الركب والقوافل والطرق وما يتعلق بها
وكما ذكرنا من قبل فقد أصبحت بدر من أهم المنازل التي ينزل فيها الركب
القادم من مصر والشام منذ القرن السابع الهجري وبلغت ذروتها في القرن الثاني عشر ،
وقد استمر ذلك حتى ما بعد منتصف القرن الثالث عشر الهجري ويبدو أن بدرا قد تعرضت
منذ تلك الفترة للعزلة بعد أن أصبحت قوافل الحج تسلك طرقًا أخرى لا تمر من بدر فتنتقل
القوافل ما بين المدينة وينبع عبر الحمراء ثم نقب الفأر ( نقب علي ) ثم بير سعيد
فينبع البحر أو ينبع النخل ، أما المتجهة من المدينة إلى مكة فتسلك طريق المسيجيد
أو الحمراء أو الصفراء إلى بئر ابن حصاني وبئر الشيخ ثم مستورة فرابغ وخليص ومكة أو
إلى بعض الطرق الأخرى المجاورة لها أو للطريق الشرقي ، وقد وأزداد ذلك في غالب
القرن الرابع عشر الهجري حتى أصبحت زيارة بدر تكاد تكون معدومة كما يتضح من رحلة
محمد حسين هيكل .
الدرك وحماية القوافل
يتحدث الجزيري والنهروالي عن الدرك وحماية القوافل في المناطق المجاورة لبدر
فيذكر الجزيري أن حماية القوافل من ينبع النخل حتى الدهناء منوطة بقبيلة زبيد ،
ومن الأبرقين إلى الصفحة تحت درك الشرفاء البدريين من أهل بدر ، ثم تعود مرة أخرى
حماية القوافل بقبيلة زبيدة ( المزداد ) من جنوب بدر ويستمر
هذا الدرك إلى المحمل المعروف ببستان القاضي ، اما الدرك باتجاه الصفراء فيذكر
الجزيري انه من بدر إلى آخر الصفراء تحت حماية المطرة ( ! ) وهؤلاء بينهما وبين
صبح عداوة ، بينما يذكر النهروالي في حديثه عن الصفراء طائفة من الأشراف الزيدية (
ولعلهم هم المطرة الذين ذكرهم الجزيري ) يأخذون جبا على القوافل ويحرسونها ، ويذكر
الجزيري أن دركهم يأتي بعد ذلك بني عمرو أصحاب الجديدة ويبدأ من آخر الصفراء (
العطفات ) ، ونهايته آخر المضيقات وابتداء السهل من الوعر كما يقول ، ليبدأ بعد
ذلك درك بني سالم والذي يبدأ من السهل من الوعر إلى فسقية طاز ووادي الغزالة إلى
آخر قبور الشهداء وذكر ان صاحب الدرك هو زين بن جمعة شيخ بني سالم وتدفع الأموال
من الخزائن السلطانية لحفظ الدرك وملء البرك ، وغاية درك بني سالم حتى قبور
الشهداء وما بعدها إلى آبار علي ليس له درك وما نهب في ذلك المحل ذهب ضياعًا ،
ويذكر النهروالي أن درك بني سالم من الربع الذي عند الخيف إلى الشرفة وقبور
الشهداء ، وقد تحدث الجزيري عن الدرك في عهد الجراكسة وذكر انه كان لبني إبراهيم
ثم بعد أن حدث لهم من الإفساد وآل أمرهم للقتل والتفرق في البلاد تلاشى أمر الدرك
واستمر ذلك التلاشي بغير حفير في ولاية بني عثمان وتوالى به الفساد والنهب من
عربان عنزة وظفير وحرب وغيرهم . ويبدو أن هذا النظام الذي ذكره الجزيري والنهروالي
في حماية القوافل قد كان معروفا في القرن العاشر غير أنه لم يشر إليه أحد بعد ذلك
مما يدل على أنه قد بطل فيما بعد ، ويظهر أن قبيلة صبح قد سيطرت على المنطقة
المجاورة من بدر فأصبحت حماية القوافل في المنطقة المجاورة لبدر من مهامها فيما
بعد كما أن حماية القوافل كانت من مهام شيخ حرب وشيوخ القبائل المتفرعة من حرب
كالحوازم والأحامدة والصبح وغيرهم من القبائل .
دخول القوافل وخروجها من بدر
وفي بدر يتجمع الركب المصري
والمغربي مع الركب الشامي وفي أحيان مع ركب المدينة المنورة ، وفي بدر يقام سوق
بين أهل بدر والقرى المجاورة وحتى المدينة المنورة وبين أهل الركب المصري والمغربي
والشامي ، كما يخزن فيها الأعلاف والطعام وذلك حتى يتم استخدامها عند العودة من
مكة المكرمة إلى بدر لمن يرغب في زيارة المدينة المنورة .
وفي غالب الرحلات التي مرت على بدر فإن دخولها إلى بدر كان من ثلاث طرق :
الطريق الأول : عبر الأبرقان
من شمال بدر وعبر الأبرقان ( الحنان وأبرق الحنان ) ومن الرحلات التي سلكت
هذا الطريق عند دخولها لبدر : رحلة العبدري ، رحلة الجزيري ، رحلة ابن مليح القيسي
، رحلة العياشي ، رحلة الهشتوكي ، ورحلة اليوسي ، ورحلة النابلسي ، ورحلة الدرعي ،
ورحلة ابن الطيب الشرقي ، ورحلة الوزير الشرقي الإسحاقي ورحلة المنالي الزبادي ،
ورحلة الورثيلاني ، ورحلة الحضيكي ، ورحلة ابن عبد السلام في رحلته الكبرى والصغرى
، ورحلة ليون روش .
ومن الملاحظ أن معظم إن لم يكن جميع هذه الرحلات ([1]) والتي تقدم من شمال بدر
تسلك في طريق الخروج إلى مكة المكرمة من جنوب بدر عبر وادي يليل ، وتعود مرة أخرى
إلى بدر بعد الحج من جنوب بدر ومن هذا الطريق نفسه ، وفي الغالب أيضًا أنها بعد
ذلك تتجه من بدر إلى وادي الصفراء ثم المدينة المنورة .
الطريق الثاني الطريق الشرقي:
أما الرحلات التي قدمت من وادي
الصفراء أو من شرق بدر فمن تلك الرحلات : رحلة ابن رشيد السبتي ، ورحلة البلوي ،
ورحلة ابن بطوطة ، رحلة أوليا جلبي ، ورحلة الدمشقي المجهول ، ورحلة السويدي ،
ورحلة المكناسي ، ورحلة بوركهارت ، ورحلة محمد حسين هيكل . ويذكر ابن عبد السلام
عن أنه من بدر [ يخرج ] طريق مشرقة إلى المدينة على وادي الصفراء وذكر أنه الطريق
الذي يسلكه الركب الشامي فيتجمع في بدر غالبًا مع الركب المصري ، وفي الغالب أن
هذا الطريق يدخل ما بين الصدمتين وإن كان المكناسي والزياني يتحدثون عن مرورهم
بحنين قبل دخولهم إلى بدر .
الطريق الثالث من الجنوب عبر درب وادي يليل :
اما الرحلات التي قدمت من مكة
المكرمة قادمة من جنوب بدر عبر طريق وادي يليل : رحلة ابن جبير ، ورحلة أبو الحسن
القلصادي ، ورحلة النهورالي ، ورحلة التامراوي ، والرحلة الحامدية ، ولعل القوافل
كانت تدخل عبر درب الدخول إلى وادي يليل .
أما الخروج من بدر فهي أيضًا الطرق المذكورة سابقًا :
أولا : مخرج الجنوب عبر وادي يليل
فإن غالب الرحلات والتي مرت ببدر واتجهت
إلى مكة المكرمة سلكت طريق جنوب بدر ، ويظهر أن هذا الطريق في الغالب أنه يمر بجبال
جنوب مقبرة الشهداء وبالقرب من نخيل بدر وهناك جبل تكثر فيه النقوش ولعلها دليل
على مرور القوافل من هذا الطريق ، ثم تدخل لوادي يليل جنوبًا وتمر عبر الوادي حتى
تصل إلى زقيمة عصيدة ثم تسلك يسارًا وتخرج من درب الدخول خلف زقيمة عصيدة ، ومن
الرحلات التي سلك هذا الطريق جميع الرحلات التي قدمت من شمال بدر ( الطريق الأول )
باستثناء رحلة ليون روش الذي خرج من شرق بدر ، وجميع الرحلات والتي قدمت من
المدينة المنورة إلى الصفراء فبدر متجهة إلى مكة المكرمة ( الطريق الثاني ) فقد
سلكت هذا الطريق ، فقد كان هذا الطريق هو الطريق الذي تسلكه القوافل التي تمر ببدر
والمتجهة إلى مكة المكرمة .
ثانيًا : المخرج الشرقي :
أما الخروج من شرق بدر نحو المدينة المنورة فقد سلكته معظم الرحلات التي
دخلت من شمال بدر ( الطرق الأول ) وجنوبه إلى مكة المكرمة ثم عادت إلى بدر واتجهت
إلى المدينة المنورة للزيارة ( فقد كانت جميع هذه الرحلات وبعد أن يتم أصحابها
الحج يعودون من بدر ويتجهون للمدينة للزيارة ) ، بالإضافة إلى الرحلات التي قدمت
من مكة المكرمة ومرت بدر ثم اتجهت للمدينة المنورة للزيارة ( الطريق الثالث ) .
ومع الأسف فإننا لا نعلم ما هو المخرج الذي تسلكه قوافل الحج من هذا الطريق عند الخروج من بدر
والأقرب أن الخروج من بدر من المخرج الشرقي عبر الشمال الشرقي من خلال الصدمتين ،
ولكن كتب الرحلات لا تصف بل ولا تسجل أي معلومة عن طريق الخروج من بدر عبر المخرج
الشرقي المتجه إلى المدينة المنورة مقارنة
بما نرى في حديثها عن المخرج الجنوبي أو المدخل الشمالي ، وقد ذكر المكناسي أنهم
صلوا الصبح في حنين فهل كان طريق الدخول والخروج من بدر باتجاه المدينة المنورة
يسلك حنين أو شعب حنين ؟ وذكر قريب من هذا الزياني ، في حقيقة الأمر لا استطيع أن
أوكد ذلك بناء على ما تذكره رحلة واحدة أو رحلتين ، بل والذي يستبعد ذلك أن الكثير
من الرحالة قد جهلوا موضع حنين ، ولو كان الرحالة قد سلكوا هذا الطريق لما جهلوا
اسم حنين وارتباطه ببدر بل ومن خلال حديثهم عن حنين يدل على عدم معرفتهم بهذا
الموضع تمامًا .
ثالثًا : مخرج شمال بدر بين الأبرقين :
وهذا الطريق نادرًا ما سلكته القوافل عند الخروج من بدر فغالب القوافل التي
تقدم من المدينة وبعد أن تنهي حجها تسلك طريق شمال بدر عبر نقب علي ( نقب الفأر
) أو أنها تخرج من شمال المدينة المنورة .
ومن الذين سلكوا هذا الطريق ( بين الأبرقين ) عند الخروج من بدر بوركهارت ، ومحمد
حسين هيكل .
المسافة بين بدر وغيرها من قرى وادي
الصفراء
وقد حددت بعض الرحلات المسافة بين بدر وغيرها ، فصاحب المناسك يذكر أن بين
بدر والأثيل ( الحسنية ) ثلاثة أميال وقد أورد المسافات بين بعض القرى في وادي
الصفراء قبل الدخول إلى بدر وهذا ما سوف نذكره في موضعه ، بينما يذكر ابن جبير أن
بين بدر والصفراء بريد وهو طريق حسن ، ويذكر مثل ذلك ابن بطوطة ، أما المكناسي
فيذكر أن بدر تبعد عن الجديدة بحوالي 15 ساعة وكذلك ذكر مثل هذا الزياني .
وصف الطرق بين بدر وغيرها
يذكر ابن جبير أن الطريق بين بدر والصفراء واد وجبال تتصل فيها حدائق النخيل
والعيون وهي طريق حسن ، ويذكر ابن بطوطة مثل ذلك في رحلته ، وتحدث بوركهارت عن
صعوبة الخروج من بدر بين الأبرقين وذكر أنهم مشوا في تلك التلال الرملية مدة نصف
ساعة بصعوبة بالغة فقد كانت الرمال عميقة ثم نزلوا إلى السهل الغربي الذي يمتد إلى
أن يصل إلى البحر ، وتحدث ليون روش عن الطريق من بدر إلى المدينة وذكر انه يمر بأودية مروية ومزروعة بأشجار
النخيل وبأشجار من كل نوع فهي سهلة العبور بالاستثناء الممر عبر سلسلة الجبال التي
تسمى ثنية الوسط فهي شاقة للغاية وخطرة ، وذكر الحامدي أنهم عندما اقتربوا من بدر من الجنوب
رأوا أشجار كثيرة ذاك أشواك ، وأنهم خرجوا من بدر تارة إلى جهة المشرق وتارة إلى
غيرها فوجدوا بلاد كثيرة النخل والمياة منها الحسينية والعريشية والصفراء والحمراء
وأبيار علي والفريشة وأبيار عباس حتى وصلوا ذو الحليفة ، اما محمد حسين هيكل فقد
تحدث عن صعوبة المرور بين المسيجيد وبدر والمعانة الني لقاها هو وأصحابه عند سيرهم
بهذا الطريق بالسيارة وقد تعرضت سيارتهم للتوقف عدة مرات بسبب الرمال والطريق غير
المعبد ، وقد تحدثت مجلة العربي عن انتعاش بدر بعد شق الطريق بين مكة والمدينة
والذي يمر ببدر وتحدثت عن المقاهي في الطريق العام والتي ينام فيها الحجاج وعن
وجود محطتان للوقود ، ويتحدث عاتق البلادي عن الطريق الذي يمر بوادي يليل إلى
المفرق فيذكر أنه وبعد خروجه من بدر سار غربًا في مضيق يليل المعروف بالحلق وبعد
خمسة أكيال وصل إلى مقاه ومحطات وقود تسمى المفرق وذكر انها أحدثت في عهد السيارات
حيث صار الذاهب إلى ينبع يفرق عن الطريق العام في هذا المكان .
التقاء قوافل الحجيج في بدر
وفي بدر يلتقي الركب المصري والمغربي والشامي في وقت محدد وهو في الغالب في
أواخر ذو القعدة ( بين 25-30 من ذو القعدة بل وبعضها يخرج من بدر في أول الحجة كما
حدث في رحلة ابن عبد السلام الصغرى ) فيقدم الركب المصري ومعه الركب المغربي في
الغالب فيدخل إلى بدر ما بين الأبرقين ( الحنان وأبرق الحنان ) ويلحق به في الغالب
الركب الشامي فيقدم من المدينة المنورة ويدخل بدر من شرق بدر عبر وادي الصفراء
ويكون الوصول في ذات اليوم وإن تأخر قدوم الركب الشامي أو المصري فلا يزيد عن يوم
أو يومين ، ويذكر البلوي أنه في بدر يجتمع من مصر والشام الطريقان ويجتمع الركب
الشامي والمصري ، وقد أشار العياشي إلى اجتماع الركب الشامي والمصري والمغربي في
بدر في نفس الليلة ، وذكر أوليا جلبي ذلك كما ذكر ان حجاج مصر يحتفلون في هذا
المكان ( بدر ) حيث يشعلون المصابيح والمشاعل وتطلق الأعيرة النارية وقد وصف هذا
الاحتفال العديد من الرحالة كما سوف نذكر في حديثنا عن دار الوقدة ، أما الدرعي
فيذكر أنهم وجدوا الركب المصري في بدر ونزل الركب الشامي سحرًا وأخذ المصري في
الرحيل ساعتها ، في حين يذكر ابن الطيب الشرقي أنهم وجدوا الركب الشامي قد سبقهم ،
أما الورثيلاني فقد دخل مع الركب المصري بعد غيظه من الركب المغربي وقد خيم الركب
بجوار الشهداء ، وقد ذكر ابن عبد السلام في رحلته الكبرى انهم نزلوا بجوار مقبرة
الشهداء وقد سبقهم الركب الشامي والذي كان مخيم في بطن الوادي وهو يستعد للرحيل ، وقد
أورد ابن عبد السلام مقارنة بين الركب الشامي والمصري ، كما تحدث عن ركب طيبة (
المدينة المنورة ) وقد أنفرد بذكره ، أما في رحلته الصغرى فذكر أنهم اجتمعوا بركب
طيبة أما الشامي فقد سلك طريق درب الليمون ، أما المكناسي فقد كان في الركب الشامي
وكان دخوله إلى بدر من وادي الصفراء بعد أن مر بقبور الشهداء والجديدة والصفراء
وحنين ، وذكر انهم لقوا الركب المصري والمغربي وأنهم خرجوا بعد العصر قبل الركب
المصري ، ويذكر بوركهارت أن بدر من محطات الحج وذكر أنه عثر في المكان الذي يخيم
فيه الحجاج بجانب بوابة البلد بقايا من جثث الإبل وخرق الملابس وبقايا الأواني
المكسرة ، وأبواب بدر في شرق بدر مما يعني أن التخييم كان في شرق سوق بدر وقد أشار
الجزيري والنهروالي والعياشي وغيرهم من الرحالة أن القوافل كانت تخييم بجوار محطة
الركب وسوف نتحدث عن ذلك في موضعه ، وقد ذكر بعض أهل بدر يحرسون قافلتهم وأن
المكان عامر باللصوص ، ويذكر التامراوي أنه دخل بدر في محرم وقد قيلوا فيها وناموا
ليلتهم وفي يوم الجمعة خرج منها ، وذكر ليون روش أن في بدر تخيم القوافل المتجهة
إلى مكة وذكر أن رحلتهم من القاهرة إلى ينبع كان السفر فيها خلال الليل مع الخشية
من هجوم البدو الذين كانوا يهاجمون القوافل الكبيرة على الرغم من الحراسة التي يقوم بها جنود مصريون .
صاحب المناسك
في القرن الثالث أو الرابع ويتحدث صاحب المناسك عن الطريق الذي يسلكه
المسافر إلى بدر فيقول : ( إذا أردت سلوك [ طريق ] بدر عدلت من الروحاء في المضيق
فمن الروحاء إلى خيف نوح [ خيف الحزامي ] اثنا عشر ميلا ، ثم تخرج منه إلى المعلا
ثلاثة اميال ، ثم تخرج منها إلى الخيام ميل ، ثم تخرج منها إلى الأثيل [ الحسنية ]
ميلان ، ثم تخرج من الأثيل إلى بدر ثلاثة أميال ) ويذكر أن في كل موضع من هذه عيون ونخل وماء وغير ذلك .
ابن جبير
ويذكر ابن جبير أن بين بدر والصفراء بريد والطريق
إليها في واد بين جبال تتصل بها حدائق النخيل والعيون فيه كثيرة .
ابن بطوطة
ويذكر ابن بطوطة مثل هذا ويقول : " أن بين
بدر والصّفراء نحو بريد في واد بين جبال تطرّد فيه العيون وتتصل حدائق النخل
" وما يوجد في رحلة ابن بطوطة يكاد يتطابق مع رحلة ابن جبير ، مع الفرق أن قدوم ابن
جبير إلى بدر كان من الجنوب بعد أن زار مكة المكرمة ، أم ابن بطوطة فقد قدم إلى
بدر من شرق بدر بعد زيارته للمدينة المنورة كما سبق ان ذكرنا .
البلوي
ويذكر البلوي أن في بدر يجتمع من مصر والشام الطريقان ، ويتألف منهما
الفريقان وبالمنزل اجتمعوا مع الركب المصري والمحمل الشامي .
الجزيري
ويتحدث الجزيري عن درك القوافل ويقصد بذلك القبائل التي تحمي بعض القوافل
فيذكر :
- أن حدود الدرك من ينبع النخل إلى الدهنا لمحمد بن داوس ورفقته ، ومن
الدهناء إلى العذيبة إلى الحدرة ( ما بين الحنان وأبرق الحنان ) في درك عرب زبيد
ومنهم حمدان بن زهير بن سالم ومن معه .
- ومن الأبرقين إلى المحل المعروف بالصفحة ( غير معروف الموضع ، ولكن لعله
جنوب في وادي يليل ) من درك الشرفاء البدريين منهم سالم بن عامر بن هبة وعامر بن
خضير وحسين بن محمد بن مخدم وعبد الله بن جري ، يعود درك
زبيد الشام أيضاً – ويستمر هذا الدرك إلى المحمل المعروف ببستان القاضي فهو آخر
درك زبيد الشام ( زبيد المِسداد ) .
- ويذكر أن الدرك بين بدر والصفراء تحت حماية المطرة وأن بينهم وبين صبح
عداوة ، ويذكر أن أول هذا " الدرك من بدر وحنين إلى آخر الصفراء .
- ومن غاية وادي الصفراء أول العطفات وهو حد درك بني عمرو أصحاب الجديدة ،
فأول درك الجديدة العطفات ، ونهايته آخر المضيقات وابتداء
السهل من الوعر ، ومن شيوخ القرية أصحاب الدرك هيزع بن يوسف ، وحسن بن عجل.
- ودرك بني سالم وصاحب الدرك زبن بن جمعة بن جبار شيخ بني سالم من المراوحة
من من ابتداء السهل من الوعر إلى فسقية طاز وإلى وادي الغزالة وإلى آخر قبور
الشهداء .
- وبعد الشهداء إلى المدينة بلا درك فتلك المنطقة غير آمنة .
النهروالي
ويذكر النهروالي أن للمزداد من زبيد جبا القوافل في المناطق المحيطة ببدر ،
وقد تحدث النهروالي أن لطائفة من زبيد يقال لهم المزادد لهم جبا القافلة ( وهذا
يتطابق مع ما ذكره الجزيري) ويأخذون على
كل شقدف خمسة محلقة وعلى الجمال العُصم ثلاثة محلقة وعثماني وعلى الشبرية ثلاثة
محلقة ولهم خارج عن هذا جميعه عثماني على المحطة إلا أنهم يكادون يغشون ويأخذون
أكثر من هذا ، وليس لهم على الزمل شيء .
وذكر في حديثه عن الصفراء أن في هذا الموضع طائفة من الأشراف الزيدية (
ولعلهم هم المطرة الذين ذكرهم الجزيري ) يأخذون جبا على القوافل ويحرسونها ولهم
على كل شقدف ثلاثة محلقة وعلى الشبرية محلقين وشيخهم السيد حسن بن هيازع .
ويذكر أن الخيف يقال له خيف بني عمرو وهم طائفة يقاربون ألف رجل يرمون بالسهام
وأكثرهم متسببون في البيع والشراء معروفون بالثروة بين عربان تلك البلاد وأخصامهم
المراوحة وشيخهم يقال له حسن بن ناجي وشيخ المراوحة زبن بن جبار .
وفي حديث النهروالي عن الخيف والشعب يذكر أن المواضع كلها من الريع الذي عند
الخيف إلى الشرفة وقبور الشهداء درك المراوحة ( من بني سالم ) وهم نحو ألفين وخمس
مائة ، وذكر أنه ومن النازية إلى المدينة المنورة يكون الخوف غالبًا في
الطريق .
العياشي
وقد تحدث العياشي أيضأ عن هذه المنطقة وعند خروجه من المدينة المنورة وذكر
أن المحل محل خوف لأن تلك المسافة يطرقها لصوص عنزة وهي في درك بني سالم ومنازلهم
بعيدة عنها ، غير أن العياشي يذكر أنه لم يحلظ أي لصوص ولا سارق في ليل ولا نهار
إلا في قرب من المدينة وإنما تشتعل نار الحرابة والسرقة في تلك البلاد أيام المواسم
فقط لاختلاط الناس واجتماع الأوباش من كل أوب ، وذكر انه عيان من الطمأنينة في
الطريق والعافية والسكون في مسيرهم ما أثار العجب وذكر أن كانوا يسلكون هذه البلاد
في أيام الموسم ويعانون من النهب والسرقة والروعات المتتالية فظنوا انها كذلك
دائمًا.
وقد مر العياشي من شمال بدر ما بين الكثيبين ( الأبرقين = الحنان وأبرق
الحنان ) فقد أشار إلى اجتماع الركب الشامي بالركب المصري في بدر في نفس الليلة
ويجتمع الركب الشامي والمصري والمغربي وهو في الغالب يصاحب الركب المصري في بدر .
أوليا جلبي
وكذلك تحدث أوليا جلبي عن ذلك فذكر أن في هذه المدينة ( يلتقى طريق الحج المصرى بطريق الحج الشامي ويحتفل
حجاج مصر ، بغزوة بدر، فى هذا المكان حيث يشعلون المصابيح والمشاعل، ويطلقون
الفشنك «الأعيرة النارية» ) .
الدرعي
أما الدرعي فذكر في بدر أنهم وجدوا به الركب المصري ونزل الشامي سحرًا وأخذ
المصري في الرحيل ساعته .
ابن الطيب الفاسي
أما ابن الطيب الفاسي فذكر أنهم
وجدوا الركب الشامي قد سبقهم وهكذا فقد يسبق الركب الشامي الركب المصري أو يسبق
المصري الشامي ، وكذلك الحال مع الركب المغربي وإن كان الركب المغربي في كثير من
الأحيان بمعية الركب المصري ، وذكر في طريق العودة من مكة المكرمة أنه أخذ الناس
من بدر ما تركوه من الزاد وقد وصل ثمن العلف ثمنا جاوز المعتاد وقد ذكر أنه أغناهم
الله عن شراء ذلك بعد أن حملوا من مكة ما يكفيهم إلى المدينة .
الورثيلاني
وتحدث الورثيلاني عن دخول قافلة الركب المصري والركب المغربي فذكر أنه دخل
مع الركب المصري بعد أن وقع له غيظ من أجل ظلم الحجاج في الركب المغربي فتركهم ،
دخل مع الركب المصري إلى بدر في الصباح بجوار مقبرة الشهداء وأنه ذهب إلى قرب
القرية ليستظل بظل جدار المدشر ، عند السقائف التي تشرب فيها القهوة فانتظر هناك
الركب المغربي إلى أن وصل ونزل أعلى الركب المصري قرب الجبل ( ربما غرب مقبرة
الشهداء ) ، وأنه بعد الظهر ذهب إلى أهله وإلى أصحابه ( يقصد أنه عاد إلى الركب
المغربي ) وأقاموا ببدر ذلك اليوم والذي بعده وزاروا قبور الشهداء ، ثم خرجوا بعد
الركب المصري الذي خرج بعد الظهر ومروا بوادي ( طريق المفرق ) إلى وقت العصر فصلوا
العصر بعد الخروج من ذلك الوادي .
ابن عبد السلام
وقد تحدث ابن عبد السلام من أنهم قد نزلوا بجوار مقبرة الشهداء وكان قد
سبقهم الركب الشامي الذي كان في بطن الوادي مخيمًا وهو يستعد للرحيل ، وفي موضع
أخر تحدث ابن عبد السلام عن أنه من بدر [ يخرج ] طريق مشرقة إلى المدينة على وادي
الصفراء وذكر أنه الطريق الذي يسلكه الركب الشامي فيتجمع في بدر غالبًا مع الركب
المصري ، وقد قارن بين الركب المصري والركب الشامي وهي من المقارنات النادرة في
كتب الرحلات ، فذكر أن الركب المصري أكثرًا آدميا وخيلًا وبغالا وحُمرًا وأصبط ،
أما الشامي فأكثر منه إبلًا في جودة وأحسن صنعة في نصب الأخبية كانها أزقة ملتوية
، مع ما هي من زينة وحسن صنعة ، والمصري يكثر من أثقال السلع والشامي تجارته في
الجواهر واليواقيت فترى الإبل من غير زاد وعساكره مغاربة ، وأميره لا يد فوق يده
عند السلطان العثمانية ( أي مرجعه السلطان العثماني ، بعكس المصري الذي يعينه والي
مصر ) ، وقد تحدث أيضًا عن ركب المدينة المنورة ( ولم يرد ذكر له في الرحلات التي
سجلناها هنا وقد تفرد به ابن عبد السلام )
فذكر أنه ركب صغير تعلوه مهابة وذكر انهم يمرون ببدر إلى جدة ومنها إلى مكة ، ثم
يرجعون على جدة أيضًا وذكر أنه صاحب الشامي منهم جماعة ، وذكر أنه عرض منهم رجل
خدمته في المدينة المنورة عند العودة من مكة وأهداه تمر ورمان فأثر هذا فيه كثيرًا
، وارتجل بعض الأبيات ، وقد تحدث أنه في بدر استهل لهم هلال ذي الحجة وكانت ليلة
الخميس فارتحلوا ضحوة الخميس الأول منه ( ذي الحجة ) إلى مكة المكرمة .
أم في رحلته الصغرى فيذكر أنه اجتمعوا مع ركب طيبة ، أما الشامي فلم يلتقون
به هذه السنة على عادته في ذهابه من المدينة لمكة على درب أخرى يسمى درب الليمون
ولا يجتمع مع دربهم هذا إلا بقرب مكة ، وأنهم ارتحلوا من بدر في الأول من يوم
الخميس بعد الضحى.
المكناسي
أما المكناسي فقد قدم مع الركب الشامي من المدينة المنورة ومر بالشهداء
والجديدة والصفراء وحنين ودخل بدر وذكر أن بدر تبعد عن الجديدة 15 ساعة ، وقد ذكر
أنهم لقوا في بدر الركب المصري والمغربي ، وأنهم خرجوا ( الركب الشامي ) عند العصر
قبل الركب المصري .
بوركهارت
ذكر بوركهارت أن بدر محطة من محطات الحج وذكر أنه عثر على المكان الذي يخيم
فيه الحجاج بجانب بوابة البلد بقايا من جثث الإبل وخرق الملابس وبقايا الأواني
المكسرة ، وذكر أن بدر مكان يتردد عليه كل من البدو المسافرين والطلب عال على
المساكن في بدر ، وذكر أن بعض أسر الأشراف تقيم في بدر ويحصلون من الحجج عند
المرور على نوعيات معينة من الضرائب والمكوس ، وقد أشار العياشي أن أمير بدر كان
يأخذ بعض المكوس على القوافل التي تمر ببدر .
وقد تحدث بروكهارت سكان بدر وذكر أن سكان بدر الأصليون قبيلة صبح وقد استوطن
البعض منهم ، وذكر أن آخرين من الناس لهم دكاكين في بدر ، وذكر أن بعضهم يعودون
عندما يأتي المساء إلى خيام عوائلهم في الجبال المجاورة ، وذكر أن بدر مكان يتردد
عليه كل من البدو المسافرين والطلب عال على المساكن في بدر ، والمحل في السوق يؤجر
بحوالي 20 دينار في العام ، وذكر أنه بعض أسر الأشراف تقيم في بدر ويحصلون من
الحجج عند المرور على نوعيات معينة من الضرائب والمكوس .
وقد دخل بروكهارت بدر من وادي الصفراء ، وقد ذكر أنه في المساء جاءت المئات
من إبل البدو لتسقي من النهير ( العين ) الموجود في بدر وكانت الإبل بصحبة النساء
الاتي دخلن في حوار معهم ، وقد ذكر أنهم مضوا يومهم في بدر وقد بقى بعض من أهل بدر
يحرسون قافلتهم ، وتحدث عن أن المكان عامر بالصوص وقد خيموا خارج بوابة البلد ،
وأنه في اليوم التالي خرج من بدر من المنطقة الشمالية ما بين الحنان وأبرق الحنان
وقد وصف صعوبة ، فقد ذكر أنهم مشوا في تلك التلال الرملية مدة نصف ساعة بصعوبة
بالغة فقد كانت الرمال عميقة ، ثم نزلوا إلى السهل الغرب الذي يمتد إلى أن يصل إلى
البحر.
التامراوي
وقد دخل التامراوي بدر في
محرم سنة 1243هـ من الجنوب قادمًا من مكة المكرمة وقد قيلوا فيها وناموا ليلتهم
وفي يوم الجمعة خرج منها .
ليون روش
وذكر ليون روش أنه في بدر تخيم القوافل المتجهة إلى مكة المكرمة ، وتحدث عن سير القوافل من مصر وذكر ان رحلتهم من
القاهرة إلى ينبع كان السفر فيها خلال الليل مع الخشية من هجوم البدو الذين كانوا
يهاجمون القوافل الكبيرة على الرغم من الحراسة التي يقوم بها جنود مصريون ، وتحدث
عن الطريق من بدر إلى المدينة وذكر انه يمر بأودية مروية ومزروعة بأشجار النخيل
وبأشجار من كل نوع فهي سهلة العبور بالاستثناء الممر عبر سلسلة الجبال التي تسمى
ثنية الوسط فهي شاقة للغاية وخطرة .
الحامدي
وقد دخل الحامدي من جنوب بدر وذكر أنه عندما اقترب من بدر رأوا أشجار كثيرة ذات أشواك ، ثم دخلوا بدرا
بعد صلاة العصر ، وأقاموا بها يوم السبت ثامي يوم من المحرم سنة 1298هـ ثم ساروا
من بدر تارة إلى جهة المشرق وتارة إلى غيرها فوجدوا بلاد كثيرة النخل والمياه منها
الحسينية والعريشية والصفراء والحمراء وأبيار علي والفريشية وأبيار عباس حتى وصلوا
ذو الحليفة
محمد حسين هيكل
أما محمد حسين هيكل فيذكر في القرن الرابع عشر أنه خرج من المدينة المنورة
إلى المسيجيد حيث سكن في فندقها ثم واصل سيره حتى الحمراء حيث ينقسم الطريق بعد
الحمراء إلى طريقين طريق معبد يصل إلى نقب الفار وطريق إلى بدر وقد سلك ها الطريق
الأخير ، وذكر أن الطريق إلى بدر في زمانه غير معبد وقد تحدث عن المعاناة التي لقاها
هو وأصحابة عند سيرتهم في هذا الطريق بالسيارة عندم تعرضت سيارتهم لتوقف لعدة مرات
بسبب الرمال وقد ذكر ان الطريق أفسده السيل قبل ذلك فلم تمر به طوال العام سيارة
واحدة ، وقد ذكر له سادن السنوسية أن له يزور بدر إلا القليل ، وقد تعرضت بدر في
القرن الثالث عشر للعزلة وازدادت العزلة في القرن الرابع عشر ، وقد خرج محمد حسين
هيكل على ما يبدو من من شمال بدر بين الأبرقان ( الحنان وأبرق الحنان ) كما خرج
بوركهارت من قبل .
مراسل مجلة العربي
ويذكر مراسل مجلة العربي الكويتية بدر الدين خليل أنهم
وصلوا إلى بدر عند غروب الشمس فلم يجدوا فندقًا فاضطروا أن يتخذوا من الأرائك
الخشبية في احد المقاهي القائمة على الطريق أسرة ليانموا عليها ، وذكر أن هذه
تجربة مألوفة لدى الحجاج وخاصة للذاهبين للمدينة ، وتحدث المراسل عن عزلة بدر ،
حتى إذا شقت الطريق الحالية بين جدة والمدينة وقد مر بالقرية مباشرة فانتعشت بدر ،
فأصبحت الطرق الحديثة تصلها بالمديينة وينبع فبدأت القرية تخرج من عزلتها ، ويذكر
أن اتصال الطرق ببدر بدأ يحدث أثرا من ناحية الزوار وقد أقيمت عدة مقاه لاستقبال
الزائرين ومحطتان لوقود السيارات .
عاتق البلادي
ودخل عاتق البلادي بدر من الشرق من وادي الصفراء وتحدث
عن مقاهي بدر كما تحدث عن وادي يليل وقد ذكر عند خروجه من بدر أنه سار غربًا في
مضيق يليل المعروف بالحلق وبعد خمسة أكيال وصل إلى مقاه ومحطات وقود تسمى المفرق (
مفرق ينبع ) وذكر أنها أحدثت في عهد السيارات حيث صار الذاهب إلى ينبع يفرق عن
الطريق العام في هذا المكان ، وبعد المفرق ببضع أكيال ظهر طريق البزواء وهي تلك
الصحراء .
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق