس وغيرها من القصص والتي أصبحت قصص مألوفة من أهل الأخبار   . 


([1]) انظر نهاية الأرب في فنون الأدب ج 15 ، 230 ، ط1 ، دار الكتب العلمية .
([2]) انظر الاخبار الطوال ص 40 ، ط 1 ، دار أحياء الكتاب العربي .
([3]) انظر تاريخ سنى ملوك الأرض والأنبياء لحمزة الاصفهاني ص 103 ، دار مكتبة الحياة ، 1961 م .
([4]) انظر المفصل لجواد علي ج 7 ص 16 ، 17 ، ط4 ، دار الساقي .
([5]) انظر المفصل لجواد علي ج 3 ص 155 ، ط4 ، دار الساقي .
([6]) انظر البداية والنهاية ج 5 ص 95 ، دار الفكر ، 1407 / 1986 م .
([7]) انظر تاريخ ابن خلدون ج 2 ث 476 ، ط 2 ، دار الفكر .
([8]) انظر المفصل لجواد علي ج 6 ص 71 ، ط4 ، دار الساقي .
([9])البرصان والعرجان ص 430 ، ط 1 ، دار الجيل ، 1410هـ .
([10]) العقد الفريد ج 3 ص 340 ،
([11]) انظر نهاية الأرب في فنون الادب ج 18 ص 72 ، ط1 ، دار الكتب العلمية .
([12]) انظر تاريخ الطبري ج 3 ص 334 ، ط2 ، دار التراث ، وانظر الكامل في التاريخ ج 2 ص 231 ، ط 1 ، دار الكتاب العربي  .
([13]) انظر المناقب المزيدية ص 78 ن 79 ، ط1 ، مكتبة الرسالة الحديثة .
([14]) البداية والنهاية ج 6 ص 342 ، دار الفكر .
([15]) انظر البداية والنهاية ج 9 ص 320 ، دار الفكر .
([16]) انظر مادة ( بصع ) من تاج العروس ولسان العرب .
([17]) انظر تاج العروس ج 13 ص 117 ، دار الهداية .