الدجيرة
وتعرف بالديجيرة ، والتيجرة والدجيلة ، و هي سيدة من سيدات الجن حسب
الاعتقادات الشعبية في الحجاز وتوصف بأنها امرأة من الجن تقوم بالتشكل على أي شكل
ما عدى رجلها فهي رجل حمار ويشبه هذا قصة الغول في التراث العربي [ انظر مادة الغول ] .
ويعرف عنها انها تستهوي الشباب والرجال وانها ونذرت نفسها لغوية شباب
الإنس والتعرض لهم فهي تحمل بقشتها وتخادعهم من أجل مساعدتها .
و يذكر أحمد قنديل ان
الدجيرة شخصية اسطورة ظهرت في جدة قبل 250 سنة في زقاق الخنجي وأن أبوها
البعبع وأمها الهمية وأنها تزوجت من الجن وخلعت زوجها وجافت شباب الجن ونذرت نفسها
لغوية شباب الإنس والتعرض لهم ودأبها التعرض للشباب من اجل افزاعهم ([1]).
في حين تذكر راوية اخرى ان الدجيرة تعترض ضحايها ثم تقوم بدقدقتهم
حتى الموت ، ويزعم هؤلاء انه بالإمكان السيطرة على الدجيرة إن ضربت ظلها بخنجر او
سكين فهي تنفذ كل ما تريده في هذه الحالة .
وتتصف الدجيرة بان إحدى أرجلها أو كلاهما تشبه رجل الحمار ، ويعرف هذا في الادب العربي في وصف الغول فقد ذكر
الجاحظ أن العامة تعتقد أن الغول تتصور في أحسن صورة إلا أنه لا بد أن تكون رجلها
رجل حمار ، يذكر الجاحظ أنهم خبروا عن الخليل بن أحمد أن أعرابياً أنشده :
وحافر العير في ساق خدلجة
وجفن عين خلاف الإنس في الطول
ويذكر الجاحظ أن العامة تزعم أن شق عين الشيطان بطول ويظن الجاحظ أن
العامة لم ياخذوا هذين الاعتقادين إلا من الأعراب ([2]) .
وفي المدينة المنورة تعرف الدجيرة باسم اخر وهو الدجيلة حسبما يذكر
ناجي الأنصاري في كتابه ( المسقاية ) وهو هنا شبح مذكر مرعب وليس انثى يخوف به
الأطفال يسكن الخرائب ويتسلل في الليل عندما تخلو الأزقة والأحواش من الحركة تماما
.
ومن صفته انه (( شبح فارع الطول عريض المنكبين تتدلى يداه حتى
تصل إلى الأرض لونه أخضر يميل إلى السواد وعيناه واسعتانمشقوقتان من أعلى إلى أسفل
الجبين ووجهه ضخم مستدير ومنخراه كبيران وفمه واسع تبدوامن خلاله أسنان بيضاء
لماعة وشعره أسود فاحم يرتدي ثوبا قصيرا من الخيش يتمنطق بحزام من الجلد تتدلى منه
قطعة العظام والخرز وبعض معادن من الحديد والنحاس وصفائح وفي معصميه طوق من الحديد
العريض مصفوف حوله الخرز والنحاس يتهادى في مشيته كالجمل السارح جراء ما ينوء به
من الأحمال في وسطه ويديه وعنقه ورجلليه مما يحدث رنة وشنةوخلخلة وطقطقة هذه الأشياء
عند مشيه )) ، وهذا الوصف أشبه بوصف العبد المسلسل ( أبو جلاجل = أبو سلاسل ) ، وبعض الروايات والقصص تذكر وتربط ما بين
الدجيرة والعبد المسلسل ( أنظر أبو جلاجل )
.
وتتشابه
قصة الدجيرة مع الغولة والنداهة في مصر وأم الصبيان في منطقة الخليج وأم الدويس في
الإمارات وام السعف والليف وعائشة قنديشه [ عيشه قنديشه ] في المغرب وخاصة في
تعرضها للشباب ويظهر أن الدجيرة هي وغيرها
من المسميات ما هي إلا الإمتداد الطبيعي للغول أو الغولة أو السعلية في الأدب
العربي القديم .
ففي كتاب ( قصة الادب العربي )
(( لا يزال أهل مكة يتحدثون عن "الدجيرة" وهي في سماتها كالغول؛
فرجلاها رجلا حمار إلا أن وجهها وجه امرأة. وهي لا تسير إلا ليلا، وإذا سارت تنطلق
من خطواتها وسوسة الخلاخيل، وربما حملت على ذراعيها طفلا ملفوفا, فإذا ما قابلها
رجل في الطريق أظهرت أنها تنوء بحمل ذلك الطفل, ثم تستنجد بالرجل فيحمله عنها
ويسيران، ورويدا رويدا يشعر الرجل أن الطفل يكبر حجمه ويطول ... ويطول ... فيخاف
... ويرتعد ... وربما أغمي عليه أو عراه الجنون، وربما قذف بالطفل وفر هاربا بين
قهقهات "الدجيرة" وسخريتها. )) ([3]).
أما عبده خال فيقول : (( أنه
اشتهر ظهور الديجيرة في الحجاز في المناطق الممتدة بين المدينة المنورة وجدة ، وهي
كائن تتشبه بأي صورة بشرية ويمكن لها أن تتشبه بصورة جار أو أم أو أخت ، وتتشبه
بشخص يكون من الحيط نفسه التي تظهر فيه ، والشخص الذي تظهر له يعرفها من خلال
قدميها إذ لها قدم صحيحة واخرى تنتهي بحوافر وساق أشبه بساق الحمار ، ودائماً
تختفي إذا استعذت بالله منها )) ([4]) .
ويذكر عبده خال من صفاتها
أنها لا ترى عورة الرجل وإذا انكسفت غطت عينها كي لا تصاب بالعمى ، وأنها لا تدخل
البيوت التي لها عتبة ، وروى قصة عن سالم بينبع النخل مع الدجيرة استطاع الإمساك
بها فبنى لها عشة بجوار بيته وعاشت بها من غير تؤذي أهل القرية ([5]) .
ويذكر الخال أن المؤمنين بوجود الديجيرة يذكرون أن لها خاتماً بأحد
أصابعها من تجرأ وأخذه من إصبعها غدت خادمته المطيعة تلبي كل طلباته ([6])، ويشبه هذا ما
ذكرناه قبل قليل من السيطرة على الدجيرة بغرس سكين في ظلها .
ويقول
عبد الله محمد أبكر في حارات مكة : (( وهي من الأسماء ( الأسطورية ) التي كانت
تخيف الآباء والأمهات والأولاد وقد تكون من الأشباح المخيفة ولها تأثير معنوي في
نفوسهم ولا تبعد عن الغول والعنقاء .)) إلى أن يقول : ((
ونقل بعض شهود عيان أن الدجيرة كائن جني في صورة إنسان تظهر بين الناس
وربما تلبست بالآدمي ، وكانت تظهر في صورة امرأة عجوز تطلب مساعدة الناس في حمل
بعض أمتعتها في الأزقة .
ولهذا
يقول الراوي المكي : كانت هذه ( الدجيرة ) ( تندس ) أو تختفي عن أبصار الناس فإذا
عسعس الليل وسجى خرجت ( لأذيتهم ) وخطف أولادهم الصغار لتزوج سبابهم , وكانوا يرون
لها مثل أرجل الحمار ولها شراشر وخلاخل ذات أصوات وكُشح ، فإما أن يتشجع الواحد
منهم ويسير صامدا في الأزقة بلا خوف وإما أن يفر هاربا . )) ، وقد ذكر عدة
أزقة في مكة وجدة وفي الطائف تظهر فيها الدجيرة وجده من أشهرها زقاق الخنجي بشارع
الذهب ([7]).
بينما يقول محمد يوسف طرابلسي وفي حديثه عن زقاق الخنجي : (( زقاق
ضيق بحارة المظلوم كأن اهالي جدة يعتبرونه أكثر الأزقة وحشة في الليل ويضربون به
المثل . كما تثار حوله الحكاوي من نسج الخيال والادعاء بأنه مسكون بالجان
والعفاريت ، ولم يكن الأطفال يتجرؤن على المرور به بمفردهم حتى في وضح النهار لأن
ما تسمى بـ ( الدجيرة ) تسكنه .
والحقيقة أنه كانت توجد سيدة كبيرة السن تجلس في الزقاق في غطائها
الأسود بقصد الشحاذة ( الصدقة ) ، وكان يبدو من بعد ظلال الإتاريك المعلق بالزقاق وهو
يتأرجح فتنتج عنه خيالات لأشكال وهمية متحركة ، كما ساهم الدجل في الترويج بسكنى
الجن للزقاق وتحركهم فيه ليلاً من مكان لآخر . علما بأنه كان في منتصف القرن
الماضي ( 14هـ ) خياط أبكم يدعى ( أحمد بادكوك ) له دكان في زقاق الخنجي .
علماً ببأن أسطورة الدجيرة كانت موجودة في مختلف مدن الحجاز . ويبالغ
البعض في وصفها بأن لها أرجل تختفي في النهار وتظهر في الليل وتخطف الأطفال . ))([8]) .
ويذكر عبد العزيز عمر أبو زيد أن الدجيرة تعرف بجدة إلى درجة أنها
ساقت المدينة إلى حالة من الشلل في أحد طرقاتهم ، وتظهر وكانها هادمة اللذات في
مجالسهم ومقلقة لسبات منامهم ، ويصفها المعاصرون لحكايات الدجيرة بأنها جنية ومعها
رضيعها ولها مجلس ( دكة ) ، كما تروى قصصها في زقاق يسمى زقاق الخنجي ، وكان
الأهالي يحذرون صغارهم من الاقتراب من هذا الزقاق ، ويزعم بعض من التقى بها أنها
تنادي الشباب باسمه وتطلب منه العود وقد ارتدت عباءة سوداءء ، وبمجرد أن يقترب
منها للتعرف عليها تفتح عباءتها وتحتضنه وجسدها مملوء بالأشواك القاتلة فتمتص دمه
حتى تقضي عليه .. وهي تارة تظهر في شكل شابة وتظهر في شكل عجوز طاعنة في السن .. وهم
يذكرون أنها حاقدة على جنس الرجال ولديها رغبة في النتقام منهم ويذكرون أنها جنية
متمردة خرجت عن طاعة والدها واستقلت بذاتها وسخرت نفسها لغواية الشباب من بني
البشر ، وقد نقل أبو زيد بعض أحمد قنديل في كتابه ( أبو عرام والبشكة ) فذكر في
تعريفها أنها : سيدة من الجن المشهورات بحبهن للمداعبة البريئة والمباسة غير
العدائية .. وقد تخصصت دون بنات جنسها في التريقة على من لا يعودون لبيوتهم إلا
بعد منتصف الليل وبصورة أخص على العسس .. وتظهر في شكل سيدة من سيدات البلد
المحافظات فهي ترتدي من الداخل الكرتة الطويلة الذيل والأكمام وتحتها السروال
المصري أو الحلبي وعلى رأسها المدورة وبيديها البناجر وبساقيها الخلاخيل ذات
القلاقل ذات الرنين العالي وبقدمها البابوج والخف الأسطمبولي .. ملفوفة بالقنعة
السوداء التركي أو الجاوي .. وعلى وجهها البرقع لا تظهر من ثقبيه إلا العينان
الداعجوتان .. وتمشي الهوينة في تعثر وتكسر .. حاملة بقشة .. فحين يمر عابر السبيل
من زقاق الخنجي أو من الأزقة المجاورة .. تفاجئه بالنظرات الساحرة وتملأ سمعة نغمة
ساحرة منغمة مغردة قائلة له في سحر أخذ : أو .. من فضلك ممكن تشيل لي البقشة دي ؟
وتوصلها معايا للبيت ، فلا يجد إلا الإجابة الفورية المتلهفة : هاتي يا ستي .. انا
تحت أمرك ، فتضحك وتناوله البقشة .. وتتقدمه بخلاخيلها ورنات بناجرها وبقوامها
اللدن يتثنى ويتعثر في غندرة مثيرة .. حيث تقطع الدجيرة زقاق الخنجي الضيق .. ذاهبة
أيبة لمرتين أو أكثر مما يدخل الرهبة تدريجيا بقلب الشهم الشجاع .. وفجأة ترسل
الدجيرة ضحكاتها المجلجلة المدوية دون انقطاع .. يصرخ المرافق محاولا الهرب ..
ولكنها تسد عليه طريق الفرار .. فيبتدئ في الصراخ ثم العويل .. وبعد أن تكون
الدجيرة عملتها فيه تختفي كفص ملح ذاب ومعها بقشتها بعد أن تودعه بقهقهة صاخبة
رهيبة ([9]).
ومن
القصص التي يرويها مفرج السيد عن الدجيرة في بدر، يقول : (( كانت امرأتان جارتان تردان مع بعضهما وفي
ليلة اتت الدجيرة لإحدى المرأتين في صورة جارتها وقالت لها هيا نرد العين فحملت
قربتها الفارغة وملابس اطفالها الوسخة وفي الطريق بدرت من الدجيرة حركة فرأت
المرأة رجلها وهي كما يقولون رجل حمار ففطنت للأمر وقال لها : خذي قربتي وملابس
أطفالي وانتظريني هنا لأنني نسيت ثوب زوجي . وعادت إلى بيتها وقفلت الباب بالضبه
والمفتاح ووضعت على الباب رحى كبيرة تسمى رحي الفول . وانتظرت الدجيرة ثم عادت
تزهم عليها ولم تجيبها المرأة فعرفت انها اكتشفت أمرها فنادتها اسمعي يا جارة صوت
تقطيع قربتك اسمعي يا جارة صوت تقطيع ملابس أطفالك ، وفي الصباح وجدت المرأة قربتها
وملابس أطفالها بجانب باب بيتها وهي مقطعة قطعا صغيرة )) ([10]).
هكذا
تذكر القصة ويؤكد البعض ان هذه القصة حدتث في بدر وأنها حدثت لأمرأة من بدر
والغريب ان مثل هذه القصة ايضا تعرف في فلسطين باسم (( ام عواد والغولة )) ويحدد
البعض أنها من قرية رمون برام الله بفلسطين ([11]) .
وما
يذكره مفرج السيد نرى شبيه له أيضا عند عبد الرحيم الأحمدي بقول : (( وأخطر ما
يوجه السكان هو " الدجيرة " أو الغويلة " التي تطرق أبواب بعض
النساء وتغريهن ليلاً بالخروج للمشاركة في حفلة يسمعن أصوات طبولها وغناء النساء
بها ، وقبل فوات الاوان يلاحظ بعض النسوة أحدى رجلي المرأة بأنها تشبه أرجل الماعز
فتفر عائدة إلى بيتها معتذرة بأنها أنسيت شيئا وسوف تعود به ، ولكنها لن تعود .
ومنهن من لم تلاحظ ذلك فتسقط في الفخ وتتعرض للقتل من قبل هذه المرأة التي أخفاها
الظلام ، وربما أخذ هذا الاسم ( الغويلة ) من الاغتيال أو محرف عن الغوريلا )
. )) ([12]) .
من مادة ( الدجيرة ) من كتابي ( معجم الأساطير )
من مادة ( الدجيرة ) من كتابي ( معجم الأساطير )
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق